ليست قصة امرأة واحدة، ولا رجلا واحدا .. بل.. ولا عشرات الألوف من القتلى والسجناء، ولا من تم صلبهم في مشانق رعب العمائم السوداء، بأوامر ملالي طهران .. وذلك من منطلقات، لا تقل في إرهاب الداخل، عن ممارسة النظام في إرهاب الخارج. وهنا قصة واحدة من ضحايا الظلم والظلام، وروايات للتاريخ عن فقيه إيران، الذي لا تخرج ولايته عن مفهوم التدمير، الذي كان قد بدأ نحو خارطة عالم، يرونه أقرب إلى أهداف شرورهم، وإن تباعدت المسافات. لكنه يرتكز على عقيدة العدوان، و(لعنة) تكريسها ايضا، في عزلة عن العالم. فقد احتجزت «مريم أكبري منفرد» السجّينة السياسية، القابعة في عنبر النساء، ب سجن إيفين في عام2009، وأصدرت محكمة الثورة، برئاسة القاضي المجرم أبو القاسم "صلواتي"، حكما عليها بالحبس لمدة 15عاماً. وكتبت السيدة «أكبري»، وهي أحد أفراد أسرة، كان لها ضحايا من السجناء المعدومين، في عقد الثمانينات، رسالة مفتوحة ، رداً على تصريحات القاضي صلواتي، الذي زعم أنها كانت مدرجة في قائمة الأفراد المشمولين ب«العفو». وأكدت السيدة أكبري منفرد، في هذه الرسالة : أنا فخورة ومشتاقة للغاية بقلب مفعم بالحيوية، بعد مضي 9 سنوات من السجن، حيث أمضيت كل لحظاتها، ليس فقط لمقاضاة المسؤولين عن دم شقيقتي وأشقائي، وليس فقط لمقاضاة المعنيين عن كل حياتي، التي سُلبت مني ، بل لأقاضيهم؛ بسبب استلاب 9سنوات من حياة أطفالي، كما أقدّم المقاضاة ضدّكم، بما سلبتم من لحظاتهم الطفولية؛ فلذلك من له الحق لمنح العفو والتسامح، هو أنا، ومواطنونا المكبّلون. ومن خلال مصادري الخاصة في المعارضة الإيرانية ، فقد تلقيت رسالة السجينة، مريم أكبري منفرد، القابعة بجناح النساء في إيفين الإيراني، حيث كتبت رسالة مفتوحة إلى القاضي صلواتي، السيئ الصيت في محكمة الثورة بطهران. قالت السيدة أكبري منفرد: إن هذه الرسالة المفتوحة، هي رد على القاضي صلواتي – الذي قال لزوج السيدة أكبري منفرد في المحكمة لمتابعة وضع ملفها – "أتابع الأمر، لأرى هل اسمها مدرج في قائمة العفو أم لا"؟ وكتبت السيدة أكبري في جانب من هذه الرسالة: في خضم كل حالات العجز والبؤس هذه، التي شعروا بها في بداية نهايتهم، يريدون أن يغطّوا على كل هذه السنوات من القسوة، والخداع، بغطاء العفو، ليمحوا كل ما فعلوه ضد أبناء الشعب الإيراني. وفي فيما يلي النص الكامل للرسالة: كان المجتمع الإيراني في خضم الثورة ، وظهرت أول "عيد نوروز" بعد الثورة، وكانت الخلافة الإسلامية المزعومة، تحاول إخفاء طبيعتها الاستبدادية، تحت ستار الديمقراطية (استفتاء للجمهورية ) وتخفي قيمها المعادية للتاريخ والمعادية للإنسانية تحت هذا الستار. وبعد ذلك ظهرت الأيام السوداء الواحدة تلو الأخرى. في تاريخ حياة الأمم ، هناك أحداث تمتد آثارها وطبيعتها في بعض الأحيان إلى أجيال. إن أحداث عقد الثمانينات والحرب الإيرانية-العراقية، التي استمرت ثماني سنوات، كان وقودها شباب وطلاب المدارس، الذين استخدموا لفتح حقول الألغام، وما تم من إعدام أنبل أبناء إيران، كانت أول هدية للجمهورية الإسلامية للشعب الإيراني. كانت البنية التحتية للمجتمع على وشك التدمير السريع، وهي كارثة تأثرت لعقود بعد نهاية الحرب. أخذ جدار الاضطهاد والقمع يتضح كل يوم، وأصبحت الطبيعة الشمولية للجمهورية الإسلامية ، التي حاولت دائمًا أن تمتلك المجتمع بكامله تحت أيديها، أكثر وضوحًا، ففي بيئة مظلمة، يغيب أقل بصيص من نور الحرية والعدالة، لقد كشف جيل عاص عن طبيعة هذه السيادة اللاإنسانية، والعائدة إلى عصور الظلام. تحية لشهداء درب الحرية ، شهداء عقد الثمانينات، شهداء مجزرة عام 1988، الذين نشروا بذور الاحتجاج والمقاومة في المجتمع الإيراني، وخلقوا انتفاضة عظيمة، يقف العالم مشدوها أمام عظمتها. مجزرة جماعية في عام 1988 وإخفاء القبور وإخفاء أسماء الشهداء. منذ عام 1980 سجون وغرف التحقيق مع منطق إنكار وجود الضحية، ظل يستمر وخارج السجون، قام رجال النظام بترويج منطق، إنكار وجود السجناء السياسيين، حتى نفى وزير الخارجية «محمد جواد ظريف » ، وجود سجين سياسي واحد في إيران. لكن حركة المقاضاة قد تحدّته، وأثبتت كذبه. أصبحت مجزرة 1988 الجماعية، ركيزة لإنشاء نظام قائم على عقوبة الإعدام، ودورة مستمرة من عمليات الإعدامات وتنفيذها حتى الآن ؛ الجمهورية الإسلامية ، التي اتخذت من العنوان شعارا فقط، لم تجلب أي شيء إلى إيران ، إلا القتل والنهب وإراقة الدماء، ونهب ثروات وموارد البلاد، والبنوك المفلسة، وصناديق تقاعد مفلسة، وموائد المواطنين الفارغة والاقتصاد المشلول في البلاد، والانقسام بين عناصر الهيكل الحكومي، وتفسخ العقود والعلاقات، وهكذا تتفاقم التناقضات. في خضم كل حالات العجز والبؤس هذه، التي شعروا بها في بداية نهايتهم ، يريدون أن يغطوا على كل هذه السنوات من القسوة و الخداع بغطاء العفو، ليمحوا كل ما فعلوه ضد أبناء الشعب الإيراني. ما طرحته في الرسالة بشكل موجز، كان ردا على أبو القاسم صلواتي، الذي قال في آخر مراجعة زوجي له: ‘إنه يتابع ما إذا كان اسمها على قائمة العفو أم لا". لأقول له ولكل ملالي النظام: أنا فخورة ومشتاقة للغاية بقلب مفعم بالحيوية، بعد مضي 9 سنوات من السجن حيث أمضيت كل لحظاته ليس فقط لمقاضاة المسؤولين عن دم شقيقتي وأشقائي وليس فقط لمقاضاة المعنيين عن كل حياتي، التي سُلبت مني، بل لأقاضيهم بسبب استلاب 9 سنوات من حياة أطفالي، كما أقدّم المقاضاة ضدّكم بما سلبتم من لحظاتهم الطفولية. فلذلك من له الحق لمنح العفو والتسامح هو أنا ومواطنونا المكبّلون. بكل حبي وإيماني أقدم أحرّ تحياتي إلى شهداء الحرية، شهداء انتفاضة ديسمبر، الذين هم شهداء الصدق والفداء والصمود. مريم أكبري، سجن" إيفين". إيران. كان هذا موجز رسالة مريم أكبري.. وبقي في التفاصيل جرائم أكبر.