يُروى أن عمر بن عبدالعزيز كتب لأحد ولاته : "قد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإما اعتدلتَ وإما اعتزلت". سياسةٌ حكيمة. و مبدأٌ قويم. و هويّةُ حاكمٍ إستحق أن يكون بها خامس الخلفاء الراشدين لفترة حكمٍ لم تتجاوز عاميْن و نصف، إغتنى فيها الفقراء حتى لم يجد مستحقاً من أصناف الزكاة الثمانية فقال أُنثروا الحب على رؤوس الجبال لِئلّا يُقال مات طيْر من الجوع في بلاد المسلمين. خلّده تاريخٌ أغْضى عن مئاتٍ سلكوا غير طريقه. لو سكت حفيد الفاروق عن وُلاته لَفسدتْ عليه الأمور. و لو لم يهابوا عزيمته و صدقه لَما شبع الفقراء و لا أُنصفتْ المظالم. و لو لم يفتح أبوابه لسماع شكاوى الشاكين و شكر الشاكرين لَزيّنتْ له البطانةُ أوهاماً على أنها حقائق. فقهٌ و بصيرةٌ و تقوى..ما إجتمعتْ بفؤاد حاكم إلّا صلُح و صلُحتْ رعيتُه.