في عام 1351ه 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م. وفي 17 جمادى الأولى 1351ه صدر مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية. 85 عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه تحقيق الإنجازات المتواصلة سياسياً واقتصادياً وتنموياً في مملكتنا الحبيبة لتجسد مسيرة البناء والرخاء للدولة الفتية وتتواصل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ،يحفظه الله. نسب آل سعود : يرجع نسب الأسرة السعودية الكريمة إلى بني حنيفة البكرية الوائلية، وهذا هو الثابت من أقوال النسابين والمؤرخين. ومن حيث النسب فإن بني حنيفة هم أبناء: حنيفة بن لُجَيْم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هِنْب بن أفصَى بن دُعْمِي بن جديلة بن أسد بن رَبيعة بن نزار بن مَعَد بن عَدنان . أما من الناحية المكانية فإن وادي العرض المعروف بوادي حنيفة نسبة إلى حنيفة بن لجيم هو مقر قبيلة بني حنيفة بن لُجَيْم بن صَعب بن علي بن بَكر بن وائل، عرفت به، وعرف بها منذ العصر الجاهلي؛ حتى سُمي وادي اليمامة: وادي حنيفة. والمعروف لدى أوائل المؤرخين والنسابين أن بني حنيفة وفدت إلى بلاد اليمامة، قادمة من ديارها الأصلية في الحجاز وعالية نجد، حيث كانت تقيم قبائل بكر وتغلب الوائليتين. ويورد المؤرخون قصة طويلة لقدوم بني حنيفة إلى اليمامة مفادها أنه: (خَرَجَتْ بنو حنيفة بن لُجَيم بن صَعْب بن علي بن بكر بن وائل يتبعون الريف ويرتادون الكلأ، حتى قاربوا اليمامة على السمت الذي كانت عبدالقيس سلكته لما قدمت البحرين، فخرج عُبَيْد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة منتجعًا بأهله وماله، يتبع مواقع القطر، حتى هجم على اليمامة، فنزل موضعاً يقال له قاراتُ الحُبَل، وهو من حَجْر على يوم وليلة، فأقام بها أياماً، ومعه جارٌ من اليمن من سعد العشيرة، ثم من بني زُبَيْد، فخرج راعي عبَيْد حتى أتى قاع حَجْرٍ، فرأى القصور والنخل، وأرضاً عرف أنَّ لها شأناً، وهي التي كانت لطَسْم وجَدِيس فبادوا في اليمامة، فرجع الراعي حتى أتى عبيداً، فقال: والله إني رأيت آطاماً طوالاً، وأشجاراً حِسَاناً هذا حملها، وأتى بالتمر معه مما وجده منتثراً تحت النخل، فتناول منه عبيد وأكل، وقال: هذا والله طعام طيب! وأصبح فأمر بجزور فنحرت، ثم قال لبنيه وغلمانه: اجتزروا حتى آتيكم، وركب فرسه، وأردف الغلام خلفه، وأخذ رمحه حتى أتى حَجْراً، فلما رآها لم يَحُلْ عنها، وعرف أنها أرضٌ لها شأن، فوضع رمحه في الأرض، ثم دفع الفرس، واحتجر ثلاثين قصراً وثلاثين حديقة، وسماها حَجْراً، وكانت تسمى اليمامة، ثم ركز رمحه في وسطها، ورجع إلى أهله، فاحتملهم حتى أنزلهم بها… وتسامعَت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عُبَيد بن ثعلبة فأقبلوا، فنزلوا قُرَى اليمامة). ويقدر الشيخ حمد الجاسر نزول بني حنيفة في اليمامة، واتخاذهم لحجر اليمامة حاضرة وموضعاً ومستقراً بحوالي مئتي سنة قبل البعثة. والدليل على ذلك أن عُبَيد بن ثعلبة الذي احتجر القصورَ والحدائقَ في حَجْر كما تقدم هو الأب الرابع لثمامة بن أثال بن النعمان بن مَسْلَمة بن عبيد بن ثعلبة، وهو ممن أدرك الإسلام ، ووفد على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم، وقصة إسلامه ذكرها المؤرخون وموجزها ((… ثمامة بن أثال بن النعمان بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن الدول بن حنيفة ملك اليمامة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وكان من أهل حجر ، ويساوي هوذة بن علي في الشرف. عزم قبل إسلامه على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم فمنعه عمه من ذلك ولعله قام بمحاولته هذه حينما كان هو وقومه بنو حنيفة يفدون إلى مكة للحج أو التجارة والرسول صلى الله عليه وسلم يدعو الناس ي تجمعاتهم إلى عبادة الله وحده. ودعا رسول الله عليه أن يمكنه الله منه ، فخرج وهو على شركه معتمراً فدخل المدينة فأخذ إلى الرسول فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد ، وبقي كذلك حتى عفى عنه الرسول ، فذهب إلى حائط من حيطان المدينة ، وقيل : خرج حتى أتى البقيع فاغتسل وطهر ثيابه ثم جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد وقال : ((يا محمد لقد كنت وما وجد أبغض إلي من وجهك ولا دين أبغض إلي من دينك ولا بلد أبغض إلي من بلدك ، ثم لقد أصبحت وما وجد أحب إلي من وجهك ، ولا دين أحب إلي من دينك ولا بلد أحب إلى من بلدك وإني أشهد أن لا إله الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)). وبعد اعتناقه للإسلام طلب من الرسول عليه الصلاة والسلام إمضاء عمرته فكان أول من دخل مكة ملبياً ، وسمعت به قريش وقالت صبأ ثمامة فقال : والله ما صبأت ولكنني أسلمت وصدقت محمداً وآمنت به . وتحقيقاً لصدق إسلامه أسهم في حصار قريش وهي على الشرك حين قال لهم : ((ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً فجهدت قريش وكتبوا إلى الرسول يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر الكلاعي : أن ثمامة أستأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يغزو بني قشير ، لأنهم قتلوا أثالاً في الجاهلية فأذن له فغزاهم وبعث إلى الرسول بالخمس. وصار ثمامة عاملاً للرسول صلى الله عليه وسلم على ((حجر اليمامة)). وثبت ثمامة على إسلامه حين ظهرت الردة ونصح قومه بالثبات على الإسلام وقال : ((إنه لا يجتمع نبيان بأمر واحد وإن محمداً رسول الله لا نبي بعده ولا نبي يشرك معه)). وبصفته عاملاً للرسول صلى الله عليه وسلم على حجر اليمامة فقد بعث الرسول إليه فرات بن حيان العجلي يأمره بقتال مسيلمة لأنه بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم ردة مسيلمة وخروجه. ولما غلب مسيلمة على حجر اليمامة كتب ثمامة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبره بغلبة مسيلمة على حجر ، وأنه خرج بمن معه من المسلمين عنها. وكانت نهاية ثمامة – رضي الله عنه – أن قتل بعد أن اشترك مع العلاء بن الحضرمي في فك الحصار عن المسلمين في جواثي في عام 11ه/632م. وشهد مع خالد بن الوليد رضي الله عنه معركة اليمامة ضد مسيلمة في السنة الثانية عشرة من الهجرة. وعبيد هو الأب الرابع لمُجَّاعةَ بن مُرَارة بنِ سُلْمِي بن زيد بن عبيد بن ثعلبة، وهو من رؤساء بني حنيفة وذوي الرأي فيهم، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبوه مُرَارة، فأقطعه عليه الصلاة والسلام الغَوْرة وغُرَابَةَ والحُبَل، وكتب له كتاباً، وله أخبار في الرِّدة مع خالد بن الوليد رضي الله عنه، وتزوج خالد ابنته، وعاش إلى أيام معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وله شعر وأقوال فيها حكم. وبنو حنيفة اعتنقوا الإسلام وانضووا تحت رايته فكان منهم المجاهدون ورواة الحديث ، وعندما حكم الأخيضريون المنطقة في منتصف القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) تفرق بنو حنيفة في أنحاء الجزيرة العربية وتحضروا في عدد من المناطق منها أضاخ في عالية نجد التي سكن بها بعضهم ويذكر الرحالة ابن بطوطة عندما زار اليمامة أنه كان يحكمها طفيل بن غانم من بني حنيفة وأنه حج معه في جمع وكان ذلك في عام 732ه ، وفي عام 850ه (1446م) انتقل جد آل سعود ، مانع المريدي بأسرته من شرقي الجزيرة العربية إلى العارض في نجد بدعوة من ابن عمه "ابن درع" صاحب حجر والجزعة "الذي منحهم موضعي "المليبيد" و"غصيبة" فاستقر فيهما مانع وأسرته ، وأصبحتا بعد ذلك مناطق عامرة بالسكان والزراعة. وأنشأ مانع في هذين المكانين بلدة قوية سميت بالدرعية نسبة إلى الدروع ، وأخذت مكانها في قلب الجزيرة العربية حتى أصبحت إمارة معروفة. استمرت أسرة ربيعة بن مانع في إمارة الدرعية منذ ذلك العام إلى أن تولى سعود بن محمد بن مقرن عام 1132ه وبعد وفاته ليلة عيد الفطر عام 1137ه تولى "زيد بن مرخان" وهو من أسرة آل ربيعة فترة تقل عن السنتين ، حيث تولى بعده الأمير "محمد بن سعود" الذي أصبح يلقب فيما بعد بالإمام وذلك عام 1139ه (1725م) وقاد البلاد إلى مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة ، حيث نجح في تأسيس دولة واسعة النفوذ. ومن هذا يتبين أن حكم آل سعود ممتد بجذوره إلى زمن بعيد في قلب الجزيرة العربية ، ومرتبط بتاريخ عريق وماض يتمثل في عراقة الأسرة الحاكمة وقدم تاريخها. وإمتداداً إلى هذا التاريخ العريق، فقد ارتسمت على أرض المملكة العربية السعودية مسيرة توحيد في ملحمة جهادية تمكن فيها الملك عبدالعزيز – رحمه الله – من جمع قلوب أبناء وطنه وعقولهم على هدف واعد نبيل ، قادهم في سباق مع الزمان والمكان في سعي لعمارة الأرض – بتوفيق الله وما حباه الله من حكمة – إلى إرساء قواعد وأسس راسخة لوطن الشموخ على هدى من كتاب الله الكريم وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم فتحقق للملك عبد العزيز هدفه فنشر العدل والأمن بتيسير الله وفضله واستمر في العمل من أجل ذلك سنين عمره . ويستذكر اليوم أبناء المملكة هذه الذكرى المشرقة باعتزاز وتقدير للملك عبد العزيز- رحمه الله – في شكر للنعمة والدعاء لمن عمل على تحققها في هذه البلاد مترامية الأطراف ولمواطنيها فكان الخير الكثير بوحدة أصيلة حققت الأمن والأمان بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل جهاده وعمله الدءوب . ومثلما يستلهم السعوديون من ذكرى التوحيد همة وعزيمة لمواصلة العمل والعطاء للرقي وطنًا وشعبًا وأمة. يقف الباحثون والمؤرخون وقفة تأمل وإعجاب في تاريخ هذا الكيان الشامخ على البناء وتخطي العوائق والصعاب والتغلب على كل التحديات بفضل من الله وتوفيقه أولا ثم بالإيمان القوي والوعي التام بوحدة الهدف وصدق التوجه في ظل تحكيم شرع الله والعدل في إنفاذ أحكامه لتشمل كل مناحي الحياة . الدولة السعودية الأولى ( 1157 1233ه / 1744 1818م) : كانت منطقة الجزيرة العربية في أوائل القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) تعيش في حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي إضافة إلى ضعف الوازع الديني بسبب انتشار البدع والخرافات فقد وصف المؤرخون الحالة السياسية والاجتماعية في منطقة الجزيرة العربية في تلك الفترة بالتفكك وانعدام الأمن وكثرة الإمارات المتناثرة والمتناحرة. وفي عام 1157ه (1744م ) تأسست الدولة السعودية الأولى عندما تم اللقاء التاريخي في الدرعية بين أميرها الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب وتبايعا على أن يعملا في سبيل الدعوة الإصلاحية ونشرها والقائمة على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأصبح ذلك هو الأساس الذي قامت عليه الدولة السعودية وعاصمتها الدرعية في قلب الجزيرة العربية . وتمكن أئمة الدولة السعودية الأولى من توحيد معظم مناطق شبه الجزيرة العربية ونقلها إلى عهد جديد اتسم بالاستقرار وانتشار الأمن ، وتطبيق الشريعة الإسلامية في نواحي الحياة كافة. ونتيجة لقيام الدولة السعودية الأولى ظهر الكثير من العلماء ، وازدهرت المعارف والنواحي العلمية والاقتصادية ، وأنشئ العديد من المؤسسات والنظم الإدارية. وأصبحت الدولة السعودية الأولى تتمتع بمكانة سياسية عظيمة نتيجة لقوتها ومبادئها الإسلامية ، واتساع رقعتها الجغرافية ، وسياسة حكامها المتزنة والمعتمدة على نصرة الدين الإسلامي ، وخدمة المجتمع والرقي بمستواه الحضاري . وكان انتهاء الدولة السعودية الأولى عام 1233ه (1818م ) نتيجة للحملات التي أرسلتها الدولة العثمانية عن طريق واليها في مصر ، كان آخرها حملة إبراهيم باشا التي تمكنت من هدم الدرعية وتدمير العديد من البلدان في مناطق الدولة السعودية الأولى في أنحاء الجزيرة العربية . وجاء حكام الدولة السعودية الأولى كالآتي : الإمام محمد بن سعود بن مقرن ( 1157 1179ه /1744 1765م) الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود (11791218ه / 17651803م) الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (12181229ه / 18031814م) الإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود (12291233ه / 1814 1818م) الدولة السعودية الثانية ( 1240 1309ه / 1824 1891م) : على رغم الدمار والخراب الذي خلفته قوات محمد علي بقيادة إبراهيم باشا في وسط الجزيرة العربية ، وهدمها الدرعية وتدمير الكثير من البلدان ، وإشاعة الخوف في نواحي الجزيرة العربية ، إلا أنها لم تتمكن من القضاء على مقومات الدولة السعودية ، حيث ظل الأهالي في البادية والحاضرة على ولائهم لأسرة آل سعود التي أسست الدولة السعودية الأولى ، وتقديرهم لمعاملتهم وقيادتهم الحكيمة ، ومناصرتهم للدعوة السلفية ، فلم يمض عامان من نهاية الدولة السعودية الأولى إلا وعاد القادة من آل سعود إلى الظهور من جديد لإعادة تكوين الدولة السعودية . وكانت أولى محاولاتهم عام 1235ه / 1820م عندما حاول الإمام مشاري بن سعود إعادة الحكم السعودي في الدرعية لكنها لم تدم إلا مدة قصيرة لم تتجاوز بضعة أشهر ، ثم تلتها محاولة ناجحة قادها الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود في عام 1240ه/1824م أدت إلى تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض . واستمرت الدولة السعودية الثانية على الأسس والركائز ذاتها التي قامت عليها الدولة السعودية الأولى من حيث اعتمادها على الإسلام ، ونشر الأمن والاستقرار ، وتطبيق الشريعة الإسلامية . وكانت النظم الإدارية والمالية مشابهة لتلك التي كانت في الدولة السعودية الأولى ، كما ازدهرت العلوم والآداب في ظل الدولة السعودية الثانية. وفي عام 1309ه / 1891م غادر الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الرياض إثر حدوث الخلافات بين أبناء الإمام فيصل بن تركي ، وسيطرة محمد بن رشيد حاكم حائل عليها . وبذلك انتهت الدولة السعودية الثانية. وجاء حكام الدولة السعودية الثانية كالآتي : الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود ( 12401249ه / 1824 1834م) الإمام فيصل بن تركي الفترة الأولى (1250 1254ه / 18341838م) الفترة الثانية ( 1259 1282ه / 1843 1865م) الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي الفترة الأولى ( 1282 1288ه / 1865 1871م) الإمام سعود بن فيصل بن تركي ( 1288 1291ه / 1871 1875م) الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الفترة الأولى (1291 1293ه / 1875 1876م) الإمام عبدالله بن فيصل بن تركي الفترة الثانية ( 1293 1305ه / 1876 1887 م) الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الفترة الثانية (1307 1309ه / 1889 1891م) الدولة السعودية الثالثة (توحيد المملكة العربية السعودية ) وفي الخامس من شهر شوال عام 1319ه الموافق للخامس عشر من شهر يناير (1902م) تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود من استرداد الرياض والعودة بأسرته إليها لكي يبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي ويعد هذا الحدث التاريخي نقطة تحول كبيرة في تاريخ المنطقة نظراً لما أدى إليها من قيام دولة سعودية حديثة تمكنت من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية ، وتحقيق إنجازات حضارية واسعة في شتى المجلات. ولقد توفرت للملك عبدالعزيز الصفات القيادية العظيمة التي مكنته من حمل مسؤولية تأسيس دولة حديثة كانت المنطقة في أمس الحاجة إليها ، فقد عرف عن الملك عبدالعزيز تمسكه بالعقيدة ودفاعه عنها وإيمانه الشديد بربه عز وجل وتطبيق شرع الله في جميع جوانب الحياة ومن صفاته بره بوالده وأسرته ومحبته للخير والعلم وشجاعته وفروسيته وكرمه العظيم. والملك عبدالعزيز رجل متعدد المواهب والصفات حيث استطاع أن يوحد بلداناً وقبائل وشعوب وأن ينشر الأمن والاستقرار في منطقة شاسعة ومن أهم خصاله إيمانه بالله قبل كل شيء ونبل هدفه الذي اعتمد فيه على الله عز وجل ثم على أبناء شعبه في تحقيقه وقوة شخصيته وموهبته القيادية وحكمته المتميزة ، ومن صفاته أيضاً صبره على المكاره وإنسانيته ورحمته بالغير رغم قوته ، وعفوه عند المقدرة ، وعرف عن الملك عبدالعزيز أنه لم يحقد على أحد حتى تجاه من ناصبه العداء أو أساء إليه ، بل تمكن من تحويل خصومه إلى أصدقاء مخلصين وعاملين له. ويعد استرداد الرياض من أعظم الأحداث التاريخية التي ظهرت فيها علامات قوة الشخصية وحسن القيادة لدى الملك عبدالعزيز والخبرة التي اكتسبها بنفسه. وبعد استرداد الرياض واصل الملك عبدالعزيز كفاحه مدة تزيد على ثلاثين عاماً من أجل توحيد البلاد ، وتمكن من توحيد العديد من المناطق من أهمها: – جنوب نجد وسدير والوشم 1320ه (1902م). – القصيم 1322ه (1904م). – الأحساء 1331ه (1913م). – عسير 1338ه (1919م). – حائل 1340ه (1921م). وتم للملك عبدالعزيز ضم منطقة الحجاز في عامي 1343ه و1344ه (1925م) وفي عام 1349ه (1930م) تم استكمال توحيد منطقة جازان. تلقب الملك عبدالعزيز في عهده إضافة إلى لقب "الإمام" بعدد من الألقاب أمير نجد ورئيس عشائرها 1319ه (1902م). سلطان نجد 1339ه (1921م). سلطان نجد وملحقاتها 1340ه (1922م). ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها 1345ه (1926م). ملك الحجاز ونجد وملحقاتها 1345ه (1927م). ملك المملكة العربية السعودية 1351ه (1932م). وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351ه الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932م صدر أمر ملكي للإعلان عن توحيد البلاد وتسميتها باسم "المملكة العربية السعودية" اعتباراً من الخميس 21 جمادى الأولى عام 1351ه الموافق 23 سبتمبر 1932م (الأول من الميزان). وتوج هذا الإعلان جهود الملك عبدالعزيز العظيمة الرامية إلى توحيد البلاد وتأسيس دولة راسخة تقوم على تطبيق أحكام القرآن والسنة النبوية الشريفة ، وتم تحديد يوم الأول من الميزان الموافق للثالث والعشرين من شهر سبتمبر ليصبح اليوم الوطني للمملكة ، وبهذا الإعلان تم تأسيس المملكة العربية السعودية التي أصبحت دولة العظيمة في رسالتها وإنجازاتها ومكانتها الإقليمية والدولية. التأسيس والبناء: بدأت مراحل التأسيس والبناء في عهد الملك عبدالعزيز منذ دخوله الرياض عام 1319ه (1902م) ، حيث تركزت على الجوانب الدينية والإدارية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، فقد أسس الملك عبدالعزيز العديد من المؤسسات الإدارية منها : المجالس الإدارية ، ومجلس الوكلاء ، ومجلس الشورى وإدارة المقاطعات ورئاسة القضاء والمحاكم الشرعية ووزارة الخارجية ووزارة المالية ووزارة الدفاع ووزارة المواصلات ووزارة الصحة ووزارة الداخلية ومؤسسة النقد العربي السعودي وغيرها من الوزارات والإدارات المتعددة . كما شملت عناية الملك عبدالعزيز في مجال التنظيم تطوير الخدمات المقدمة للحجاج حيث أمر بتوسعة الحرمين الشريفين وتأسيس المديرية العامة للحج وإنشاء المحاجر الصحية والطرق ووسائل المواصلات المتعددة وفي آخر حياته أنشأ الملك عبدالعزيز مجلس الوزراء ليكون خاتمة إنجازاته الإدارية والتنظيمية. ومن أبرز إنجازات الملك عبدالعزيز توطين البادية ، وتأسيس الهجر الذي نتج عنه تكوين مناطق استقرار عديدة في أنحاء المملكة لعدد من القبائل التي اتجه أفرادها إلى أعمال الزراعة والتجارة وإحياء الأراضي التي استقروا بها حتى أصبحت حواضر مزدهرة ويعد مشروع التوطين هذا من أبرز المشروعات المتعلقة بالتطور الاجتماعي في المنطقة الذي حقق نتائج عظيمة في حياة المجتمع البدوي وفي ازدهار المنطقة عمرانياً وسكانياً. ومن ملامح التأسيس والبناء في عهد الملك عبدالعزيز غرسه مبدأ المشاركة للجميع حيث أقبل الناس على تجهيز أنفسهم للمشاركة معه في توحيد البلاد إيماناً بهدف عبدالعزيز في التوحيد ونبذ الفوضى ، ومن نتائج هذه الظاهرة تلك الوحدة العظيمة بين أبناء المملكة التي شهدتها البلاد ولا تزال تشهدها إلى اليوم. ومن إنجازات الملك عبدالعزيز : عنايته بالتعليم ، ونشر المعرفة من خلال تشجيع طلاب العلم ، وتأسيس المدارس وإصدار الأنظمة الخاصة بها ، ونشر المؤلفات وتوزيعها ، وإنطلاقاً من حرص الملك عبدالعزيز الشخصي على الاستزادة من مناهل العلم والمعرفة قام بتشجيع تطور التعليم ومؤسساته وإنشاء المكتبات وإتاحة الكتب للجميع ، وتعد مكتبة الملك عبدالعزيز الخاصة والمحفوظة اليوم في دارة الملك عبدالعزيز بالرياض والمؤلفات التي طبعت على نفقة جلالته في أنحاء العالم العربي والإسلامي وظهور المدارس وازدهار الحركة العلمية في المنطقة من أبرز الأدلة على عناية الملك عبدالعزيز بجوانب العلم والمعرفة. وكان للملك عبدالعزيز إسهاماته الأخرى في تدعيم مكانة الدولة السعودية على الساحة الدولة السياسية والاقتصادية رغم الظروف الصعبة التي كانت تحيط بالمنطقة في تلك الفترة خصوصاً سيطرة عدد من الدول العظمى على الكثير من المناطق في العالم العربي ، فقد كانت بريطانيا والدولة العثمانية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا تتنافس بشدة على حماية مصالحها ومناطق نفوذها التي كانت تحيط بالملك عبدالعزيز ، فضلاً عن التنافس المحلي الشديد الذي كان يشكل تحدياً آخر للدولة السعودية الحديثة ، فرغم هذه الظروف تمكن الملك عبدالعزيز من انتهاج سياسة خارجية واضحة اعتمدت على مبادئ عظيمة تتصل بأهداف الدولة السعودية ومنهجها القائم على تأسيس دولة قوية تساند الدعوة وتستند إليها ، ولا تفرط في حقوقها أو منطلقاتها ، وتحقق مصالح الدولة السعودية والدول العربية والإسلامية والمطلع على مواقف الملك عبدالعزيز وسياسته الخارجية يجد أن قضايا العرب والمسلمين استحوذت على حيز كبير من اهتمامه وأخذت الأولوية على احتياجاته الداخلية ومصالح دولته ويعكس هذا موقف الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده تجاه القضية الفلسطينية التي كانت ولا تزال تشكل محوراً أساسياً ومهماً في السياسة الخارجية السعودية ، ويعد دعم الملك عبدالعزيز لتأسيس جامعة الدول العربية وتأييده لاستقلال العديد من الدولة العربية والإسلامية شاهداً على أن هذه السياسة تعد من الثوابت السعودية إلى اليوم. ومن الناحية الاقتصادية فقد شهدت المملكة العربية السعودية ظهور النفط وتطور صناعته واستخراج المعادن وازدياد حركة التجارة والعلاقات التجارية الدولية ولقد استفاد الملك عبدالعزيز من وسائل التقدم والتطور التي ظهرت في الدول الغربية وقام بجلبها إلى المملكة وتوظيفها في خدمة التطور الحضاري الذي أرسى قواعده بفضل سياسته الحكيمة المبنية على الأخذ بأسباب الحضارة والتقدم ضمن معايير المبادئ الإسلامية والتقاليد الاجتماعية التي تقوم عليها الدولة السعودية ونتج عن سياسة الملك عبدالعزيز هذه تطور الدولة السعودية في شتى ميادين الحياة مع الاحتفاظ بمبادئها وأسسها الدينية والاجتماعية محققاً بذلك أعظم معادلة متوازنة بين الأصالة والمعاصرة. ويعد إرساء الأمن في المملكة العربية السعودية من أهم الإنجازات التي تحققت في عهد الملك عبدالعزيز ، حيث أصبحت الطرق والمدن والقرى والهجر تعيش في أمن دائم كما أسس الملك عبدالعزيز الأنظمة اللازمة والمؤسسات الأمنية وعلى رأسها تطبيق الشريعة الإسلامية ، وردع جميع المحاولات التي تمس استقرار الناس وممتلكاتهم. وأصبحت المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز ذات مكانة دولية خاصة حيث انضمت إلى العديد من المنظمات والاتفاقيات الدولية ، نتيجة لموقعها العظيم ورسوخها ، بل كانت من أوائل الدول التي قامت بتوقيع ميثاق هيئة الأممالمتحدة عام 1364ه (1945م) وأسهمت في تأسيس العديد من المنظمات الدولية التي تهدف إلى إرساء الأمن والاستقرار والعدل الدولي مثل جامعة الدول العربية في عام 1364ه (1945م).