الحديث عن مسألة إقرار الرياضة في مدارس البنات محفوف بإشكاليات غير مبررة لا تجد قناعات تقبل هذا التأخير في صدوره.وهي مسألة أخذت جانبا من الاهتمام وانقسم الرأي حولها بين مؤيد بقوة ورافض أشد،بدأ فتيلها بالاشتعال عام 2003م حين عرضت على مجلس الشورى توصية بهذا الشأن وتمت مناقشتها وبعد مرور أحد عشر عاما أقر مجلس الشورى بموافقة 92 عضوا على توصية لإدراج مادة التربية البدنية في مدارس البنات للتعليم العام،كانت الأصداء واسعة بين مرحبة ومستنكرة واستمرت محاور هذه المسألة التي صارت عويصة عن القبول في مفهوم البعض! ويبقى السؤال قائما ماهي مبررات منع الرياضة في مدارس البنات الحكومية مع وجودها في بعض المدارس الأهلية كنشاط إضافي مهم،على المجتمع أن يدرك أن مفهوم الرياضة يقصد به بناء العقل والجسم بحيث يكون العقل السليم في الجسم السليم وهذه المقولة لم يخص بها الرجل دون المرأة إضافة إلى ما تؤكده آراء المتخصصين بأن دور الرياضة مهم في تحسين النواحي السلوكية لدى الطلاب وبناء الثقة منذ الصغر وضرورة التعود على ممارسة نشاط بدني وتنشئة هذه الأجيال عليه حيث لا يمكن استمرار جهل الطالبات بأبجديات الرياضة الحركية وهن على مقاعد الدراسة ولجوء بعض الأسر إلى الأندية والمراكز الخاصة التي تتيح لبناتهن تثقيفا رياضيا يكسبهن اللياقة والصحة.وأقولها وبكل ثقة من واقع الميدان نلمس الاحتياج الفعلي للطالبات لحصص الرياضة وأن استهجان البعض لهذا التوجه هو نوع من ضيق الأفق نحو متطلبات العصر المتغيرة والتي تتماشى مع تغير نمط المعيشة في البيئة السعودية الحالية التي تقلصت فيها حركة البنات في منازل صغيرة ودخول عادات غذائية غير صحية تحتاج تنبها إلزاميا نحو سمنة قادمة. ففي دراسة ذكرت أن نسبة السمنة 60 % في النساء السعوديات بمعنى فوق الوزن الطبيعي وهذا مؤشر غير صحي في المجتمع.وتبدو أسباب المنع واهية لا تجد مسوغا مقبولا،فماهي مزاعم الاختلاط والتكشف التي يمكن أن تؤدي إليها رياضة مدرسية يكفل لها نظام التعليم الخصوصية في مبان مستقلة،وأستغرب ردة فعل البعض وتشددهم حول هذا الموضوع لدرجة التصريح بعدم جواز تدريس الرياضة للبنات وهو نوع من التحفظ المبالغ فيه!إضافة إلى حجج يراها بعض المسؤولين في عدم جاهزية المباني وتصميمها القديم الذي لم يراعي إيجاد ملاعب للأنشطة الرياضية وأن هذا يشكل ثغرات تتسبب في تأجيل أي إجراء نحو إدراج الرياضة كنشاط إلزامي ، رغم أن ربط قرار كهذا بمدى جاهزية المنشآت التعليمية هو في حد ذاته تعطيل آخر لم يحسن الخروج برأي مقنع ولم يوفق في وضع حلول مبدئية مناسبة تراعي الوضع القائم وتعمل على التحسين وفق خطوات مدروسة ووفق النقلة النوعية التي سيحدثها قرار كهذا على هيكل التعليم في مدارس البنات فيما لو سمح له،إن بقاء هذا الأمر معلقا بين طرفين هما مجلس الشورى الداعي لرياضة البنات وبين ردود متباينة من مسؤولي التعليم بدءاً بالوزير محمد الرشيد – يرحمه الله – والذي كان مشجعا للقرار وبين تصريح الوزير أحمد العيسى الذي حسم الموقف في عدم نية الوزارة حاليا استصدار القرار وانشغالها بأمور أخرى أهم .. يعد كل ذلك صورة غير واضحة ومحبطة لمن سعوا على مدى سنوات في هذا الشأن . ولمن توقعوا قرب تنفيذ إقرار الرياضة في مدارس البنات ، وإلى أن يرى هذا القرار النور فإننا نأمل التمهيد والسماح للمدارس التي لديها الإمكانات والتي ترغب في إحلال النشاط الرياضي لطالباتها . وفق الله القائمين على التعليم لما هو في مصلحة الجميع.