تعانى تركيا في ظل قيادة أردوغان أزمات طاحنة على خلفية تدهور أوضاع الاقتصاد وانسحاب الاستثمارات، وما خلفه غزوه لسوريا من ردود أفعال منددة بسياساته، وعززت موجة الإقالات والاعتقالات للمعارضين التي طالت أعضاء في حزب الشعوب الديمقراطي، المطالبات بانتخابات مبكرة، ويجمع الخبراء على أن شعبية أردوغان تراجعت وأن مستقبله السياسي في خطر وبات في مهب الريح. الدكتور حسام الغايش الخبير الاقتصادي، يرى إن الأصوات تعالت في تركيا خلال الفترة الأخيرة للمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة، على خلفية الأوضاع المضطربة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وتداعياتها المختلفة المتمثلة في ارتفاع معدلات التضخم والبطالة والأسعار لأرقام غير مسبوقة، حيث ان معدلات البطالة ارتفعت في مايو الماضي إلى (13%) وهو أعلى معدل وصل إليه الاقتصاد التركي منذ عام (2002)، ووصل معدل البطالة في القطاع غير الزراعي إلى (15.3%) في يوليو، ويعتقد أن الأرقام الحقيقية أكثر من ذلك بكثير نتيجة انخفاض فرص العمل للخريجين الجدد بشكل كبير. وأضاف ل(البلاد) أن تركيا تشهد انسحاب استثمارات كبيرة من أراضيها نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية، حيث أعلنت شركة فولكس فاجن عن إرجاء استكمال مصنعها الجديد في غرب البلاد، خشية الآثار السلبية للعدوان التركي على الأراضي السورية، سبقها في ذلك إعلان شركة هوندا اليابانية إغلاق مصنعها بتركيا سبتمبر (2019)، خاصة وإن حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه إردوغان، وحزب الحركة القومية المتحالف معه يسرقان إرادة الشعب بتعيين أوصياء على البلديات بدلا عن رؤسائها المنتخبين. ويحاكم مئات من أعضاء الحزب ونوابه بالبرلمان وزعماء سابقون له في اتهامات تتعلق بالإرهاب وحكم على الكثير منهم بالسجن، وهو الحزب الوحيد بالبرلمان التركي الذي عارض التدخل العسكري في شمال شرقي سوريا، الذي بدأته تركيا في 9 أكتوبر الماضي تحت اسم عملية"نبع السلام". وأكمل أنه كان متوقعا أن يعلن الحزب استقالة 19 من نوابه في البرلمان، من أجل الدعوة لانتخابات برلمانية جزئية في 30 ولاية تركية، لكنه قرر الدعوة لانتخابات عامة مبكرة بسبب الأوضاع السياسية القائمة، وبحسب المادة 78 من الدستور التركي، تتم الدعوة لانتخابات برلمانية جزئية، تجرى خلال 3 أشهر من الدعوة إليها، إذا حدث فراغ ل5% من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما يعني 30 مقعدًا من أصل 600 مقعد. أما في الأحوال العادية فلا يجوز التوجه إلى الانتخابات المبكرة قبل أن يكمل البرلمان عامين من دورته الممتدة إلى 5 أعوام. وشهدت تركيا انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة في 24 يونيو 2018، وبذلك فإنه لا يمكن الدعوة إلى انتخابات أخرى مبكرة قبل يونيو 2020. إقالات واعتقالات وقال الدكتور مسعود حسن الخبير السياسي إنه على عكس ما يدعي أردوغان من حرية وديمقراطية يدير بها تركيا، إلا أن الشواهد تؤكد عكس ذلك، فإنه يمارس باعتقال واقالة 42 من رؤساء البلديات التابعين لحزب الشعوب الديمقراطية نوعا من الفاشية ضد القوميات المخالفة له. وأضاف ل(البلاد) أن رغبة أردوغان في تحجيم خصومه بالقوة قد صورت له قدرته في السيطرة على المعارضة بالقمع، لكن مع تزايد الغضب والتظاهرات ضده بات محاصرا في الداخل إضافة الي الأوضاع الخارجية خاصة في سوريا، لافتا إلى أن مؤشرات تؤكد ثمة ضعف بدأ في الحزب الحاكم، وأنه لم يعد قادرًا على حل المشاكل الداخلية في البلاد، وخسارة أردوغان في الانتخابات البلدية ومن ثم حملة الإقالات والاعتقالات التي طالت أحزاب معارضة، تؤكد إرتباك أردوغان والمعارضة لن تفوت الفرصة في استخدام التعثرات التي وقع فيها الرئيس التركي لصالحها. وأكد الخبير السياسي بأن قمع وعنف أردوغان للمعارضة وغزوه لسوريا قلصت شعبيته، وستؤثر على مستقبله في رئاسة تركيا.