ارتبطت زيارة طبيب الأسنان في مخيلتي بحادثة قديمة وأنا طفلة، خرجت من عند طبيب أسنان وأنا متعلقة بيد أبي أبكي وأصرخ بعد أن صرخ بي الطبيب وقتها لأني لم أتجاوب معه، كيف وأنا الطفلة التي اصطحبها والدها لفحص أسنانها لأول مرة. منذ ذلك الحين وأنا وطبيب الأسنان في عداوة دائمة، أو إن صح التعبير، زيارة عيادة الأسنان بحد ذاتها. الدكتور فراس كذلك، طبيب الأسنان الذي ذهبت إليه في زيارة أولى من مدة، عيادته باهرة الألوان تختلف عن غيرها من العيادات، السقف متبرج بنباتات خضراء مريحة، شاشة تلفزيون يعرض عليها ما يحب المريض، وشرح مبسط وعلمي عن كل خطوة يقوم بها في العلاج، وبعد أن انتهيت طلب لي كوبا من الأعشاب بينما بدأ هو في حالته التالية، غادرت وأنا أحيي فيه ذلك الأسلوب. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد كنت في المرحلة ثانوية لا أطيق مادة الكيمياء، لا أفهمها ولا أحبها، أنا ذات الميول الأدبية البحتة، لكن (أبلة عبير) جعلتني ورفيقاتي نحبها، تتحدث معنا عن الموضة والأدب والفن، ثم تدخل في الدرس، مرة في الصف ومرة في ساحة المدرسة ومرة في المكتبة المدرسية العامة وأخرى في الحديقة، كانت تجمع بين الحياة والكيمياء، إلى أن أصبحنا نعشق حصتها، وبكينا كثيرا عندما ودعناها في آخر عام بعد أن قضت معنا سنتين، جعلت المادة الدسمة بالنسبة لنا متعة حقيقية ننتظرها، وأجزم أنني لا أتذكر كثيرا المواد العلمية الأخرى بعد أعوام على تخرجي، بينما لا زلت أساعد أقاربي في استيعاب رموز الجدول الدوري وماهية البروتونات والإلكترونات والذرة والنواة و .... إنه الحب أصدقائي، صانع المعجزات، أن تحب ما تفعل وتعطي، سيجعل الآخرين يقتسمون معك هذا الحب، أن تحب ما تأخذ وتتعلم، يعني أنك لن تنساه، ذلك الحب بشموليته التي كتبت لكم عنه من قبل. أصدقاء الحرف: يحبك من لا يتغير، من (لا) يطلب منك أن تتغير.. إعلامية وشاعرة أردنية [email protected]