يعيش أسرى فلسطين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي واقعاً قاسياً ومؤلماً، بل إن حصاد عام 2018 لم يكن قاسياً فقط، أو مؤلماً فحسب، بل كان خطيراً، حيث شهد انتهاكات كثيرة وجرائم عديدة في ظل التحريض المتصاعد ضدهم، بمشاركة كافة مكونات النظام السياسي في دولة الاحتلال. والأخطر مناقشة وإقرار مجموعة من القرارات والقوانين التي تهدف إلى تضييق الخناق على الأسرى وتشريع الانتهاكات والجرائم بحقهم،الأمر الذي أدى إلى توسيع دائرة الجريمة، وارتفاع وتيرة الانتهاكات وصعوبة الحياة داخل السجون، في تحد سافر ومعلن لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث تسعى دولة الاحتلال إلى تجريم نضالات الأسرى وتقديمهم للعالم على أنهم مجرمين وقتلة ولايستحقون الحياة، وأنهم ليسوا مناضلين ومقاومين يدافعون عن أبسط حقوق شعبهم. وأكد المختص في شؤون الأسرى والمحررين عبد الناصر فروانة تصاعد الاعتقالات خلال العام المنصرم بشكل لافت وكبير، فيما لا يزال يقبع في سجون الاحتلال نحو (6000) أسير موزعين على قرابة 22 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف أبرزها: نفحة، ريمون، جلبوع، شطة، النقب، عوفر، مجدو، هداريم، الرملة، عسقلان، بئر السبع، وغيرها، بينهم (250) طفل بينهم فتاة قاصر، و (53) فتاة وامرأة، و(8) نواب في المجلس التشريعي، و(22) صحافياً، وقرابة (450) معتقل إداري، دون تهمة أو محاكمة. واشار فروانة فى حديثه ل"البلاد" إلى وجود (48) أسيراً في سجون الاحتلال الإسرائيلي مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل، وأن من بين هؤلاء الأسرى يوجد (27) أسيراً منهم معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو وجميعهم قد مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن وأن (13) من هؤلاء قد مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاما وأقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ أكثر من (36) عاماً، إضافة إلى عشرات آخرين ممن تحرروا في صفقة "شاليط" وأعيد اعتقالهم، وأن الكثير منهم أمضوا عشرين عاما، بل وأكثر من ثلاثين عاما على فترتين وأكثرهم الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى على فترتين ما يقارب من 39 سنة. وشدد فروانة على أن سلطات الاحتلال لا تفرق في اعتقالاتها ومعاملتها القاسية وإجراءاتها الاستفزازية أو حتى في ظروف الاحتجاز بين الفلسطينيين، ذكوراً كانوا أم إناثا، حيث اعتقلت الآلاف من النساء والفتيات ، وخلال العام المنصرم 2018 اعتقلت نحو (140) فتاة وسيدة من مناطق فلسطينية مختلفة، وما زالت تحتجز في سجن الدامون (52) أسيرة، بينهن (19) أسيرة موقوفة، وأسيرتين قيد الاعتقال الإداري، وجميعهن من الضفة الغربيةوالقدس باستثناء ثلاث أسيرات من قطاع غزة. موضحاً أن جميعهن موجودات في قسم يحتوي على 13 غرفة، بينها غرفة عزل مع كاميرات، ويتغير عددهن حسب الاعتقالات الجديدة أو الإفراج عن بعضهن. لافتاُ إلى أن من بين الأسيرات القابعات في المعتقل: نائب في المجلس التشريعي هي "خالدة جرار"، وثماني أسيرات جريحات أُصبن وقت اعتقالهن وأبرزهن الأسيرة "إسراء الجعابيص"، والعديد من الأسيرات المريضات، و(22) أسيرة أُم، منهن زوجات وأمهات شهداء وأسرى بالسجون، مع الإشارة إلى أن بعض الأسيرات يقضين أحكاماً بالسجن لمدة 16 عاماً . إسراء الجعابيص وعن الأسيرة "إسراء الجعابيص" قال فروانة إن إسراء أم فلسطينية اعتقلت جريحة بتاريخ 11 أكتوبر 2015، وتبلغ من العمر 33 عاما، وهي مقدسية من بلدة جبل المكبر جنوبالقدسالمحتلة، وحكم عليها بالسجن الفعلي لمدة 11 عاماً بتهمة ألصقت بها، وذلك حين انفجرت اسطوانة غاز كانت تقلها بسيارتها على بعد خمسمئة متر من حاجز عسكري نتيجة إطلاق قوات الاحتلال النار على سيارتها بينما كانت عائدة من مدينة أريحا إلى مدينة القدس. ومع الانفجار اشتعلت النيران في سيارتها والتهمت الحروق جسدها، وأصيبت بجروح من الدرجة الأولى والثانية والثالثة في 50% من جسدها، وباتت في وضع صحي يصعب وصفه، وهي بحاجة لرعاية طبية وعمليات جراحية عديدة في ظل إهمال طبي متعمد من قبل إدارة سجون الاحتلال، مما يفاقم من معاناتها ويضاعف آلامها ويزيد من وجعها. أما عن الأسرى المرضى فقال المختص في شؤون الأسرى والمحررين إن :" أكثر اللحظات ألماً وصعوبةً، هي تلك التي نقرّر فيها الكتابة أو الحديث عن الأسرى المرضى، الذين يتحالف عليهم المرض ووجعه، والسّجن وعذاباته، والسّجان وقسوة معاملته، إنهم مرضى ليسوا كالمرضى، وسجناء ليسوا كالسجناء، فهم مرضى لا يعتني بهم أحد، وهم سجناء مصفدون بسلاسل من الحديد، تزيد ألمهم ألما، وتقيد حركتهم وتضيف إلى سجنهم سجنا، يعيش الأسرى الفلسطينيون في السجون والمعتقلات الإسرائيلية أوضاعاً صحية استثنائية، قلما يعيشها أسرى أو معتقلون في مناطق أخرى من العالم، فصور معاناتهم متعددة، والانتهاكات بحقهم كثيرة، ولدينا مئات الشهادات والقصص القاسية، التي تروي تفاصيل سوء الظروف وقسوة المعاملة، وتعكس حجم المأساة وأشكال المعاناة، وبشاعة التعامل الإسرائيلي مع أكثر القضايا الإنسانية"مؤكد أن الملف الطبي هو الأقسى ألماً ووجعاً، والأكثر إلحاحاً وسخونة من بين ملفات الحركة الوطنية الأسيرة خصوصا مع استمرار الاستهتار الإسرائيلي.