من المعروف أن القصة القصيرة جدا جنس أدبي جديد يعتمد على التكثيف الموحي ، والحكاية المحبكة، والوحدة الموضوعية والعضوية، والمفارقة المستفزة، وخاصيتي الاتساق والانسجام، وهيمنة التركيب الفعلي، وانبثاق التوتر الدرامي، والتأرجح بين الواقعية والشاعرية والرمزية المقنعة، واختزال الأحداث في عدد محدود من الوظائف الأساسية مع تجنب الوصف المطنب والاستقصاء في الوظائف الثانوية وتفصيلها، والتركيز على القصصية السردية، والانفتاح على الأجناس الأدبية الأخرى، وتمثل بلاغة الإيجاز والإضمار والحذف، واستعمال الصور المجازية، والارتكان إلى لعبة الإدهاش والانزياح وإرباك المتلقي ، وتوظيف الإحالات التناصية والمعرفة الخلفية، واستغلال التوازي الهرموني والتنغيم الإيقاعي، والتحكم الجيد في سيميائية العنوان، واستخدام اللقطات السردية الوامضة، والمشاهد الحوارية المثيرة. [1] هذا، وقد خرج هذا الجنس الأدبي المستحدث في أدبنا العربي الحديث والمعاصر من معطف الرواية وفن القصة القصيرة متأثرا في ذلك بالقصة القصيرة جدا في أوربا وأمريكا اللاتينية التي عرفت هذا الفن القصيصي القصير جدا منذ فترة مبكرة تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وبفضل التلاقح والتناص والترجمة والاطلاع، تمثل مجموعة من القصاصين والكتاب العرب هذا الجنس الأدبي المسترفد في مجموعة من البلدان العربية بصيغ تعبيرية خاصة تتلاءم مع مستلزمات الواقع المعيش. زد على ذلك أن القصة القصيرة جدا ازدهرت في أدبنا العربي المعاصر أيما ازدهار وانتعاش في بعض الدول العربية كلبنان والعراق وسوريا والمغرب والجزائر وتونس والسعودية بفضل انتشار التعليم وكثرة المواقع الرقمية والتلاقح السريع مع الثقافة الغربية... ومن ثم، يمكن اعتبار الألفية الثالثة عصر القصة القصيرة جدا بامتياز. ظهرت القصة القصيرة جدا بالمملكة العربية السعودية منذ منتصف السبعينيات من القرن العشرين في شكل قصيصات وأحاديث مختزلة وقصص قصيرة وخواطر أدبية وأخبار موجزة وصيغ شاعرية مختصرة ومحكيات سردية مقتضبة ومكثفة متأثرة في ذلك بالسرد العربي القديم أو السرد الغربي المعاصر. وكانت هذه الإبداعات الأدبية القصصية تنشر في مختلف الصحف والمنابر الإعلامية والثقافية المحلية والوطنية والعربية. وقد ساهمت مجموعة من النوادي والجمعيات والمؤسسات الأدبية والثقافية بالسعودية في ترويج القصة القصيرة جدا في شتى ربوع المملكة ، والعمل على انتعاشها وازدهارها تعريفا وتقديما ونقدا، وتشجيع أصحابها بالجوائز المادية والمعنوية، وتكريمهم إعلاميا في عدة ملتقيات وندوات، مع السهر على طبع مجموعاتهم القصصية داخل البلاد وخارجه. وقد عبرت القصة القصيرة جدا بالسعودية عن الذاتي والموضوعي منطلقة في ذلك من الخصوصيات المحلية والقضايا الوطنية والقومية والإنسانية مستعملة مجموعة من القوالب الشكلية والجمالية المتنوعة التي كانت تجمع بين الطرائق الكلاسيكية والطرائق التعبيرية الجديدة والحداثية. ولم تكتف القصة القصيرة جدا بالسعودية بماهو مباشر وواقعي وحرفي من الواقع المرصود، بل تعدت الموضوع المرئي إلى الموضوع المجرد في التعامل مع القيم الإنسانية والفضائل الأخلاقية، واستعمال الرموز الموحية والعلامات الانزياحية، وتوظيف التناص والدوال السيميائية للتعبير عن مشاكل الإنسان السعودي بصفة خاصة ومعاناة الإنسان العربي بصفة عامة. ومن أهم الكتاب السعوديين الذين كتبوا القصة القصيرة جدا بالمملكة نذكر منهم: محمود تراوري، وحكيمة الحربي، وجار الله الحميد، وخالد الخضري، وأميمة الخميس، وتركي ناصر السديري، وإبراهيم محمد شحبي، ومحمد منصور الشقحاء، وشريفة الشملان، وفالح عبد العزيز الصغير، وحسن الشيخ، وسهام العبودي، والبراق الحازمي، وفهد العتيق،وأحمد محمد عزوز، وفردوس أبو القاسم، وأحمد القاضي،وصلاح القرشي، ويوسف المحيميد، وطلق المرزوقي، وفهد أحمد المصبح، وهدى بنت فهد المعجل، ومحمد النجيمي، وطاهر الزارعي، ومشعل العبدلي، وأميمة البدري، وعلي حمود المجنوني، ونورة شرواني، وتركي الرويتي، وجابر عامر عوض الشهدي، ومحمد علوان، وحسن بن علي البطران، وعبد السلام الحميد، ونورة بنت سعد الأحمري، وسعاد السعيد، وفهد الخليوي، وجبير المليحان، وهيام المفلح ، وعبد الحفيظ الشمري، والقائمة طويلة... تستند ببليوغرافيا القصة القصيرة جدا بالمملكة العربية السعودية إلى ذكر المجموعات القصصية التي تخصصت في هذا الجنس الأدبي أو تأرجحت بين القصة القصيرة جدا وجنس القصة القصيرة وفن الأقصوصة. ويلاحظ القارئ بشكل جلي التداخل الواضح بين هذه الأجناس داخل المجموعات المرصودة بسبب الخلط في التعيين الجنسي والتذبذب في تسمية المؤلفات الإبداعية. وإليكم هذه الببليوغرافيا النسبية التي ستبقى مفتوحة على كل الإنتاجات الأدبية والمصنفات الإبداعية السعودية التي تندرج ضمن القصة القصيرة جدا التي ظهرت منذ فترة زمنية بعيدة أو قريبة أو ستظهر في المستقبل القريب أو البعيد إن شاء الله. ومن باب الأمانة العلمية فقد اعتمدنا في وضع هذه الببليوغرافيا على ما أنجزه الباحث المغربي أبو شامة المغربي في مقاله الرقمي المنشور في موقع " أسواق المربد" تحت عنوان:" ببليوغرافيا القصة القصيرة جدا في المملكة العربية السعودية"[2]. وهذا العمل المكتبي الذي بين أيديكم – أيها القراء الأفاضل- سيكون تكملة لما أنجزناه من ببليوغرافيات أدبية مغربية ولاسيما ببليوغرافيا القصة القصيرة جدا بالمغرب، ريثما نستكمل عملنا المضني بوضع جميع ببليوغرافيات القصة القصيرة جدا المتعلقة بهذا الجنس الأدبي الجديد بالوطن العربي إن شاء الله.[3] وسنعتمد في هذه الببليوغرافيا المتواضعة على منهجية أستاذنا القدير الدكتور محمد قاسمي رائد الببليوغرافيا الأدبية بالمغرب، والتي ترتكز منهجيا وإجرائيا على التصنيف والتحقيب والترتيب والإحصاء والوصف والتأريخ والتفسير والاستقراء والاستنتاج.[4] المصادر والمراجع: 1- أبو شامة المغربي: (ببليوغرافيا القصة القصيرة جدا في المملكة العربية السعودية)، موقع أسواق المربد، موقع رقمي إلكتروني، www.merbad.net/vb/showthread.php?s=f116b56b968fef529b8fb6dd4024d7e7&t=6737 2- الدكتور جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، المسار والتطور، مع ببليوغرافيا شاملة، مؤسسة التنوخي للنشر والطبع والتوزيع، آسفي،المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008م؛ 3- الدكتور محمد قاسمي: الإبداع الأدبي المعاصر بالجهة الشرقية من المغرب، مطبعة الجسور، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى، 2008م؛ 4- الدكتور يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي بدمشق، سوريا، الطبعة الأولى 2004م. [1] - انظر: الدكتور يوسف حطيني: القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق، مطبعة اليازجي بدمشق، سوريا، الطبعة الأولى 2004م؛ [2] - انظر أبو شامة المغربي: (ببليوغرافيا القصة القصيرة جدا في المملكة العربية السعودية)، موقع أسواق المربد، موقع رقمي إلكتروني، www.merbad.net/vb/showthread.php?s=f116b56b968fef529b8fb6dd4024d7e7&t=6737 [3] - الدكتور جميل حمداوي: القصة القصيرة جدا بالمغرب، المسار والتطور، مع ببليوغرافيا شاملة، مؤسسة التنوخي للنشر والطبع والتوزيع، آسفي،المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008م؛ [4] - انظر الدكتور محمد قاسمي: الإبداع الأدبي المعاصر بالجهة الشرقية من المغرب، مطبعة الجسور، وجدة، المغرب، الطبعة الأولى، 2008.