نحن في عصر أصبح العالم فيه على كبره صغيرا، والأرض على اتساعها ضيِقة، والبعيد مهما بعد قريب، عصر تتواصل فيه الشعوب وتتقارب الثقافات وتتناقل العلوم. ومع كل هذه التغيُرات تغيَرت مفاهيم التربية، فلم يعد الصح هو ما فعله آباؤنا، ولا الخطأ ما اجتنبوه. كل منا مرَ بتجربة سيئة أو أكثر في نشأته و حتما لا يريد لأبنائه أن يمروا بها. ومن منا لايتمنى أن ينشأ أبناؤه أحسن تنشئة ليطمئن عليهم ويفخر بهم. ولتحقيق ذلك أصبحنا نبحث ونقرأ عن أساليب التربية الحديثة التي اعتمدت على دراسات وتجارب ونتائج، ونطبِقها ما استطعنا. و مع ذلك ومهما حاولنا جاهدين غرس القيم الأخلاقية في أبنائنا، لا يمكننا عزلهم عن مجتمع يعيشون بين أفراده ويتأثرون بممارساته، والتي لها تأثير يوازي في أهميته جهودنا التربوية. سنضرب لهم مثلا خلق الرسول عليه الصلاة والسلام وصحابته وكيف نتج عن هذا الخلق حضارة تشهد بها الأمم على مر العصور. ولكن الإسلام ختم الأديان وهو صالح لكل زمان ومكان ونحن ندين به إلى الآن، فلِم توقفت حضارتنا التي نفخر و نفاخر بها عند ذلك الزمان؟ إذا أردنا أن نشبع هذه التساؤلات لا بد لنا أن نبحث عن أمثلة حيَة وملموسة تعكس امتداد تلك الحضارة وذلك الخلق. ترانا نجد هذه الأمثلة في مجتمعنا أم في مجتمعات أخرى؟ فنحن نريد أن نربِي أبناءنا تربية إسلامية ولكن!. كيف سنشرح لهم أن النزاهة من شيم المسلمين ثم نرى منتجين ونقرأ بلد التصنيع فنثق في الغربي منهم!. كيف نقنعهم أن النظافة من الإيمان فينزلوا ليروا شوارعنا وشواطئنا والقاذورات تملأها ويسافروا ليروا ما هي أنظف منها عند الغرب!. كيف نثبت لهم أن الابتسامة في وجه أخيك المؤمن صدقة، وهم يرون بأعينهم وجوهاً متجهمة هنا وكل من التقت أعينهم بعينه من الغربيين يبتسم لهم! عندما يكبرون، هل سنستطيع أن نقول لهم أن الناس سواسية كأسنان المشط هنا، وأن التقيُد بقوانين المرور هنا، والانضباط وأداء الأمانة في العمل هنا، واحترام الآخرين على اختلافهم هنا، ونريهم آداب التعامل بين الأغراب في الأماكن العامة، ونسمعهم أصول الحوار الهادف! أم سنضطر إلى الوقوف على أطلال حضارة إسلامية كانت ولا يروها!. ولَى جيل يأخذ موروثه ويقتات عليه، ونحن نواجه اليوم جيلاً يفكِر ويقرِر ينظر بعينه ليحكم، ويسمع بأذنه ليصدِق! فماذا أعددنا لنقنعه بأن الإسلام سيِد الأديان؟؟. @tamadoralyami [email protected]