«هيئة الإحصاء»: ارتفاع الصادرات غير النفطية 22.8 % في سبتمبر 2024    تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي في الرياض    بوريل: الاتحاد الأوروبي ملزم باعتقال نتنياهو وغالانت    "يلو 11".. ديربي حائل وقمم منتظرة    المعرض المروري يستعرض أبرز مسببات الحوادث بالمدينة    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 90,804 قطع عقارية بمدينة الرياض والمدينة المنورة    التدريب التقني والمهني بجازان يفتح باب القبول الإلكتروني للفصل الثاني    "تعليم الرياض" يحتفي باليوم العالمي للطفل    تقنية جازان تختتم برنامج الحرفيين بتدرب اكثر من 100 متدرب ومتدربة    فيصل بن بندر يفتتح المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    "الصندوق العقاري": إيداع أكثر من مليار ريال في حسابات مستفيدي "سكني" لشهر نوفمبر    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    القِبلة    توقيع 19 اتفاقية وإطلاق 5 برامج ..وزير الصناعة: المحتوى المحلي أولوية وطنية لتعزيز المنتجات والخدمات    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    مشكلات المنتخب    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    المدى السعودي بلا مدى    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيئة السياحة والتراث الوطني .. 15 عاما من البرامج والمشاريع وتأهيل التراث الحضاري
نشر في البلاد يوم 10 - 01 - 2016

أتمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني هذا العام عامها الخامس عشر حيث حققت نقلة نوعية مهمة في مجال التراث الوطني من خلال استصدار عدد من الأنظمة التي من أبرزها نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الذي أقرته الدولة العام الماضي، إلى جانب استصدار عدد من الأوامر السامية المتعلقة بحماية مواقع التراث وعدم التعدي عليها، إضافة إلى اعتماد مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وتأسيس الشركة السعودية للضيافة التراثية، وتسجيل 4 مواقع في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وإنشاء منظومة من المتاحف الجديدة، ومشاريع القرى التراثية وغيرها من الإنجازات وصدور قرار مجلس الوزراء مؤخرا بتعديل مسمى الهيئة إلى (الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني) اتساقا مع توسع مهام الهيئة في مجال التراث بكافة أشكاله.
وقد عملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على تحقيق نقلة نوعية في قطاع التراث الوطني منذ استلامها الفعلي لقطاع الآثار والمتاحف في 18 ذو الحجة عام 1428ه، حيث شرعت منذ ذلك التاريخ وبمشاركة عدد من الجهات الحكومية ونخبة من المثقفين ورجال الفكر في وضع رؤية واضحة للعناية بآثار المملكة وتراثها الوطني، ووضعت خطة تنفيذية لتطوير القطاع تتماشى مع توجيهات القيادة الرشيدة بشأن الاهتمام بحماية الآثار من العبث والتعديات وتوثيقها وتهيئتها والاستفادة منها، واستعادة الآثار الوطنية التي تمت حيازتها بطرق غير مشروعة من الداخل والخارج، وتسجيل المواقع الأثرية في قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو، وإبراز البعد الحضاري للمملكة ليضاف إلى الأبعاد الدينية والسياسية والاقتصادية التي تعرف بها المملكة إضافة إلى التوسع في إنشاء المتاحف في المناطق والمحافظات.
ويمثل مشروع خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري الصادر بالأمر السامي الكريم رقم (28863) وتاريخ 21/ 7/ 1435ه، مشروعاً تاريخياً وطنياً مهماً، ينتظر أن يحدث نقلة نوعية في برامج ومشاريع التراث الحضاري الوطني الذي يشهد اهتماما ودعما كبيرا من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين.
ويهدف المشروع الذي تتبناه الهيئة بالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية الى تحقيق الحماية والمعرفة والوعي والاهتمام والتأهيل والتنمية بمكونات التراث الثقافي الوطني وجعله جزءا من حياة وذاكرة المواطن، والتأكيد على الاعتزاز به وتفعيله ضمن الثقافة اليومية للمجتمع، وربط المواطن بوطنه عبر جعل التراث عنصرا معاشا، وتحقيق نقله نوعية في العناية به، وكلما زادت معرفة المواطنين ببلادهم كلما زاد حبهم لها واعتزازهم بها، وكلما ترسخت المواطنة في قلوب المواطنين.
ويضم المشروع أكثر من 71 مشروعاً ضمن مجالات عمل الآثار، والمتاحف، والتراث العمراني، والحرف والصناعات اليدوية، إلى جانب المشاريع الأخرى التي تمول وتنفذ من قبل شركاء الهيئة وتندرج ضمن المشروع.
ويتم تنفيذ هذا المشروع وفق منهجية الشراكة التي تبنتها الهيئة منذ نشأتها، حيث سينفذ المشروع بالشراكة مع عدد من الجهات من أبرزها دارة الملك عبد العزيز، وزارة الدفاع، وزارة التعليم، وزارة الخارجية، وزارة الشئون البلدية والقروية، وزارة الحرس الوطني، وزارة الداخلية، وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة الثقافة والاعلام، وشركة ارامكو السعودية، ومؤسسة التراث الخيرية، الجمعية السعودية للمحافظة على التراث.
وكان من أبرز الإنجازات المتعلقة بالتراث الوطني صدور نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني بالمرسوم الملكي رقم (م/3) وتاريخ 9/ 1 /1436ه والذي تضمن منظومة متكاملة من الاحكام والقواعد لتنظيم التراث الوطني وحمايته وتوثيقه وصيانته وتهيئته وتحفيز الاستثمار فيه وتفعيل مساهمته في التنمية الثقافية والاقتصادية، وقد أصدر سمو رئيس الهيئة قرارا باعتماد اللوائح التنفيذية للنظام تمهيدا لتطبيقه.
وإدراكاً لأهمية التراث الوطني للمملكة، وقيمة الكنوز الأثرية التي تنتشر في كل مناطقها، وقد استفادت الهيئة من خبرتها التراكمية في مجال توظيف أنظمة تقنية المعلومات في خدمة الآثار الوطنية، والتحول إلى بيئة العمل الإلكتروني لتوثيق وإدارة مواقع التراث الوطني بكفاءة أكثر، فأنشأت "سجل الآثار الوطنية" عام 1432ه، وهو يضم الآن أكثر من (7270) موقعاً أثرياً، ويجري العمل حالياً على استكمال تسجيل باقي المواقع الأثرية.
توسعت الهيئة في أعمال المسح والتنقيب الأثري ليأخذ في شكله ومضمونه منحى آخر أكثر شمولية ومنهجية ويشمل مواقع أكثر، لما لذلك من أهمية كبيرة في تعزيز البعد الحضاري للمملكة من خلال الاكتشافات التي يتم تحقيقها، وقد نفذت الهيئة الكثير من البرامج البحثية والأعمال الميدانية الأثرية من خلال فرق محلية ودولية متخصصة وباستخدام أساليب علمية وفيزيائية حديثة، حيث تنفذ الهيئة برنامجاً للتنقيب والمسح الأثري في كل مناطق المملكة نتج عنه حصر وتسجيل آلاف المواقع الأثرية، وتدير الهيئة (34) بعثة سعودية ودولية مشتركة في المواقع الأثرية، من خلال التعاون مع بعثات أثرية من: فرنسا، وإيطاليا، وأمريكا، وبريطانيا، وألمانيا، واليابان، وبلجيكا، وبولندا، وفنلندا، والنمسا.
وفي إطار اهتمام الهيئة باستعادة الآثار أطلق سمو رئيس الهيئة في شهر محرم عام 1433ه، "حملة استعادة الآثار الوطنية"، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله-، وقد أسفرت جهود الهيئة في هذا المجال عن استعادة أكثر من (17) ألف قطعة أثرية من داخل المملكة، وأكثر من (30) ألف قطعة أثرية من خارج المملكة، مضى على اختفاء بعضها أكثر من (50) عاماً، وحققت الحملة نجاحاً كبيراً توجته الهيئة بإقامة معرض (الآثار الوطنية المستعادة) الذي أقيم عام 1433ه، وتواصل الهيئة جهودها لاستعادة المزيد من الآثار من الداخل والخارج وفق الأنظمة والاتفاقات المحلية والدولية.
وأولت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تسجيل المواقع الأثرية والتراثية بقائمة التراث العالمي في "اليونسكو" اهتماماً كبيراً، بهدف إبراز البعد الحضاري للمملكة، والمحافظة على تراثها الوطني، والتعريف بقيمته التاريخية، وقد بدأت عملية تسجيل المواقع السعودية في القائمة عندما صدر قرار مجلس الوزراء عام 1427ه بالموافقة على تسجيل ثلاثة مواقع سعودية ضمن قائمة التراث العالمي باليونسكو، وهي (مدائن صالح، والدرعية التاريخية، وجدة التاريخية)، وقد عملت الهيئة على إعداد وتقديم الملفات الخاصة بالمواقع الثلاثة لمنظمة اليونسكو، فتم تسجيل موقع مدائن صالح في القائمة كأول موقع سعودي يدرج بالقائمة في شهر رجب عام 1429ه ، وأعقبه تسجيل حي الطريف بالدرعية التاريخية عام 1431 ه، ثم موقع جدة التاريخية الذي تم تسجيله عام 1435ه .
كما وافق المقام السامي على طلب الهيئة تسجيل مواقع الرسوم الصخرية بمنطقة حائل بقائمة التراث العالمي، وقد حصل الموقع على الموافقة بالإجماع وتم تسجيله يوم الجمعة 16 رمضان 1436ه ، ليكون الموقع الرابع للمملكة في قائمة التراث العالمي بعد مدائن صالح والدرعية وجدة التاريخية، وتعمل الهيئة على تسجيل (10) مواقع أخرى خلال السنوات القادمة، وهي: (الفنون الصخرية في بئر حمى، قرية الفاو بمنطقة الرياض، واحة الأحساء، طريق الحج المصري، طريق الحج الشامي، درب زبيدة، سكة حديد الحجاز، حي الدرع بدومة الجندل، قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، قرية رجال ألمع التراثية بمنطقة عسير).
وضعت الهيئة استراتيجية لتطوير القطاع، فربطت المتاحف بالمسارات والأنشطة السياحية في مناطق المملكة، وعملت على إنشاء (5) متاحف إقليمية في كل من: (الدمام، والباحة، وأبها، وحائل، وتبوك)، وتطوير (6) متاحف قائمة في كل من: (تيماء، ونجران، وجازان، والأحساء، والعلا، والجوف)، وتشمل عملية التطوير المباني والعروض المتحفية، وبالإضافة إلى إنشاء المتاحف الجديدة، وتطوير المتاحف القائمة.
كما عملت الهيئة على توظيف بعض المباني الأثرية والتاريخية التي تم ترميمها كمتاحف للمحافظات، ويبلغ عددها (15) متحفاً، كما تقوم الهيئة بدعم المتاحف الخاصة لتكون مؤهلة لمزاولة نشاطها المتحفي واستقبال الزوار، وقد منحت الهيئة حتى الآن تراخيص ل(131) متحفاً من إجمالي المتاحف الخاصة التي تنطبق عليها معايير الترخيص. كما تنظم الهيئة ملتقى لأصحاب المتاحف الخاصة يقام كل سنتين في منطقة من مناطق المملكة، بالإضافة إلى تنظيم رحلات خارجية لأصحاب المتاحف الخاصة لاستطلاع التجارب المميزة في هذا الجانب وتبادل الخبرات.
وتحرص الهيئة على تفعيل التعاون الدولي مع أشهر المتاحف العالمية، في مجالات المعارض، وتبادل الخبرات والتدريب، وتأهيل الكوادر، والزيارات، والدراسات والبحوث، وبرامج الخبراء الزائرين، وتبادل الموظفين، وذلك من خلال اتفاقيات ثنائية للتعاون تحت مظلة الاتفاقيات الثنائية بين المملكة وهذه الدول، وقد أسفرت هذه الجهود عن إقامة معرض ل(روائع الفنون الإسلامية) بمتحف اللوفر، وإقامة 6 محطات ناجحة لمعرض (روائع آثار المملكة عبر العصور) بدأت من متحف "اللوفر" الفرنسي، ثم مؤسسة "لاكاشيا" الأسبانية، ثم متحف "الأرميتاج" الروسي، فمتحف "البيرغامون" الألماني، ثم انتقل للعرض في خمس محطات بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد صدرت الموافقة السامية على استمرار إقامة المعرض في عدد من دول العالم.
وكان أكبر خطر يهدد التراث العمراني الوطني قبل إنشاء الهيئة، هو الإزالة العشوائية للمباني التراثية، ولذلك بدأت الهيئة تعاملها مع التراث العمراني بإيقاف الإزالة العشوائية، فنسقت مع وزارتي الداخلية، والشؤون البلدية والقروية لإيقاف عمليات الإزالة العشوائية لمباني التراث العمراني، ووضعت المعايير والأنظمة التي تحكم ذلك، وتم استصدار عدداً من الأوامر والتعاميم للحد من إزالة المباني التراثية، إلا بعد وقوف المختصين من الهيئة عليها، ونفذت الهيئة مسحاً ميدانياً أولياً، على مستوى المملكة بمشاركة الإدارات والمؤسسات المحلية في كل منطقة، وتم حصر حوالي (2000) موقع للتراث العمراني، ما بين قرى وأحياء ومراكز مدن تاريخية ومبان، وقد أوضحت الدراسات الأولية أن أكثر من (800) موقع من هذه المواقع قابلة للاستثمار، وأن (173) موقعاً قابلاً للاستثمار في الوقت الراهن، ولأن مواقع التراث العمراني في المملكة تفوق هذا العدد بكثير، فإن الهيئة تعمل على تنفيذ حصر شامل ومفصل لها، تمهيداً لتصنيفها في ثلاث فئات، وتسجيلها في السجل الوطني للتراث العمراني، وقد وضعت الهيئة معايير لاختيار وتصنيف مواقع التراث العمراني وفقاً للمعايير العالمية.
وفي إطار جهودها للمحافظة على التراث العمراني في المملكة نظمت الهيئة الكثير من الندوات والمؤتمرات المتخصصة في التراث العمراني، من أبرزها ندوة التراث العمراني الوطني وسبل المحافظة عليه، وتنميته واستثماره سياحياً، عام 1424ه، والمؤتمر الدولي للتراث العمراني في الدول الإسلامية الذي أقيم عام 1431ه ، وملتقى التراث العمراني الوطني الذي يقام سنوياً منذ عام 2011م، ويتنقل بين مدن ومناطق المملكة.
وفي خطوة غير مسبوقة على المستوى المحلي نظمت الهيئة برنامجاً لاستطلاع التجارب العالمية في المحافظة على التراث العمراني وتنميته لأمناء ورؤساء البلديات والمحافظين في المناطق، على نفقة الهيئة؛ بهدف دعم خبراتهم، وإطلاعهم على تجارب ونماذج تطبيقية عالمية رائدة في المحافظة على التراث العمراني، واستخدامه في التنمية السياحية المستدامة، وقد شملت هذه الزيارات مناطق التراث العمراني المميزة، في: إيطاليا، وفرنسا، والأردن، ومصر، وتونس، والمغرب، واليونان وتركيا، وشارك فيها أكثر من 350 مسئولا، وكان لتلك الزيارات الدولية أثر كبير في دعم توجهات الهيئة للمحافظة على التراث العمراني.
ومع تنامي العمل في هذا المجال، أنشأت الهيئة مركز التراث العمراني الوطني عام 1432ه، واعتمدت الهيئة الهيكل المؤسسي للمركز، وأسست إدارات للتراث العمراني بفروع الهيئة في المناطق، وتتويجاً للشراكة الناجحة والتنسيق المستمر مع وزارة الشئون البلدية والقروية في مجال المحافظة على مواقع التراث العمراني وإعادة تأهيلها وتطويرها وتوظيفها اقتصادياً، صدر قرار صاحب السمو الملكي وزير الشئون البلدية والقروية بإنشاء إدارة للتراث العمراني على مستوى الوزارة، وعلى مستوى أمانات المناطق، بحيث يكون لهذه الإدارات دورها الفاعل في تنفيذ مشروعات تطوير مواقع التراث العمراني على مستوى مناطق المملكة ومحافظاتها.
وضمن جهود الهيئة لحماية التراث العمراني، وضعت الهيئة مجموعة من المبادرات والمشاريع والبرامج، وعملت على تنفيذها بالتعاون مع الشركاء من الجهات الحكومية وغير الحكومية في مدن ومناطق المملكة، ومن أبرز هذه المبادرات والبرامج: إعادة تأهيل وتطوير القرى والبلدات التراثية، وبرنامج تحسين مراكز المدن التاريخية، وبرنامج تأهيل وتطوير الأسواق الشعبية، وبرنامج تأهيل المباني التاريخية للدولة في عهد الملك عبدالعزيز ، و برامج تأهيل التراث العمراني في موانئ البحر الأحمر، وبرنامج تأهيل مباني التراث العمراني المميزة المملوكة للمواطنين واستثمارها.
وهذه البرامج التي يشتمل كل منها على عدد من المشروعات تمولها الهيئة جزئياً، وتشارك في تمويلها الوزارات الأخرى، والقطاع الخاص، والمجتمعات المحلية، وصناديق الإقراض، وفق آليات نظمتها الهيئة وحكمتها من خلال اتفاقيات للتعاون مع هذه الجهات.
كما أعطت الهيئة للمجتمعات ومجالس التنمية السياحية في المناطق والمحافظات الدور الرئيس في مباشرة متطلبات ومهام التراث العمراني، سواء ما يتعلق منها بالحماية والمحافظة أم بالتنمية والتطوير، والمشاركة في إدارة المواقع وتنفيذ المشروعات الصغيرة وبرامج التنشيط والفعاليات، ووضعت لذلك عدداً من البرامج التي تحفزها وتساعدها على القيام بهذا الدور، ومن أبرزها: برنامج ثمين، برنامج تكامل، برنامج تمكين، برنامج لا يطيح ودعمت الهيئة هذه البرامج بخطة متكاملة لتدريب وتأهيل الكوادر الوطنية في مجال ترميم المواقع والمباني التراثية وإعادة تأهيلها.
وتبدي الدولة اهتماماً كبيراً بمواقع التاريخ الإسلامي والحفاظ عليها، ويؤكد ذلك صدور الأمر السامي الكريم عام 1429ه، والذي ينص على منع التعدي على مواقع التاريخ الإسلامي في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتكليف الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بحصر كامل لتلك المواقع، ووقف جميع أنواع التعديات عليها.
وبادرت الهيئة بتأسيس "برنامج العناية بمواقع التاريخ الإسلامي" الذي يختص بمواقع التاريخ الإسلامي المرتبطة بالسيرة النبوية وعصر الخلفاء الراشدين في جميع مناطق المملكة، وتم تشكيل لجنتين للبرنامج، لجنة توجيهية ولجنة استشارية برئاسة سمو رئيس الهيئة، وعضوية مسئولين ومتخصصين من جهات حكومية مختلفة، وشكلت لجنة متخصصة لحصر مواقع التاريخ الإسلامي في المنطقتين، وإعداد قوائم بمواقع التاريخ الإسلامي فيهما، ونتج عن المسح الميداني لمواقع التاريخ الإسلامي حصر (384) موقعاً، منها (266) موقعاً في المدينة المنورة، و(118) موقعاً في مكة المكرمة.
كما وافق مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه التاسع والثلاثين الذي عقد مؤخرا على تأسيس "برنامج العناية بالمساجد التاريخية" في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بهدف التنسيق مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وعدد من الجهات ذات العلاقة إلى المحافظة على المساجد التاريخية في المملكة والعناية بها، وإعادة تأهيلها، وإظهار قيمتها الدينية والحضارية والعمرانية.
وجاء تأسيس هذا البرنامج في الهيئة ليمثل نقلة جديدة للبرنامج الذي تبنته مؤسسة التراث الخيرية منذ أكثر من 17 عاما وتم من خلاله ترميم وتأهيل عدد من المساجد التاريخية على مستوى مناطق المملكة.
ويعد البرنامج الوطني لتنمية وتطوير الحرف والصناعات اليدوية (بارع) تتويجاً لجهود الهيئة في هذا المجال، كما يعد إطاراً تنظيمياً لنشاط هذا القطاع الحيوي، وقد عمل البرنامج من خلال السجل الوطني للحرفيين على إجراء تعداد تقديري للحرفيين والحرفيات العاملين في هذا القطاع بالمملكة، وتم تقدير أعداد الحرفيين والحرفيات استناداً إلى المسوحات الميدانية التي قام بها فريق الإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية لمختلف المناطق، ومعظم المحافظات والمراكز الإدارية في المملكة، حيث يمثل الحرفيون 13021 حرفياً يشكلون ما نسبته 63% من إجمالي الحرفيين في حين تمثل الحرفيات 37% وعددهن 7542 حرفية، ويعمل البرنامج على عدد من الأنشطة لدعم وتطوير الحرف اليدوية ودعم الحرفيين للاستثمار في هذا المجال.
ومن ابرز مشاريع الهيئة مشروع تطوير أواسط المدن والذي يهدف إلى المحافظة على الهوية العمرانية في أواسط المدن، وجعل مراكز المدن عناصر جذب سياحية، وتنميتها وتطويرها عمرانياً واجتماعياً وسياحياً وتحقيق مبدأ الاستدامة فيها، وذلك بالتعاون مع أمانات المناطق، حيث تُساند الهيئة فنياً في مجال الحفاظ على التراث الوطني الأمانات والبلديات في المدن والمحافظات التي خصصت ميزانيات لتطوير أواسط المدن، وتسعى الهيئة لاستعادة الشخصية العمرانية التي تتميز بها أواسط المدن القديمة وإعادة تأهيلها، لتصبح مراكز تاريخية سياحية ثقافية للمنطقة.
وقد طورت الهيئة بالتعاون مع الأمانات والبلديات (6) مراكز مدن خلال عام 1435ه، وهي (وسط أبها، ووسط جازان، ووسط نجران، ووسط تبوك، ووسط حائل، ووسط المجمعة)، تضم أكثر من (20) مشروعاً، كما تستهدف إضافة (10) مشاريع أخرى بنهاية عام 1436ه.
وبدأت الهيئة تنفيذ مشروع تطوير أواسط المدن في صفر من عام 1435ه، على أن يستكمل المشروع خلال (3) سنوات.
وتمثل "الشركة السعودية للضيافة التراثية" التي تم وضع حجر الأساس لباكورة مشاريعها من خلال (فندق سمحان التراثي بالدرعية التاريخية)، إحدى أهم شركات الاستثمار السياحي التي عملت عليها الهيئة وتم إقرارها مؤخرا من الدولة، كما تأتي كأحد المشاريع الرئيسية لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، وضمن مرحلة جديدة من دعم الدولة واهتمامها بالاستثمار في مواقع التراث العمراني ترسيخا لأهميتها في الذاكرة الوطنية، ولتحويلها إلى قطاع اقتصادي منتج.
وقد تم إطلاق "الشركة السعودية للضيافة التراثية" من خلال حفل توقيع عقد التأسيس 12 ربيع الآخر 1436ه بمشاركة الجهات المساهمة وهي: (صندوق الاستثمارات العامة، شركة طيبة القابضة، شركة دور للضيافة، شركة الطيار للتطوير والاستثمار السياحي والعقاري، شركة الرياض للتعمير، شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني).
وقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في كلمته في افتتاح ملتقى التراث العمراني الذي أقيم مؤخرا بالقصيم أن المملكة تعيش التحول الكبير الذي دعمته الدولة خلال السنوات الماضية لإحياء التراث الوطني وتعزيز دوره في حياتنا واقتصادنا , مشيرا إلى أن التراث الوطني الذي كان يعتبر خطأً من مخلفات الماضي وعنوان التخلف أصبح في قمة اهتمام الدولة والمواطنين، وما نشاهده اليوم من اهتمام بالتراث ما كان ليحدث لولا توفيق الله تعالى ثم الدعم المتواصل من قائد هذه الدولة الملك سلمان حفظه الله وتكاتف مؤسساتها ومواطنيها.
وأضاف سموه: "نحن جميعاً واثقون بأن الامة التي لا تحافظ على تاريخها وتراثها الحضاري لا يمكن أن يكون لها مستقبل واعد، ولقد تطور اهتمامنا بالتراث، كونه الخيمة التي تظلنا والرابط الذي يجمعنا ويؤكد هويتنا الوطنية ولأنه باب خير اقتصادي مهم ومؤثر يمكن أن يساهم كما يساهم في الدول المتحضرة والمتطورة اقتصاديا في تحقيق التنمية المحلية المتوازنة على المستوى الوطني ويمكن ان يحقق فرصة غير ناضبة من العمل والانتاج والإبداع للشباب والاسر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.