أوضح محرر كتاب (المخطوطات العربية المهجرة) الذي أصدره مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية مؤخرا ضمن السلسلة العلمية (مباحث لغوية) الدكتور خالد الجريان في مقدمة الكتاب أن العالم الإسلامي تعرض لعدد من الأحداث على مدى التاريخ أسهمت في طمس بعض المؤلفات العربية وإحراقها وسلبها، مؤكدا أن هناك جهوداً لباحثين ومهتمين وعدداً من المؤسسات المعنية بجمع عدد من هذه المخطوطات والعناية بها وحفظها وتحقيقها، منها معهد المخطوطات العربية في جامعة الدول العربية، إضافة إلى فهارس المكتبات، وأقسام الدراسات العليا في الجامعات، والمراكز البحثية والعلمية في مختلف أنحاء العالم. ووجه الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي شكره للباحثين المشاركين في هذا الكتاب على جهودهم العلمية في رصد واقع المخطوطات العربية المهجّرة، حيث تضمن هذا الكتاب ستة بحوث في هذا الموضوع، تناول البحث الأول موضوع: المخطوطات المهجّرة- التاريخ والأسباب والأدوات، والبحث الثاني تناول: جغرافية المخطوطات العربية خارج الوطن العربي، والثالث عن: المخطوطات العربية خارج الوطن العربي، والرابع جاء بعنوان: نفائس المخطوطات العربية خارج الوطن العربي، والبحث الخامس: المخطوطات العربية في تركيا، أما السادس فجاء بعنوان: المخطوطات العربية في المكتبات الإيرانية، وشارك فيه عدد من الخبراء والمتخصصين، وهم: د.فيصل الحفيان، وأ.د.عابد المشوخي، ود.نذير أوهاب، ود.أحمد رجب أبو سالم، ود.محمود مصري، ود.ياسر البدري، وقام د.خالد الجريان بتحرير الكتاب، وصدر ضمن مشروع الإصدارات العلمية الذي يديره د.خالد الرفاعي، مشيراً إلى أن هذا الكتاب يأتي ضمن الجهود السعودية في دعم حركة التوثيق للمخطوطات والمحافظة على التراث العربي والإسلامي. وذكر الباحث الأستاذ الدكتور عابد المشوخي عددا من الأرقام التقديرية التي أطلقها عدد من المهتمين والمعنيين بالتراث الإسلامي بأن أعداد المخطوطات العربية في العالم تتجاوز المليون مخطوطة، وقد أشارت بعض الأرقام إلى أنها أكثر من ثلاثة ملايين مخطوطة، وتقديرات أخرى بتجاوزها الأربعة ملايين، وأخرى تصل إلى سبعة ملايين، مشيرا إلى أن هذه الأرقام تعد أرقاماً تقديرية تخمينية، اعتمد فيها المعنيون على تجربتهم الطويلة في العمل في مجال المخطوطات، حاصرا أسباب ضياع هذا الموروث في سببين: الأول يتمثل في العوامل الطبيعية التي تتعرض لها الأرض ولا دخل للإنسان فيها مثل الزلازل والفيضانات والبراكين، وآخر يتمثل في العوامل البشرية ومنها الحروب وحركات الاستشراق وتجارة المخطوطات وغيرها، مشيرا إلى بعض الدراسات التي تشير إلى وجود أكثر من 160 مكتبة كبيرة في الدول الأوربية والأمريكية تغص بعدد كبير من هذه المخطوطات، ذاكرا عددا من الفهارس التي تتضمن معلومات عن هذه المخطوطات في مختلف أنحاء العالم. وتساءل مدير معهد المخطوطات العربية في جامعة الدول العربية الدكتور فيصل الحفيان في بداية بحثه حول سرّ ظاهرة تهجير تراثنا عموما والمخطوط خصوصا؟ وما هو واقع هذا التراث خارج الوطن العربي؟ و هل كان هذا من مصلحته؟ معتبرا هذه التساؤلات مدخلا مهما لبحثه. وأكد د.الحفيان في بحثه أن الغرب مولع بالحضارة العربية والإسلامية التي تربعت قرونا تحكم العالم مستغرقا في تحليله ولع الغرب بالشرق، ومشيرا إلى أن عدد المكتبات التي لديها مخطوطات عربية في البلاد الأجنبية الخالصة وفق بعض المصادر يصل إلى 350 مكتبة موزعة في أكثر من 21 دولة حول العالم. واستعرض الباحث الدكتور نذير محمد أوهاب أهم الدول التي تستحوذ على المجموعات الكبرى من المخطوطات العربية في العالم فيما أسماه (خزائن المخطوطات) وتحتل الدول الأوروبية المساحة العظمى منها، وتطرق في بحثه حول التجارب العربية في استعادة هذه المخطوطات، ومن الجهود التي سلط الضوء عليها: مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي وغيرها، بالإضافة إلى بعض الجهود المؤسساتية والفردية في خدمة المخطوط العربي خارج الوطن العربي. وركزت مشاركة الباحث أحمد رجب أبو سالم حول نفائس المخطوطات العربية داخل الوطن العربية وخارجه، حيث أورد فهرسا ل (178) مخطوطة من نفائس المخطوطات العربية خارج الوطن العربي في المكتبات المعنية بالمخطوطات العربية، وأورد جزءا لنماذج من نفائس المخطوطات في المكتبات خارج الوطن العربي مما لم ينشر من قبل ويعده إضافة جليلة للمكتبة العربية، وقد أضاف في بحثه بعضا من صور هذه المخطوطات التي انتخبها. وقد أشار الباحثون في هذا الكتاب إلى أن الدول الإسلامية غير العربية ليست بعيدة عن الرصد، حتى وإن كانت دولا إسلامية أو صديقة، فقد اتخذ الكتاب منهجا واضحا في تحديد المبحوث بما هو خارج حدود الدول العربية؛ لذا رصد الباحث الدكتور محمود المصري المخطوطات العربية في تركيا، حيث يعد مجموعات المخطوطات الموجودة في تركيا من أضخم المجموعات في العالم وأغناها، مشيرا إلى تجاوزها 500 ألف مخطوط، فضلا عما لم يتم رصده من وثائق ومجموعات خطية، وذكر في بحثه المجموعات الخطية في المدن التركية عبر مكتباتها الممتدة في خط زمني بدءا من القرن التاسع الهجري، بالإضافة إلى ذكره مصادر المخطوطات الموجودة في تركيا، وأساليب إدارتها وفهرستها وتنظيمها وترميمها، وتقويم للمجموعات الخطية في تركيا بغض النظر عن (الكم) موردا أهم هذه المخطوطات منها ما يعود إلى القرن الهجري الأول. وخصص الباحث العراقي الدكتور ياسر محمد ياسين البدري بحثه في المخطوطات العربية في المكتبات الإيرانية، متحدثا عن الخزانات العربية في المكتبات الإيرانية، وتعريفا بالمكتبة الرضوية، ومستعرضا عددا من النماذج للمخطوطات العربية في مجالات القرآن وعلومه والحديث واللغة والأدب ومجالات الطب والأدوية، مؤكدا أن المخطوطات العربية تحتل المرتبة الأولى عدديا.