العالم يتطور ويتقدم بتقنيات حديثة تخدم البشرية في شتى المجالات الشخصية والعامة وهذه من نعم الخالق جلى علاه، ولكن الى اين يذهب الانسان وهو يأخذ الحضارة الحديثة الى حياة صعبة سرقت الاستقرار والبهجة في عالم اليوم الذي اصبح يعيش معظم افراده حالة من الخواء الروحي ثمنا باهظا للتقدم المادي الذي بات اكثر سطوة وكأن المدنية الحديثة تأبى إلا أن تكون على حساب منظومة الأخلاق. وبينما العالم يعاني الصراعات وتضارب المصالح تعاني الامة من غلو وتطرف وارهاب جماعات مفسدة اصابت الأمة ببالغ الاذى والضرر بل والعالم. وكم هو انسان هذا العصر في ازمة حقيقية وحيرة يبحث فيها عن سبيل الرشاد، وفي خطبة عيد الاضحى اكد فضيلة امام وخطيب المسجد الحرام على كون الإسلام دين وسطية واعتدال وتسامح لا بدع فيه ولا خرافات، معتبرا ان البشرية اليوم وإن أظهرت غناها بما بلغته في الصناعة والفكر والعلوم فانها لتعيش تيهاً في الغاية وظمأ في الروح. وميزان العالم لم يزل شديد التأرجح قابلا للكسر بسبب توظيف نتاج الحضارة صناعة واقتصاداً في تأجيج الصراعات. هكذا كما قال فضيلته عندما تكون الحضارة بلا قيم تزيد العالم بؤسا والمدنية بلا دين تعود بلاء ورجسا، وهذا العالم اليوم شاهد على ذلك فلم يغن السبق والريادة دولا من تفكك اتحاداتها والتوجس من مستقبلها، وهذا مما يزيد العبء ويعظم المسؤولية على ورثة الأنبياء وحملة الشريعة وهدي السماء ليبلغوا بهذا الدين كل سكن وساكن وكل راغب ومعرض، فان بلاغهم حسنات واجور، ودعوتهم فخر ونور سلفهم الأنبياء وثمارها وصل الخلق بالخلق وهم مأجورون أياً كانت نتائج جهدهم، والدعوة الى الله وان كانت مقاصدها خالصة لله إلا ان الله ليعجل ببعض ثمارها في الدنيا ويحمي البلاد بما تحمي من شرعته ويحفظ العباد بما يحفظون من سنته، فالمسلمون كل المسلمين حراس لمقدساتهم وغيورون على بلاد ترعى الحرمين وترفد كل حجاتهم وعمارهم. وفي المدينةالمنورة كنت مع مئات الآلاف من المصلين الذين استمعوا الى خطبة العيد من فضيلة امام وخطيب المسجد النبوي الشريف وقد دعا الى (التمسك بتقوى الله فهي سبب المخرج من كل كرب في الدنيا والآخرة. فالأمة الإسلامية تمر بفتن أخطرها منهج الغلو في الدين والتفكير) وكذا دول قريبة وبعيدة تتربص ببلادنا وتفتن أمتنا فليت البشرية بكل موروثها الايجابي تعود الى صفاء الإنسانية تلك الأخطار. حقا متى وكيف يعيد العالم ميزان العدالة الدولية ويقف بجوار المستضعفين وينتصر للمظلومين، وليت مجتمعاتنا تتكاتف لتحصينها بالوعي والتغيير الايجابي صوب كل فضيلة من ترابط أسري واجتماعي وحسن تنشئة وتحصين الاجيال لتتمكن من مجابهة الأخطار والتحديات والفتن التي تأتي من كل حدب وصوب عبر أجهزة التواصل والعولمة التي تلقي برياحها على كل فرد، ونتمنى اليقظة من الفتن وعدم الاختلاف على اشياء تضر أكثر مما تنفع، والاتفاق على ما يقوي النسيج الاجتماعي والوطني والمحافظة على الهوية والالتفات لما فيه مصلحة وطننا والحفاظ على مكتسباته وسلامته، والتصدي لكل من يحاول المساس بهذا الوطن الغالي من ماكرين واشار وإرهاب وأعداء يتربصون ولا يريدون لبلادنا الخير. إن تقوى الله تعالى هي مفتاح كل خير وفلاح الانسان واستقرار الأسرة والمجتمع والخير لبلادنا التي تستحق منا كل الاخلاص والتفاني والتكاتف كالبنيان المرصوص. للتواصل / 6930973