تأتي الأمراض المزمنة في مقدمة الأسباب الرئيسية للوفيات عالميا، ومن ذلك، أمراض القلب والأوعية الدموية ، والسمنة ، ومرض السكري وبعض انواع السرطان. وبالبحث عن الجذور المسببة لهذه الأمراض ، نجد أن جلها ، يرتبط بعوامل تتعلق بنمط الحياة الذي يعيشه الفرد ، وسلوكياته الصحية ، كالنظام الغذائي السئ، والتدخين، والخمول البدني، وغيرها . وعلى الرغم من انتشارها الواسع، إلا أن 80 % منها يمكن الوقاية منه، عبر توصيات تعزز من اتباع نمط حياة صحي ، يساهم – بإذن الله- في أن يعيش الفرد حياة أطول ، بصحة أفضل ، وبإعاقات أقل ، من ما يعني زيادة في جودة حياته، وتحسين نوعيتها. وفي عام 1989 م ، وخلال مؤتمر عقد في بروكسل، ظهر مصطلح طب نمط الحياة لأول مرة ، في ورقة أحد الباحثين ، الذي قدم بحثا عنوانه : التحكم بالسرطان ، وطب نمط الحياة ، أشار فيها إلى علاقة التدخين باعتباره سلوكا ونمط حياة بالإصابة بسرطان الرئة ، وضرورة التركيز على احداث تغيير في السلوك كوسيلة ناجعة للعلاج . أعقب ذلك ، دراسة مهمة أظهرت تقدما في صحة المصابين بمرض الشريان التاجي عند التزامهم بنمط حياة صحي ، تلتها دراسة اخرى أوضحت تحسنا كبيرا في مستوى السكر ، والدهون في الدم ، ووزن الجسم لدى 20 الف مصاب بالسكري ، التزموا بنمط غذائي نباتي منخفض الدهون لمدة 18 اسبوعا متواصلة. ومنذ ذلك الحين ، توالت دراسات كثيرة ، أظهرت نتائجها أن التحكم في نمط الحياة وتغيير السلوكيات الصحية الخاطئة ، أدى إلى الحد من عوامل الخطر المسببة للأمراض المزمنة بشكل كبير. ونتاجا لهذا التراكم المعرفي ، بدأت ملامح طب نمط الحياة في التشكل ، كمنهج ينطلق من مفهوم أن نمط الحياة يرتبط ارتباطا وثيقا بانتشار الأمراض المزمنة. وبعبارة اخرى ، فإن طب نمط الحياة يقوم على استخدام تدخلات غير دوائية، تقوم على تغيير نمط الحياة في علاج الأمراض المزمنة ، كالنظام الغذائي (التغذية) ، والتمارين ، والإقلاع عن التدخين ، وإنقاص الوزن وغيرها من الطرائق. واعترافا بذلك ، أصدرت جمعية القلب الأمريكية في 2016 ، بيانا اقترحت فيه على عمداء كليات الطب إطاراً لدمج أهداف تعليمية وتدريبية تعزز من قدرات طلاب الطب ومهاراتهم في ممارسة تقديم الرعاية الوقائية للمرضى عبر منهج متكامل لطب نمط الحياة. وعلى الرغم من تعالي الأصوات التي تنادي بتعزيز دور طب نمط الحياة في مكافحة الأمراض المزمنة ، إلا أن الفجوة التعليمية في مواكبة ذلك مازالت قائمة في مناهج كليات الطب ، حيث أظهرت النتائج التي توصلت إليها دراسة على عينة من طلاب الطب في الولاياتالمتحدة أن أقل من 19 ٪ من طلاب الطب في سنتهم التعليمية الاخيرة يشعر انه تلقى تدريباً كافياً في مجال طب نمط الحياة. وعلى مستوى الأطباء المقيمين ، أظهر استبيان وزع على عينة منهم ،أن 94٪ ممن شملهم الاستطلاع يعتقد أن نموذج التعليم الطبي الحالي غير كافٍ في مقاربته لتعزيز مهاراتهم في احداث تغيرات في نمط الحياة لدى مرضاهم.