صادف اول الميزان هذا العام وقفة عرفة، فما أروعه من توافق لانه يأتي والحجيج يقفون بعرفات يكبرون ويهللون ربهم سائلين المغفرة والرحمة والقبول من رب العالمين.. شاكرين الله على ان هيأ للحرمين الشريفين قائدا حازما هو الملك عبدالعزيز الذي اسس المملكة العربية السعودية في (21 جمادى الاولى المواففق 23 سبتمبر 1932م) سائلين الله ايضا في توفيقه للقيادة السعودية وشعبها بالاستمرار في تقديم الخدمات والانجازات ولهم الاجر الذي جعل رحلتهم لاداء الحج والعمرة في غاية الراحة والامان. اعتراف اسلامي في يوم عظيم، لما تقدمه المملكة لضيوف الرحمن، فما اروعه من التوافق وما اجمله في تقدير الحجاج لخدمات المملكة لهم منذ قدومهم الى عودتهم الى بلادهم فشكرا لكم ايها الحجاج الكرام وامل عودتكم لدياركم سالمين مقبولين. والذي دفعني الى هذا الكلام ان التاريخ يظل المؤشر القوي الذي لا يكذب ولا يزور وان عشق قراءته ومشاهدة انجازاته لنا وللحجاج هو خير معلم، وخير مرشد وخير شاهد. هذا الكلام ينطبق على كثير من الشعوب التي تصنع التاريخ فتنزل بصماته على ادائها، وكل يوم يمر علينا يضفي على وجودها مزيدا من الفرح والبهجة وعشق الحياة. واذا سلمنا بصحة هذه الحقيقة فإنني اقول اننا بحاجة الى غرس وعي الامة بهذا العشق الذي يمكن ان يقود الى طريق متعة ومحبة الاجيال لتاريخهم في مدارسهم وجامعاتهم لان التاريخ حقل مفتوح للجميع سواء اكانوا مواطنين او طلاب مدارس وجامعات. واذا كنا نعيش توافق اول الميزان مع وقفة عرفات هذه العام، فانني اود ان اشير الى اننا ابناء هذا الوطن ننطق كما نطق حجاج الله في عرفة وطلبوا من الله التوفيق والمزيد لنا، فاننا ننطق ايضا بصوت فيه نبرة سعادة واعتزاز ونقول اننا لا نتكلم كثيرا فان استمراريتنا وحسن ادائنا يجعلنا لا نتكلم الا عندما نحس بأن العالم ينظر الى انجازاتنا وخاصة في خدمة الحرمين الشريفين التي اشاد بها ضيوف الرحمن. فتاريخ الامم ومسعاها الى التمسك والاندماج يكاد يتوارى مع سعيه الى الحياة والمفكرون والفلاسفة كانوا دوماً في طليعة الحالمين برحلة عبر التاريخ.. رحلة متعة تاريخية. وفي هذا الاطار فانه عشق التاريخ احسست به باعتزاز وسمعته من قراءة اغنية "الوطن" التي تقول بعض كلماتها: اجل نحن الحجاز ونحن نجد.. هنا مجد لنا وهناك مجد وهذه الاغنية يترنم بها الصغار قبل الكبار، والنساء قبل الرجال تحكي للمجتمع داخلياً وللمجتمع الاسلامي والدولي رؤيتنا لانفسنا، مما يساعدنا كذلك على فهم وادراك تجاوب الآخرين. ولعل من المفيد هنا ونحن نردد مع الاغنية كلماتها: ونحن شمالنا كبر اشم.. ونحن جنوبنا كبر أشد فالتاريخ هو معرفة الانجاز الذي تم وطنياً وهو مصدر النهوض الى كيان امة موحدة وهو الطموح الذي نتطلع اليه كدولة ذات سيادة متقدمة بين دول العالم. لذلك متعة قراءة التاريخ تجعل عشقه من خلال تنمية الانتماء وتقدمه شعارا وواقعاً وممارسة وغاية، لانه لا يمكن لاي فرد ان يصنع الحاضر والمستقبل دون ان يكون لديه ذاكرة تحفظ التاريخ وتجعل الرجوع اليها متعة تقود الى الانتماء الوطني ساعياً الى صيانة المجتمع لتسوده المحبة والتواصل. ولعلي اقول بكل تأكيد ان استقبال اول الميزان من كل عام يجعل المواطنة والتعبير عنها في سلوك المواطنين اساس ونبراس انسان شبه الجزيرة العربية في تحركه لحماية امنه واستقراره. خلاصة القول ان عشق التاريخ في كل سطوره ومراحله هو رصيد في قلب كل مواطن عبر عنه في كل عام، كما عبر عن ذلك حجاج بيت الله الحرام في عرفات وهو سر مكنون، وهو سر وقوف الجميع في جميع المناطق باعتبار هذا اليوم (اول الميزان) رمزاً وتأكيدا لمفهوم (حب الوطن) مرددين مع شاعرنا غازي القصيبي (رحمه الله): اجل نحن الحجاز ونحن نجد.. وهنا مجد وهناك مجد ونحن جزيرة العرب افتداها.. ويفديها غطارفة وأسد