تزايد الاعتماد على قوارير المياه البلاستيكية بمختلف أحجامها ومقاساتها، في كل مناحي الحياة، ولكن اتضح أن عمليات النقل والتخزين لهذه المياه، أصبحت تشكل عبئاً صحياً على المستهلك مؤديةً إلى الإصابة بأمراض خطيرة؛ بسبب ارتفاع درجات حرارة هذه المياه داخل العبوات والقوارير البلاستيكية. “البلاد” حاورت مستشار الإعلام الصحي الصيدلي صبحي الحداد، عن إشكاليات هذا الأمر فقال : يتسابق أصحاب مصانع عبوات مياه الشرب البلاستيكية، ومحلات بيع ‘المياه الصحية' لتوزيع وتسويق إنتاجهم من خلال وسائل نقل، تفتقد إلى أدنى الشروط الصحية والبيئية حيث تتعرض قوارير البلاستيك إلى الغبار والأتربة والرطوبة والحرارة العالية صيفاً، ما يساهم بشدة في إشعال فتيل قنبلة صحية موقوتة بأجساد مستخدميها . فعربات النقل هذه التي تنقل كراتين المياه من المصانع إلى المستودعات ونقاط البيع والتوزيع، هي عربات مكشوفة تقطع مسافة طويلة من المصانع البعيدة إلى داخل المدن ، تتعرض خلالها الكراتين لحرارة عالية. أضف إلى ذلك ترك تلك الكراتين في العراء، قبل إدخالها إلى المستودعات، التي ربما تفتقر أيضا لوسائل التبريد والتخزين الجيد و النظافة. كذلك نجد العربات الأخرى التي توزع مياه الجوالين الكبيرة سعة 20 لترا للمنازل والمحلات، مكشوفة أيضا وتتعرض للحرارة العالية خلال النهار. كذلك يضع أصحاب البقالات جوالين المياه خارج محلاتهم، تحت أشعة الشمس وحرارة الجو اللاهبة؛ لذا يلزم تجهيز هذه العربات بمبردات لتكون صالحة لنقل هذه المياه، كما تنقل المواد الغذائية والأطعمة. ويضيف د.الحداد : مسألة أخرى هامة نلاحظها في محطات تعبئة الوقود، وهي توزيع عبوات مياه بلاستيكية للزبائن، موضوعة بجوار المضخات تحت حرارة الجو وأشعة الشمس وانبعاثات البنزين، وفي هذا خطر كبير على مستخدمي تلك المياه للشرب. ويستكمل : تشير الدراسات العلمية إلى احتمالية عالية لإصابة الأشخاص، الذين يشربون المياه من قوارير البلاستيك المعرضة للشمس، بالسرطان بسبب تفاعلات كيمائية تحدث بين البلاستيك والحرارة حيث تتحرر مواد خطرة من البلاستيك بفعل الحرارة، يطلق عليها ‘ديوكسين ‘ شديدة السمية على خلايا الجسم مسببةً السرطان؛ لذلك خبراء البيئة يحذروّن من مادة ‘ ديوكسين ‘ السامة، التي تؤدي إلى السرطان ويؤكدون على ضرورة حفظ المواد البلاستيكية تحت حرارة ما بين 20 إلى 25 درجة مئوية، بعيدًا عن أشعة الشمس التي تعمل على تحليل المواد الكيميائية في البلاستيك، وتساهم في حدوث أمراض عديدة؛ ك السرطان وغيرها من الأمراض الخطرة محذراً من وضع قوارير البلاستيك لفترة طويلة تحت أشعة الشمس، أو تركها في السيارة، ثم الشرب منها. ويختتم د.الحداد : هل من تشريعات خاصة في هذا الأمر، تحفظ للناس صحتهم وتمنع عنهم إصابات مرضية خطيرة، هم في غنى عنها..!! BPA تسبب سرطان الثدي أما أستاذ المكافحة الحيوية المشارك ورئيس قسم زراعة المناطق الجافة بكلية الأرصاد والبيئة والمناطق الجافة، بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة الدكتور خالد عسيري فيقول : تعتبر مادة (ثنائي الفينول أ Bisphenol A) الكيميائية، والمعروفة اختصارًا ب BPA ، هي المادة المستخدمة في تصنيع عبوات المياه وكذلك تدخل في العديد من الصناعات مثل رضاعات الأطفال البلاستيكية، وحشوات الأسنان، والأجهزة الطبية، وعدسات النظارات، والأقراص المدمجة بالإضافة إلى دخول هذه المادة ضمن الأطعمة، والمشروبات المعلبة، ورغم أن ال BPA تعتبر أقل ضررًا بالصحة، مقارنة بالأدوات البلاستيكية الأخرى، إلا أن تعرض عبوات المياه للحرارة لفترة طويلة، قد يلوث الماء الموجود بداخلها مما قد يؤدي إلى اضطراب الغدد الصماء، واضطرابات تناسلية عند الإناث، والعجز الجنسي عند الذكور، وقصوروظائف المخ، والذاكرة، والتعلم، بالإضافة إلى أمراض القلب، و السكري كما أشارت دراسة في جامعة يال الأمريكية إلى وجود علاقة بين مادة ال BPA ، وخطر الإصابة بسرطان الثدي بين النساء اللواتي تتعرضن ل BPA. وأضاف الدكتور عسيري : للحد من خطورة مادة ال BPA ننصح بعدم تناول الأطعمة والمشروبات المعلبة، وأخذ الحيطة والحذر ومراعاة الظروف الجوية الحارة عند نقل وتخزين عبوات المياه، بأن تنقل في سيارات مجهزة بالتكييف، وأن تُخزن هذه العبوات في درجة حرارة الغرفة 25 درجة مئوية، وعدم تعريض هذه العبوات لحرارة الشمس. بدائل موجودة يقول المواطن إبراهيم السهلي : إن الجميع اعتاد على إعادة استعمال القوارير البلاستيكية للمياه المعدنية، أو الاحتفاظ بها في سياراتهم أو منازلهم؛ إذ تكون آمنة عند استعمالها لمرة واحدة فقط، وإذا ما اضطر الشخص للاحتفاظ بها، فيجب ألا يتعدى ذلك بضعة أيام أو أسبوع على أبعد تقدير، مع الانتباه لإبعادها عن أية مصادر حرارية. وتابع : إن إعادة غسل القارورة وتنظيفها، يسبب تحلل المواد المسرطنة، وتسربها إلى المياه التي تشربها. ونصح السهلي باستعمال القوارير الزجاجية؛ كونها تصلح لعدة استعمالات، لتفادي أية آثار محتملة، ويجب على الجميع اختيار الأماكن، أو المحلات التي يقوم بتعبئة المياه فيها، والتأكد من سلامة وشكل خطوطها. وطالب الجهات المعنية بتكثيف الرقابة على مثل هذه المحلات، وتشديد العقوبات عليها من فترة إلى أخرى. فيما قال فرج الحربي : إن البلاستيك المستعمل في صناعة قناني المياه، لا يعد مضراً للبيئة فحسب بل بالصحة أيضاً، ويمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالأمراض. بالرغم من استعمال الشركات المصنعة مادة « ثنائي الفينول أ » في تصنيع العبوات، وهي تعد أقل إضراراً بالصحة مقارنة بالأدوات البلاستيكية الأخرى، لكن لهذه المواد تأثير كيميائي ملوث يصل إلى الماء عندما تتعرض للحرارة لمدة طويلة ومن المعروف أن شرب الماء يزيد من طاقة الجسم وحيويته، فالماء ليس منعشاً فحسب بل له دور مهم في جميع وظائف الجسم، الأمر الذي جعل منه سلعة تجارية، تتنافس على بيعها الكثير من الشركات التجارية. بدورها تواصلت « البلاد » مع الجهة المختصة « بأمانة محافظة جدة » ؛ للرد على الاستفسار بوجود مثل هذه المحلات العشوائية، إلا أنها لم ترد حتى نشر هذا التحقيق.