يشهد قطاع ريادة الأعمال في المملكة نموا متزايدا ، في ظل خطط الدولة ليكون جزءا حيويا من القطاع الخاص وحافزا رئيسيا لنجاحه وقدرته تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية، وفي نفس الوقت الاسهام بمعدلات أعلى في توفير فرص العمل ، لذلك فإن الرهان على مستقبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو خيار طموح ، كإحدى الرافعات الواعدة للنمو ، خاصة وأنها تشكل النسبة الأكبر من إجمالي عدد المنشآت التجارية والاستثمارية في المملكة. المستهدف تجاه هذا القطاع الاقتصادي العريض، هو رفع اسهاماته في الناتج الإجمالي من 21 % إلى 35 % خلال عقد زمني حتى 2030 ، من خلال خطط هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ، وقد تحقق الكثير من الخطوات الإجرائية وتوفيرالبيئة التشريعية الداعمة، كالاشتراط على الشركات الكبرى استخدام منتجات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عند تنفيذ المشاريع الحكومية، وإلغاء الضمان الابتدائي في نظام المشتريات الحكومية الجديد، مما يعزز فرضية حضورها المستقبلي في النمو الاقتصادي والتوظيف تدوير عائدات هذه المنشآت داخل المملكة من خلال توطين انشطتها. وسبق أن دشنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ممثلة في برنامج بادر لحاضنات ومسرعات التقنية، وبالتعاون مع صندوق التنمية الصناعية، مبادرة استراتيجية جديدة تتمثل في إنشاء أول مسرعة أعمال خاصة في المملكة بمشاركة 13 جهة حكومية تدعم وتستثمر في المشاريع الصناعية الناشئة ، وتهدف هذه المبادرة إلى دعم المشاريع الصناعية الناشئة ذات الجدوى الاقتصادية، التي تكون غير مستوفية للشروط والمتطلبات اللازمة للحصول على الدعم المالي والاستشاري من صندوق التنمية الصناعية السعودي. وطبقا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء،يقدر عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة بأكثر من 950 ألف منشأة ، تصنّف 88% منها كمشروعات متناهية الصغر ، وطبقا للدراسات توفر فرص هائلة لاستثمارات واسعة وفرص عمل في مجالات تجارة التجزئة ومشاريع التصنيع والخدمات الصغيرة والمتوسطة. وفي ظل الدعم المتنامي لهذا القطاع خاصة ريادة الأعمال ، لم يعد التمويل عائقا وحاجزا كما كان في السابق، خاصة بعد تأسيس صندوق رأس المال الجريء برأسمال قدره 2.8 مليار ريال، وبرامج التمويل و«كفالة» من جانب الجهات الحكومية والشركات الكبرى في المملكة كسابك، وأرامكو لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة لتوفر حلولا لقضايا التمويل لهذه المنشآت في الماضي. ونظرا لضخامة هذا القطاع فإن من شأن تنميته تعزيز أصوله وحركته المالية التي تقدر حاليا بأكثر من 600 مليار ريال إلى وفق الدراسات وتقدير الخبراء، خاصة مع توطين القطاع وتطوير أنشطته ودخول مجالات حديثة في أنشطته خاصة المشاريع التقنية الصغيرة والمتوسطة لتتواءم مع متطلبات المستقبل واحتياجاته. وفي هذا السياق تم مؤخرا تفعيل أكثر من 12 مليار ريال من حزمة تحفيز القطاع الخاص، وتخصيص 20,6 مليار ريال بين تمويل واستثمار في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة. أيضا توسيع روافد التمويل حيث بلغ حجم القروض للشركات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر نحو 108.5 مليار ريال بنهاية العام الماضي 2018 . وطبقا لبيانات مؤسسة النقد العربي السعودي، فإن 93% من هذه القروض بما يعادل 100.7 مليار ريال مقدمة من المصارف، ونسبة 7 % أي مايعادل 7.7 مليار ريال، فيعود إلى شركات التمويل. وفي إطار الاهتمام بهذا القطاع في كافة مناطق المملكة شهدت المنطقة الشرقية مؤخرا ملتقى ومعرض رواد الأعمال الشباب وحظي بمشاركة واسعة من رواد ورائدات الأعمال ووجهات الدعم والتمويل لتميكن رواد الأعمال المحلية والخليجية، واستقبل نحو 300 مبادرة ومشروع ريادي، وتوقيع أربع اتفاقيات ومذكرات تفاهم، منها ثلاث اتفاقيات وقّعتها غرفة الشرقية مع كل من غرفة تجارة وصناعة البحرين، ومؤسسة الشيخ محمد بن راشد لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة بدولة الإمارات، والصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دولة الكويت، وبنك الرياض، بهدف دعم تمويل المشاريع الريادية، بالإضافة إلى أول اتفاقية منح امتياز تجاري لإحدى شركات الصيدلة. ومن الأدوار المهمة التي يرتكز عليها نمو نمو هذا القطاع ، تأتي مهام معهد ريادة الأعمال الوطني “ريادة” في الإشراف والمتابعة للمشاريع ، كما ينفذ “ريادة” حزمة واسعة من الدورات والمحاضرات لشباب الأعمال من الجنسين في مناطق المملكة المختلفة. فيما تعكف هيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع هيئة توليد الوظائف على وضع خطة لتوليد الوظائف بالتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى ، ودعم وتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة ورواد ورائدات الأعمال، وجهودها بمراجعة واقتراح الأنظمة واللوائح والسياسات الخاصة بتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتابعة تطبيقها.