كل خطوة تخطوها لها زاوية جديدة ومنطقة رؤية مختلفة عما كانت عليه في الخطوة السابقة ، سواء بالنسبة لك أو بالنسبة لغيرك ، وكل قرار تتخذه له تبعاته كذلك لك ولغيرك ، وكل اختيار تتبناه له نتائجه ومفرزاته ، هذه هي حقيقة الحياة ، أفعالك وردود أفعالك وكلماتك وردود كلماتك لها آثارها ..ليس عليك وحدك بل وعلى غيرك ( أقاربك..جيرانك..مجتمعك..وطنك..وربما حتى العالم ) حتى وإن كنت في قرارة ذاتك لا تعني بكل هذه التحركات والسلوكيات والقرارات والاختيارات سوى صالحك وراحة بالك فقط، فقرار تعلمك مثلاً قد تراه قرارك الخاص ، لكن الحقيقة أن أثره كبير ومتجاوز إلى كل الدوائر الاجتماعية المحيطة بك ، بدءا من أسرتك وانتهاء بالدولة التي تهدف من تعليمك استثمار عقلك وطاقاتك الذهنية ، فقرار تعلمك قرارك لكنه في الوقت ذاته يعد شقاً جديداً لنهر المعرفة باتجاه رأسك ولسانك ومشاعرك ، والتي تقوم بالنيابة عنك بترجمة كل ذلك إلى أفكار يتلقفها الآخرون ويتأثرون بها . إن قرارك سواء في مثال التعلم السابق أو في أي قرار أو موقف أو اختيار آخر حتى وإن كان مجرد الإقلاع عن التدخين هو في الحقيقة عامل يحرك ديناميكية الحياة المجتمعية نحو بعض أو كل ما يتعلق بحياة شخص أو عدة أشخاص آخرين قد تعرفهم وقد لا تعرفهم، وهم تحت تأثير ذلك سيخطون هم بدورهم خطواتهم الخاصة أو قراراتهم الخاصة أو اختياراتهم الخاصة إتماماً لسلسة التأثيرات المجتمعية تلك والتي ربما ستكون متجهة لي هذه المرة أو عائدة إليك ، لكن في ثوب جديد من صنع أفكارهم هم ، يكفي تأملك في قرار الإقلاع عن التدخين .. أنظر من -باستثناء شخصك- من سيستفيد منه ؟ من غيرك يهمه أن تكون بصحة جيدة ؟ من غيرك مرضك يضره ويقلقه ؟ وفي المقابل ..أنظر من يهمه أن تظل مستمراً في شراء علب السجائر؟. إن ما يحدث في حالة ما إذا قررت التعلم أو البقاء جاهلاً أمياً ، هو ذاته ما يحدث حينما تختار ما بين الإقلاع عن التدخين أو الاستمرار فيه ، الفرق أن مسارات التأثير لكلا القرارين مختلفة من حيث الأهمية والحدة وسرعة التأثير ، فحياة كل فرد منا ليست تحت سيطرته بالكامل ، إلا إذا كانت الحياة برمتها مختزلة فيه هو فقط ، وبقية البشر لا وجود لهم . هنا يمكنه أن يقرر ولا تجد لقراراته أي تبعات تذكر سوى عليه فقط ، لأنه يعيش بمفرده على الأرض ، لكن في الواقع هذا مستحيل .. وبالتالي فليس أمامنا مع هذه الحقيقة إلا إحسان الاختيار قدر الإمكان ، أما النتيجة فهي مرهونة ببقية القرارات الصادرة من أماكن أخرى ، في زمنك أو في أزمان سابقة ، فإن كنت محظوظاً فتجد كل تلك الأشياء متضافرة لإنجاح قرارك ، وإن كنت غير ذلك ، فالحقيقة تقول إنك لم تزل حياً ولا زلت تملك الاختيار من جديد..ولكن يجب قبل أن تتبنى الخيار الجديد أن تتذكر دوماً : " أنك لست وحدك".