تشهد المنطقة التاريخية حالياً في مدينة جدة سلسلة من المهرجانات التراثية منذ العام 2014م , وذلك لغرض الاحتفاء والتعريف بالتراث الجداوي الحجازي الأصيل وعن ما كانت عليه الحياة قديماً. وقد لاقت تلك الفعاليات إقبالاً هائلاً من كافة المواطنين في المملكة وعدد كبير من السواح الأجانب على رأسهم عدد من الأمراء والوزراء والسفراء والقناصل. وفي اعتقادي أن هذه المدينة الساحرة الخلابة التي جذبت الأنظار إليها لما تحتويه من أصالة و تراث متعمق في جذور تاريخها , ناهيك عن موقعها العبقري المطل على البحر الأحمر أكسبها انفتاحاً على العالم كان ثمرته نموها المبكر تجارياً و اقتصادياً وعمرانياً دون باقي المدن, بالإضافة إلى ما ذكره الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله عن وقوعها بين أطهر مدينتين على وجه الأرض (مكةالمكرمة و المدينةالمنورة) لتستقبل بين كنفاتها سنوياً عدداً من الحجاج و الزوار يتضمنهم أمهر الأطباء والمهندسين والتجار الذين انعكست أعمالهم و خبراتهم على هذه المدينة و أهلها. الأمر الذي جعلها بوابةً للحرمين الشريفين و مدينة سباقه في شتى المجالات مثل التعليم و الصحة و الرياضة و التجارة… الخ. و بكل جدارة استحقت مدينة جدة بكل ما تحتويه من مميزات أن يقام لها الاحتفالات و المهرجانات من قبل ولاة الأمر. و كما هو معروف حالياً بأن مهرجان جدة التاريخية يقام مرتين كل سنة في اجازة الربيع و في شهر رمضان حتى رابع أيام العيد , فقد نالت هذه النسخة من المهرجان تشريف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وزيارته لفعاليات المهرجان عندما كان ولياً للعهد. والجدير ذكره أن منطقة جدة التاريخية شهدت عدداً من المهرجانات في عهد الأمير عبد المجيد رحمه الله حينما كان أميراً لمنطقة مكةالمكرمة وكانت الفعاليات تقام في عدد من المواقع منها دوار البيعة وبالقرب من بيت نصيف. ومما أذكره أيضاً أنه في عهد الأمير ماجد بن عبدالعزيز رحمه الله لاقت المنطقة التاريخية اهتماماً كبيراً من سموه كان كفيلاً بأن تنشأ إدارة حماية المنطقة التاريخية في عام 1411ه تقريباً ويقام أول مهرجان للمنطقه التاريخية في عهده , هذا المهرجان المبسط الذي كان لي شرف المشاركة فيه مع أخي الأكبر السيد بدر النمر , وكانت تدور فعالياته حول تقديم عدد من العروض الفلكلورية مثل الألعاب الشعبية القديمة و عن طرق التدريس قديماً في الكتاتيب و المدراس بالإضافة الى تقديم نبذه مرئية عن نشأة مدينة جدة تاريخياً منذ أقدم العصور الى عصرنا الحالي بالإضافة الى سبب تسمية المدينة. أما عن موقع ذلك المهرجان فكان يقع ما بين سوق العلوي حيث وجود المسرح لتقديم العروض و بيت نصيف الذي كان متحفاً للصور القديمة الخاصة بمدينة جدة و مبنى ادارة حماية المنطقة التاريخية (مقر البلدية التاريخية حالياً) حيث كانت أحد الغرف مقراً لنا للتجهيز و الترتيب وعمل البروفات للفعاليات بالإضافة الى البرحة الواقعة شماله و شرق بيت حبيب (الريس) والتي كانت منطقة تقديم الحفل. أما المسؤول عن ادارة فعاليات المهرجان فأذكر شخصاً واحداً كان يديرها بكل نجاح و احترافية , وهوا العم حسن نوار رحمه الله. فرغم تقدمه في السن في ذلك الوقت الا أنني كنت أشاهده يعمل بكل جديه و حماس ليدير و يقسم الأدوار علينا وكنا صبيةً صغاراً و يعلمنا كيف نؤدي الألعاب الشعبية والعروض التي سوف تُقدم على المسرح بالإضافة الى كيفية أداء دور الطلاب في الكتاتيب القديمة. ثم في عام 1418ه أقيم أول مهرجان رسمي لجدة التاريخية والذي افتتح برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن نائب أمير منطقة مكةالمكرمة في ذلك الوقت وكان بمشاركة عدد من طلاب مدارس مدينة جدة واستمر لمدة خمسة أيام. هذه هي بعض من المهرجانات التي ما زالت عالقةً في الذاكرة والتي في اعتقادي أنها نواة المهرجانات الحالية للمنطقة التاريخية , فيجب ذكرها لإبراز دور كل من عمل وساهم جاهداً لإظهار التراث الجداوي الأصيل والمحافظة عليه. رحم الله كل من اهتم و شارك و ساعد في إحياء المنطقة التاريخية والمحافظة على تاريخها وعادات أبنائها. [email protected]