أكد قينان الغامدي الكاتب الصحفي السعودي ورئيس التحرير الأول لصحيفة الوطن السعودية على أن الصحافة الورقية في العالم تعيش حالة من الاحتضار وتعاني من هاجس الانقراض بسبب التحديات التي فرضها ظهور الصحافة الالكترونية. وأعاد الغامدي أسباب توقف بعض كبريات الصحف العالمية عن إصدار نسختها الورقية إلى عاملي الأزمة المالية العالمية ومنافسة الصحف الالكترونية، وأضاف في محاضرته التي ألقاها مساء الثلاثاء الماضي في نادي المنطقة الشرقية الأدبي أن من المفارقات أن الكثير من مراكز الدراسات التابعة للصحف في أوروبا قلقة بشأن مستقبل النشر الورقي بينما تبدي الصحف العربية اطمئنانها و عدم اكثراثها بالأمر رغم فقدانها للمستوى المهني الذي تتمتع به مثيلاتها الأوروبية. وأضاف الغامدي أن مركز بيو الأمريكي للأبحاث اصدر تقريرا في فبراير الماضي وصف فيه واقع الصحافة الورقية في عام 2008م " بالمرير "، و رسم التقرير صورة متشائمة للصحافة الورقية عام 2009م ، كما أكد التقرير توجه الأمريكيين للإنترنت لمعرفة الأخبار مقابل انخفاض قراء الصحف الورقية من 34% عام 2006م إلى 25% في بداية عام 2009م. وقال صاحب العمود اليومي الشهير (صباح الوطن) أن حالة من الاستنفار التي تعيشها الصحافة الورقية العريقة في العالم لوضع الخطط التي تضمن لها البقاء موضحاً أنها تعوّل على المعايير المهنية في الدرجة الأولى لمواجهة طوفان الانترنت مستشهداً بصحيفة الفايننشيال تايمز، التي التقى الغامدي رئيس تحريرها أثناء زيارته لبريطانياً، حيث أعدت الصحيفة خطة تحفظ استمرارية طبعتها الورقية من خلال المحافظة على معدل انخفاض لا يتجاوز 3% سنويا لمدة 25 سنة قادمة تقابلها خطة لزيادة متصفحي صحيفتهم الالكترونية بنسبة 25% سنويا خلال نفس المدة. وأكّد الغامدي وجود مأزق كبير تعانيه الصحافة الورقية عندما مشيراً إلى أن شركات تصنيع الورق وبالتضامن مع شركات المطابع الكبرى قد رصدت مليارات الدولارات لدراسة أوضاع الصحف الورقية وكذلك الاستهلاك الورقي والذي يتزايد سعره من حين إلى آخر. واستنكر الغامدي وضع الصحف الورقية المحلية وعدم استشعارها بالخطر المحيط بها والمتمثل في دائرة الاتصال بين الورقي والالكتروني والتلفزيوني في شركات إعلامية موحدة كما في أمريكا وأوروبا مضيفاً " أخشى ألا تعي الصحافة العربية أهمية ذلك إلا بعد أن يقفز العالم مسافات ضوئية متعددة" . وأضاف أن مواقع الصحف الإلكترونية التابعة للصحف العربية هي مواقع جامدة لا تتعدى كونها نسخة مطابقة للصحيفة الورقية، خالية من التفاعل مع الجمهور رغم وجود ميزة التعليق على المقالات والأخبار. وأكد الغامدي على عجز الصحف الإلكترونية العربية متابعة الحدث في حينه مستشهدا بالتغيير الوزاري الأخير في المملكة العربية السعودية حيث انتظرت الصحف الورقية المحلية إلى اليوم الثاني ولم تذكره في مواقعها الإلكترونية بينما نقلت الخبر في وقته العديد من الصحف الالكترونية العالمية. واختتم الغامدي محاضرته بالإشارة إلى أن المملكة تعتبر من أكثر بلدان العالم تزايدا في عدد السكان مضيفا بأن الشباب أكثر إقبالا على التقنية الحديثة من إقبالهم على الورق. وفي جانب من رده على أسئلة الحضور الذين انتقدوا غياب الجرأة في أسلوب الغامدي بعد عودته من بريطانيا، أوضح الغامدي أن تجربته التي عاشها في بريطانيا غيرت الكثير من منهجيته في التعاطي مع القضايا، واصفاً نفسه بأنه كان مهاجما وجريئا وصارخا وصادما ما اضر ببعض القضايا التي كان يتصدّى لها كما أضرّ بمصالح بعض من يدافع عنهم. وأضاف أنه أصبح الآن "أكثر نضجا وتثبتا "، وقال أنه يشعر بالخجل من نفسه يراجع بعض مقالاته السابقة لتعجلها وضعف الموضوعية فيها. وعن مجموعة من الأسئلة حول الحرية رأى الغامدي أن الإعلان والمجتمع أكثر تحكما في سقف الحرية من الأنظمة والقوانين مبينا أن الوضع الحالي للحرية في المملكة يعتبرا مقبولا جدا. وفيما يتعلق برئاسته لتحرير دنيا الشرق قال بعد ان رفضت ان اكون مديرا عاما اشاروا على بان اتولى رئاسة التحرير في دنيا الشرق وكان ذلك قبل ستة اشهر ولم يحدث ان تتطرقنا الى هذا الامر بعد ذلك الوقت . الجدير بالذكر ان المحاضرة تطرقت الى تطور الصحافة الورقية في المملكة منذ نشأتها في منتصف الاربعينيات من القرن الهجري الماضي معتمدة على المدرسة الانشائية المصرية حتى حدث الانقلاب الجوهري على هذه المدرسة الانشائية عقب صدور جريدة الوطن في الربع الاول من العام 2000م مستفيدة من المدرسة اللبنانية حتى تجاوزت هذه المدرسة وذلك بالاستفادة من اخر ما توصلت اليه مهنة الصحافة العالمية سواء الاوروبية او الامريكية .