أصدرت وزارة الخارجية كتابًا بعنوان "صرح يجسد العلاقة "، بمناسبة افتتاح المقر الجديد لسفارة خادم الحرمين الشريفين في العاصمة المصرية القاهرة الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في شهر ذي القعدة العام الماضي. وأبرز الكتاب ، الذي أعدته سفارة خادم الحرمين الشريفين بجمهورية مصر العربية ، العلاقة الوثيقة التي تجمع المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقة ، حيث تُعدّ أنموذجًا مثاليًا للعلاقة بين البلدين الشقيقين ، التي تقوم على أواصر الدين والعروبة والتاريخ ، وتستند على الاحترام المتبادل وخدمة المصالح المشتركة وخدمة القضايا العربية والإسلامية والأمن والسلم الدوليين ، مستعرضًا جذور تلك العلاقة التي تجمع البلدين الشقيقين عبر التاريخ. ويظهر الكتاب ما يتميز به مبنى السفارة من تصميم معماري فريد يقف في قلب القاهرة ليبدو كاللؤلؤة ، خاصة عندما تعكس الشمس صورته الفضية على مياه النيل ، ويُعبّر تصميم المبنى الخارجي بخطوطه الفنية والمعمارية عن الحداثة الممزوجة بطابع شرقي وإسلامي ، فالواجهات الزجاجية لجميع أدوار المبنى مغطاة بحجاب يتألف من مجموعة من تشكيلات النجمة الإسلامية المصنوعة من مادة " الاستنلس " بلونها الفضي. ويتميز مبنى السفارة بتنوع الخامات المستخدمة في البناء والتصميم وتنوع مصادرها أيضا ؛ فقد استخدمت مواد محلية مصرية للبناء وزجاج وأخشاب من إيطاليا ، وتم استيراد الرخام الأزرق المميز من بوليفيا الذي يُغطي ليس فقط أرضية المدخل الرئيسي بل أرضيات المصاعد ومداخل جميع الأدوار. كما تم استيراد مواد أخرى من عدة دول مثل الهند وجنوب أفريقيا لتأتي البصمة الأخيرة من المملكة العربية السعودية بثلاثة عشر ألف متر مربع من الجرانيت السعودي الفاخر لتزيين واجهة المبنى. واختار مصمم المبنى المصمم السعودي الدكتور زياد زيدان ، نموذجًا لبرج متعدد الطوابق كشكل غير معهود في تصميم هذا النوع من المنشآت ، جامعًا المكاتب السعودية في مبنى واحد ، كما راعى التصميم الداخلي المحافظة على التراث الشرقي والوطني ، بلمسات مميزة تتمثل في تناثر بعض قطع الأثاث العربية من الخشب المطعم بالصدف أو النحاس ، كما تم تزيين مكاتب السفارة بالعديد من اللوحات الفنية التي رسمها فنانون سعوديون من الجنسين. ويقع المبنى الإداري في محافظة الجيزة على ضفاف نهر النيل على مساحة تبلغ سبعة آلاف متر مربع ، وتبلغ مساحة المباني 45 ألف متر مربع ، ويضم برجين ، يتكون البرج الإداري من 20 طابقًا ، وبه جميع مكاتب البعثة الدبلوماسية للمملكة في مصر. ويبدو مكتب رئيس البعثة كمساحة مفتوحة ممتدة على سطح مياه النيل التي تظهر من خلال الواجهة الزجاجية والأشكال الزخرفية المفرغة التي تغطى واجهة المبنى ، ويتميز تصميم هذا المكتب بتفاصيله التي تبدأ من السقف المعلق الذي تتوزع من خلاله الإضاءة حول ثرايا ضخمة من الكريستال حتى الأثاث ذي التصميم الحديث والألوان المحايدة مرورًا بالحوائط المكسوة بالخشب. ويضم القسم القنصلي جميع المكاتب المسؤولة عن الأعمال القنصلية وشؤون المواطنين السعوديين في مصر ، بتصميم يتماشى مع الروح العامة للمبنى ليجمع بين الراحة والبيئة النموذجية الحديثة للعمل ، وأكثر ما يميز تصميم هذا الجزء من المبنى هو وجود عدد من النخيل الاصطناعية ليعكس البيئة السعودية ، كما يضم القسم القنصلي دورًا علويًا لمكاتب العمل ، ودورًا آخر أسفله مخصص لخدمات المواطنين ، يتكون من مساحة كبيرة للانتظار يغلب عليها اللون العاجي في الحوائط والأرضيات المكسوة بالرخام. أما قاعة الاحتفالات فتتسع ل 600 شخص تدمج بين الحداثة والتصميم العربي الذي اهتم بالتفاصيل بدءً من السقف المفرغ على شكل طبقات ويتدلى منه النجف الكريستال على شكل نجمة إسلامية متعددة الأضلع تتداخل أضواؤها مع الأضواء الداخلية المنبعثة من الأعمدة المصنوعة من الزجاج الأخضر الشفاف. ويضم دور مكتب رئيس البعثة قاعة للاجتماعات التي تضم 22 مقعدًا بنفس عدد الدول أعضاء جامعة الدول العربية ، ويميز القاعة الضوء الشديد الذي يكسوها من السقف الذي لا يفصله عن السماء سوى مجموعة من ألواح الزجاج المصممة بأشكال هندسية التي تسمح مرور إضاءة طبيعية للمكان ، فيظهر جمال الأثاث المكون من مقاعد وثيرة من الجلد الأبيض حول منضدة من الخشب. كما يضم المبنى قاعة للمؤتمرات الصحفية تتسع ل 60 فردًا ، مزودة بأحدث التقنيات التكنولوجية ومنصة للمتحدثين ومقاعد عملية مريحة ، حيث يسيطر اللون العاجي على أثاث وجدران القاعة ، إلى جانب المكتبة الملحقة بها ، التي تحتوى على مراجع وكتب تتناول معلومات عن المملكة. ويتماشى تصميم المكتبة مع تصميم قاعة المؤتمرات التي تضم صالونًا صغيرًا مكون من أثاث مكسو بالجلد ، كما راعى التصميم طبيعة المكان ، حيث تم تزويد المكتبة بإضاءة غير مباشرة بأحدث الأجهزة التي تساعد رواد المكان على البحث والقراءة في أفضل الظروف. ويحتوى المبنى على مسجد للرجال يتمتع بتصميم في غاية البساطة يدعم الشعور بالروحانية ، فالجدران مطلية باللون الأبيض ثلثها الأسفل مكسو بالرخام العاجي تتلألأ عليه أضواء الثريا التي تتدلى من السقف وتتمتع بتصميم عربي قديم غنى بالتفاصيل ، بالإضافة إلى مسجد للنساء من ذات الطراز. ويساعد المطعم الموجود في المبنى الإداري على دعم مناخ الراحة المرجو للموظفين ، حيث جاء تصميمه بشكل عملي يحمل الطابع الشرقي متمثلا في النجمة الإسلامية التي تزين النجف والقطاعات الزجاجية والخشبية للمكان مع أثاث على طراز حديث يتمتع بإطلالة على الشرفة العلوية للمبنى الذي يطل مباشرة على النيل. وانطلاقا من أهمية توفير الأجواء المناسبة لأعضاء البعثة الدبلوماسية ، تم إلحاق مبنى سكنى بمبنى السفارة ومتصل بها عبر مبنى القنصلية ، حيث تم تصميم المبنى على نفس الطراز المعماري للمبنى الإداري ، ويتكون المبنى السكنى من 15 طابقاً به 19 وحدة سكنية ، تضم سكن المندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية ، والرجل الثاني بالسفارة ، ورؤساء المكاتب التابعة لها ورؤساء الأقسام بالسفارة. ويحقق المبنى جميع مواصفات المبنى الذكي من حيث أنه صديق للبيئة ، ويعتمد بشكل كبير على الإضاءة الطبيعية ، كما أنه مزود بأحدث التقنيات الحساسة التي تستشعر وجود أفراد في المكان من عدمه لتتحكم تلقائيا في الإضاءة وأجهزة تبريد الهواء ، فيساعد ذلك على ترشيد استخدام الطاقة . وتحمل البوابة الضخمة للسفارة المشابهة لبوابة مبنى وزارة الخارجية في الرياض الآية الكريمة " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " ، كنبراس يؤكد جذور رؤية وتوجهات السياسة الخارجية السعودية.