أكدت المملكة العربية السعودية أن التزامها بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها ينطلق من منهجها الراسخ المستمد من الشريعة الإسلامية التي أوجبت حماية حقوق الإنسان وحرمت انتهاكها على نحوٍ يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع، وإن الأمن والاستقرار والإزدهار هي عوامل أساسية في مسيرتها الحضارية نحو تنمية مستدامة تحترم حقوق الإنسان وتحميها من خلال سن الأنظمة واللوائح، وإنشاء المؤسسات الحكومية ودعم مؤسسات المجتمع المدني. جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان في الدورة 28 لمجلس حقوق الانسان التي بدأت أعمالها أمس في جنيف. وأضاف معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان أن ما يشهده العالم اليوم من تصاعد وتيرة الإرهاب وتنامي جذوره ، خطر قد حذرت منه المملكة ، وعملت على التصدي له بجميع السبل، ودعت إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهته، واستمرارا للدعم الذي قدمته لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب، فقد قدمت مؤخرا دعما بمبلغ (مائة مليون دولار) للمركز، لمساعدته على القيام بمهامه على الوجه المطلوب. وأفاد أن حكومة المملكة أكدت إدانتها للاعتداءات والجرائم الإرهابية الآثمة ، كالاعتداء على مجلة « شارلي آيبدو «، وحرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة ، وقتل مواطنين يابانيين ، وقتل 21 مواطنا مصريا في ليبيا، وهذه أمثلة على جرائم إرهابية تتنافى مع مبادئ الإسلام التي تدعو إلى العدل، وحماية النفس البشرية، والتسامح، وعمارة الأرض، وهو ما أكد عليه المؤتمر العالمي « الإسلام ومحاربة الإرهاب « الذي استضافته المملكة الأسبوع الماضي في مكةالمكرمة بدعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – ، الذي أكد في كلمته الافتتاحية للمؤتمر على ضرورة التصدي للإرهاب ومحاربته، ودعم الجهود الدولية للقضاء عليه، وضرورة تصدي العلماء والمثقفين له ومواجهته فكرياً بالسبل والوسائل كافة. وقال العيبان إن من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان التي ما زالت قائمة في عالمنا اليوم هي تلك الناجمة عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وفيما يتعلق بالوضع في سوريا أوضح أنه ما يزال المجتمع الدولي يقف مكتوف الأيدي أمام ما يتعرض له الشعب السوري من جرائم بشعة على يد النظام الفاقد لشرعيته الذي مازال يشن هجماته الوحشية التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء جلهم من الأطفال والنساء والشيوخ، مستخدماً في ذلك كل أنواع الأسلحة والعتاد، بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً ، فضلا عن تهجير الملايين من أبناء شعبه. وأشار معاليه إلى أن عجز المجتمع الدولي عن اتخاذ موقف حاسم لوضع حد لتلك الجرائم الوحشية التي يرتكبها هذا النظام ضد شعبه، هو السبب الرئيس لنشوء الجماعات الإرهابية المسلحة التي وجدت في سوريا بيئة خصبة للإرهاب مما فاقم مأساة الشعب السوري ومعاناته . وشدد معاليه على أن حرية التعبير لا ينبغي أن تكون ذريعة لانتهاك حقوق أخرى، باعتبار أن حقوق الإنسان متكاملة ومترابطة، وأن عدم الأخذ بمبدأ التقييد النظامي المتسق مع المعايير الدولية، التي نصت على أن حرية التعبير مقيدة بعدم الاعتداء على حقوق الآخرين أو النيل من كرامتهم أو معتقداتهم ، أو مخالفة النظام العام أو الآداب العامة ، من شأنه تغذية التطرف المؤدي إلى الكراهية والعنف، وإن الواقع ينافي القول بإمكانية الفصل في كل الأحوال بين حرية التعبير وردود الأفعال عليها. وأضاف أن وفد المملكة يؤكد علي ضرورة مضاعفة الجهود للتصدي لظاهرة ازدراء الأديان والمعتقدات ورموزها، ومن ذلك وفاء الدول بالتزاماتها وفقا للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. كما أن اختلاف ثقافات بلدان العالم حقيقة ماثلة وواقع معاش، وأن محاولات فرض ثقافات وممارسات بعينها على المجتمعات في مسائل حقوق الإنسان تتنافى مع الطبيعة البشرية التي أرادها الخالق جل وعلا أمر غير ممكن، ولذا ترى حكومة المملكة ضرورة مراعاة التنوع الثقافي واستثماره في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وأن يدخل ذلك ضمن مفهوم «عالمية حقوق الإنسان «.