يضع صوت اسمهان الذي ما زال يطرب كثيرين بعد 65 عاما على وفاتها، المغنية السورية وعد البحري تحت الاضواء، منذ ادائها اغاني المطربة في المسلسل الذي حمل اسمها. وامام صورة ضخمة لاسمهان احتلت صدر المسرح، ظهر تأثير هذا المسلسل في ترويج صوت البحري، وذلك في حفلة اقامتها دار الاوبرا السورية تكريما لاسمهان وكانت من المرات القليلة التي تمتلئ فيها صالة الاوبرا الكبيرة لحفل محلي لا يضم اسماء شهيرة. وكانت المغنية السورية الشابة التي لم تتجاوز العشرينات من عمرها، جربت طرقا عديدة سعيا لاثبات موهبتها في الغناء. لكن كل تلك الطرق اوصلتها الى "الاحباط واليأس"، كما تقول في حديثها لفرانس برس. فقد شاركت في مهرجانات كثيرة منها مهرجان الاغنية السورية في حلب العام 2003، ووصلت الى التصفيات النهائية لبرنامج مسابقات الاغاني المعروف "سوبر ستار" لكن ايا من هذه المشاركات لم يحقق لها نجاحا يذكر. وكانت البحري تعيش حالة "احباط" و"اعتكاف" عن الغناء، على حد تعبيرها وهي ترى "مغنين اصواتهم لا تسمع ومع ذلك يصيرون نجوما"، الى ان جاءت اللحظة التي تعتبرها "نقطة التحول الاكبر والاهم" في حياتها. وعندها اختارها منتجو المسلسل الذي روى سيرة المطربة السورية الشهيرة اسمهان (1917-1944) لاداء بعض اغاني المطربة الشهيرة وبثها خلال مشاهد المسلسل. وامام نحو 1200 شخص شغلوا مقاعد صالة الاوبرا، غنت البحري مجموعة من اغنيات اسمهان بمصاحبة ثلاثين عازفا وجوقة مغنيات من "اوركسترا طرب" للموسيقا الشرقية بقيادة ماجد سراي الدين. وكان الجمهور يقاطعها بالتصفيق عدة مرات، وخصوصا عندما غنت "يا طيور" من الحان محمد القصبجي و"ليالي الانس" التي لحنها فريد الاطرش، كما رددوا معها اغاني اخرى مثل "ايمتى حتعرف" و"يا بدع الورد"، مطلقين العنان لتأوهات استحسانهم. ولم تتوقف السيدة الاربعينية ماري مارديني عن ترداد بعض المقاطع مع المغنية، كما انها صفقت بحرارة لها بعد ختام الحفل، وتقول هذه السيدة "سمعت وعد في المسلسل وجئت لاسمعها هنا".وتضيف ان "صوتها بدعة". ويرى الناقد والمؤرخ الموسيقي السوري احمد بوبس ان مشاركة البحري في مسلسل اسمهان الذي اخرجه التونسي شوقي الماجري ولعبت السورية سلاف فواخرجي بطولته" كان له "دور حاسم في نشر صوتها". ولفت الى ان من كان يعرف هذه المغنية الشابة قبل المسلسل هم "محدودون جدا اما الان فصار لها شعبية واسعة وصارت معروفة" من جمهور واسع كان "متشوقا" ليحضر حفلها بعد ان سمع صوتها في التلفزيون. ويعتقد بوبس ان هذا "النجاح" للمغنية البحري لم يكن ليتحقق لولا مقدراتها الصوتية، موضحا انها "تمتلك صوتا قويا وجميلا ومتكاملا جعلها تغني بسهولة ويسر". ويضيف "اعتقد ان وعد البحري لو احترفت الغناء لاصبحت مطربة كبيرة على الصعيد العربي وليس السوري فقط" لافتا الى ان صوتها "قريب جدا" من صوت اسمهان لدرجة اختلط عليه في لحظات صوت أي منهما كان يسمع في الحفل. ولا تخفي البحري تفاجأها بالحضور الكبير الذي واكبها في دار الاوبرا. وتقول وهي تتنهد بعمق "الحمد لله، اخيرا حصل ذلك بعد تعب وجهد سنين". وتشرح ان اغاني اسمهان "صعبة جدا" ما يضطر كل من يؤديها الى الالتزام "بالاداء الاسمهاني" لان "اسمهان لم تترك ما يمكن ان يزيده المغني على ادائها". المغنية الشابة تؤكد انها حتى الان ليست محترفة للغناء. وهي تعمل وتقيم في دولة الامارات العربية المتحدة وتحمل اجازة في ادارة الاعمال كما انها طالبة في "بيت العود العربي" الذي اسسه العازف العراقي نصير شما. وهي لا تمانع في استمرارها اداء اغاني اسمهان. وتقول انها لا تعير اهتماما للتعليقات التي تسمعها عن كونها "تركب موجة نجاح المسلسل"، موضحة ان الوقت لا يزال امامها كي تبحث "بهدوء وبانتقائية" عن اسلوبها الخاص في الغناء "كي يترك عملي اثرا ولا يمر مرور الكرام كغيره". والى جانب البحري، قدمت مغنية سورية اخرى هي ميس حرب عدة اغان لاسمهان، الا انها لم تلق الحفاوة والتصفيق الحار اللذين حظيت بهما نظيرتها.