تحتضن ايطاليا دورة العاب البحر الابيض المتوسط السادسة عشرة في مدينة بيسكارا من 26 يونيو الى 5 يوليو للمرة الثالثة منذ اعتماد هذه الالعاب التي اقيمت نسختها الاولى في مدينة الاسكندرية المصرية عام 1951. وكانت ايطاليا استضافت النسختين الرابعة في نابولي (1963) والثالثة عشرة في باري (1997)، وهي تسجل بذلك رقما قياسيا من حيث عدد مرات الاستضافة تليها اسبانيا عامي 1955 و2005 في برشلونة والميريا، وتونس (1967 و2001). وايطاليا هي الدولة الاوروبية السادسة التي تستضيف الالعاب بعد اسبانيا وتركيا (ازمير 1971) ويوغسلافيا (سبليت 1979) واليونان (اثينا 1991) وفرنسا (لونغدوك روسون 1993)، كما استضافتها 6 دول عربية هي اضافة الى مصر وتونس كل من لبنان (بيروت 1959) والجزائر (الجزائر 1975) والمغرب (الدارالبيضاء 1983) وسوريا (اللاذقية 1987). وستكون اليونان ثالث دولة اوروبية تستضيف الالعاب اكثر من مرة بعد ايطاليا واسبانيا عندما تحتضن النسخة السابعة عشرة عام 2013 في فولوس، علما بان لبنان اعلن قبل 4 سنوات عن رغبته في استضافتها ليكون الدولة العربية الثانية بعد تونس لكن هذه الرغبة لم تتحقق. واذا كانت المشاركة في نابولي لم تخرج عن الاطار "الابتدائي" لمثل هذه الدورات بعد فترة قصيرة من اطلاقها حيث بلغ عدد الدول 13 دولة تنافس رياضيوها في 18 لعبة، فان دورة باري بعد 14 عاما حققت عددا من الارقام القياسية فارتفع العدد الى 21 دولة، والاخيرة تنافس رياضيوها في 27 لعبة حيث وزعت 230 ميدالية ذهبية (مقابل 93 فقط في نابولي). وتتساوى دورة بيسكارا ارقاما مع دورة باري تقريبا من حيث عدد الدول المشاركة الذي يصل الى 23 دولة سيمثلها ما يزيد على 4 الاف رياضي يقيمون في القرية المتوسطية ويتنافسون في 27 نوعا من الرياضات يقارب فيها عدد الميداليات الذهبية 225 ميدالية والعدد الاجمالي 725 ميدالية. وتشارك في هذه الدورة دول تنتمي الى قارات اوروبا وافريقيا واسيا هي حسب التسلل الابجدي باللغة الانكليزية البانيا والجزائر والبوسنة وقبرص وكرواتيا ومصر وفرنسا واليونان ولبنان وليبيا ومالطا والمغرب وموناكو ومونتينيغرو وسان مارينو وصربيا وسوريا وسلوفينيا واسبانياوتونس وتركيا. اما الالعاب المعتمدة (معظمها للجنسين) فهي العاب القوى والتجذيف وكرة السلة والملاكمة والدراجات ورفع الاثقال والمبارزة والغولف والجمباز وكرة القدم وكرة اليد والكاراتيه والسباحة والجودو والمصارعة (يونانية-رومانية وحرة) وكرة المضرب وكرة الماء والالواح الشراعية وكرة الطاولة والكرة الطائرة والبيتانك والفروسية والرماية على الهدف والرماية على الاطباق والكرة الشاطئية والكانوي-كاياك والتزلج على الماء، اضافة الى رياضات ذوي الاحتياجات الخاصة. وتؤكد هذه الارقام ان الهدف من دورات العاب المتوسط لم يعد يقتصر على مجرد المشاركة وانما تعداه الى المنافسة من اجل الحصول على اكبر عدد من الميداليات من مختلف الالوان ما يفسر الاهمية القصوى التي يوليها المسؤولون عن تنظيم هذه الدورات وكذلك الاعلام الرياضي حيث من المتوقع ان يزيد العدد على 1000 صحافي يعملون في الاعلام المقروء والمرئي والمسموع والى 2000 مع العاملين على المواقع الالكترونية. وتقام منافسات الدورة في عدد من المنشآت الرياضية ابرزها قصر الرياضة في كل من بيسكارا وتيرامو ولوتشانو وملاعب افيتزانو (بيسكارا) والبلدي (تيرامو وفرانكافيلا) وبلوندي (لوتشانو) وبحيرة بومبا (الالعاب المائية). البداية يعتبر المصري محمد طاهر باشا صاحب فكرة اطلاق الدورات المتوسطية بعد ان استوحاها من الدورات الاولمبية، واعتبر ان تنظيم دورة رياضية تجمع شمال البحر الابيض المتوسط بجنوبه وشرقه وغربه من شأنها توطيد اواصر الصداقة بين شباب هذه الدول المتجاورة على غرار الدورات الاولمبية وبذات اهدافها النبيلة. وحمل طاهر باشا على عاتقه مسؤولية اقناع الدول المطلة على البحيرة الزرقاء للمشاركة فيها، وفي العام 1948 استضافت لندن اجتماعا للجنة الاولمبية الدولية وكان طاهر باشا عضوا فيها ومندوبا لها في دول اوروبا فقام بطرح الفكرة التي لقيت قبولا لدى عدد كبير من الدول المطلة على البحر المتوسط. واكد صاحب الفكرة استعداد مصر لاستضافة الدورة الاولى واتفق الحضور على ان تنطلق في صيف العام 1951 فتشكلت لجنة مصرية لتنظيم هذه الدورة الوليدة برئاسة طاهر باشا وافتتحها الملك فاروق وشارك فيها 969 رياضيا ورياضية مثلوا 10 دول في 11 لعبة خلال الفترة من 5 الى 20 اكتوبر 1951. والدول التي شاركت هي اسبانياوفرنسا وايطاليا ويوغوسلافيا واليونان وتركيا وسوريا ولبنان ومالطا وموناكو بالاضافة الى مصر، واستغرق حفل الافتتاح على استاد الاسكندرية 22 دقيقة، واحتلت فرنسا صدارة الدورة، وجاءت ايطاليا ثانية، ومصر المضيفة ثالثة. ولم يكن محمد طاهر باشا المولود عام 1897 غريبا عن الرياضة، وعشق منذ نعومة اظفاره رياضة الرماية وبرع فيها على المستويين المحلي والدولي، لكن عشقه للدراسة كان اكبر فتفرغ لها ودرس العلوم السياسية في سويسرا حتى حصل على الدكتوراة، وعاد الى مصر لينخرط في الحياة السياسية ويصبح احد وجهاء المجتمع بعدما اختير عضوا في البرلمان المصري دورات عدة وحصل على لقب باشا قبل قيام الثورة المصرية في يوليو 1952. وترأس طاهر باشا اللجنة الاولمبية المصرية واختير عضوا في اللجنة الاولمبية الدولية منذ عام 1934، وترأس اللجنة الدولية لالعاب البحر المتوسط منذ تأسيسها وحتى وفاته عام 1970 اثر حادث سير تعرض له في اسطنبول عن عمر ناهز 73 عاما، لكن بصماته على الرياضة في المنطقة العربية والقارية والدولية ما تزال واضحة المعالم.