مرّت عبر التاريخ حروب وأحداث كانت سببا رئيسا في تشكيل المناطق والدول التي مرّت بها. الحرب العالمية الأولى والثانية غيرت شكل الدول الأوروبية ومستعمراتها وبسطت الهيمنة الأمريكية عسكريا واقتصاديا على العالم، حرب 73 وتبعاتها أعادت ترتيب مراكز القوة في الشرق الأوسط، وغيرها من الحروب العسكرية والاقتصادية والثقافية التي ساهمت في رسم خارطة العالم الذي نعيش فيه اليوم. وأخيرا ظهور الجماعات الإرهابية مثل الاخوان والقاعدة وداعش وغيرها، أو بالأصح ظهور وتطوّر الوسائل التكنولوجية والاعلامية التي سهّلت تمرير فكرهم المنحرف. الدول المتحضرة بكافة أشكالها وأطيافها وأديانها تخوض بحربها على الإرهاب أشرس وأعنف حرب عرفها التاريخ الحديث. هذه حرب لا تميز بين مقاتل ومسالم، ولا بين رجل وامرأة ولا بين طفل رضيع وشيخ كهل. هذه حرب تسرق الإنسانية قبل الأرواح، فقد أصبحت مشاهدة قطع الرؤوس وحرق الأجساد جزء لا يكاد يتجزّأ من يومنا. العدو في هذه الحرب يريد أن يطمس تاريخك، ويسلب حريتك، ويسبي محارمك، يريد حتى أن يسرق إيمانك بالله ويحرّف فهمك لدينه الحنيف. في الحرب على الإرهاب لا توجد طاولة مفاوضات، لا توجد معاهدات أومواثيق ولا يوجد أي أمل في السلام. الحرب على الإرهاب ليست كغيرها من الحروب، إنها حرب بقاء ومعركة مصير. رغم أن قدرات المملكة العربية السعودية الأمنية والعسكرية قادرة على الانتصار في هذه الحرب، إلّا أن الحكومة السعودية لم تكتف بهذا، فالمملكة تحقق نتائج جيدة في تجفيف منابع الدعم المالي لهذه الجماعات عبر مكافحة جرائم غسيل الأموال وإيقاف جمع التبرعات إلا عن طريق الجمعيات النظامية والحملات الرسمية. ولم تدّخر المملكة جهدا في مناصحة وإعادة تأهيل من عاد تائبا إلى وطنه. إن محاربة الفكر الإرهابي والجماعات المتبنّية له لا يكفيه الحل الأمني والعسكري فقط، فهذه مشكلة اجتماعية وثقافية قبل أن تكون مشكلة أمنية، ولذلك فإن للمنزل وللمدرسة وللجامعة دور مهم في هذه الحرب. ومنبر المسجد له دور لا يقل أهمية عن ما سبق ذكره، ووجود وزير الشؤون الإسلامية في مجلس الشوون السياسية والأمنية يشير إلى أن المملكة العربية السعودية إضافة لما أنجزته في السنين الماضية على المستوى الأمني، تعزمُ على الانتصار في حربها على الإرهاب عبر اجتثاث هذا الفكر الضال من جذوره. المستشار القانوني