تغلغلت في أواسط مجتمعنا حالات وانفعالات نفسية وعاطفية إن جاز أن نصنفها لها مردودات سلبية كثيرة على استقرار الحياة الزوجية والأسرية وتتمثل في الإحساس المرهف والزائد جداً لدى الكثيرات من بنات ونساء مجتمعنا ( لا أقصد مجتمعنا الأحسائي بل أبعد من ذلك ) ، حيث تتأثرن لأي شيء مهما صغر ومهما كان طبيعياً أو عفوياً ، تتأثرن لمجرد إحساسهن ولو كان هذا الإحساس كاذباً ... ويتحول إحساسهن إلى غيرة شديدة إلى درجة عالية وينتج عنها جحيم لا يطاق داخل الحياة الزوجية والأسرية ... غيرة من كل شيء حتى من الكتاب والصحيفة اليومية مبررة بالحب ومغطاة بغطاء الإخلاص والصدق ... وما أدري ما هو هذا الحب الذي يستدعي كل هذه الغيرة ...؟ ! حيث الصدق إن صدق يعني الثقة وبالتالي الاطمئنان تجاه الحبيب والمحبوب أياً كان : زوجاً ، أبناً ، أخاً أو حتى صديقاً .... لا الغيرة المريرة هذه ، نعم الغيرة مطلوبة في حدود التوازن بمعنى الغيرة المعتدلة التي تدل وتتضمن الحب الصادق والإخلاص الحقيقي للحبيب. ولا اعني فيما سلف من كلامي أنه ليس هنالك غيرة زائدة وأن صاحبها لا يحب بإخلاص وصدق .. لا . ليس هذا ما أقصده .. لكن أتساءل لماذا كثُر مثل هذا الإحساس المفرط في مجتمعنا أهو مرض نفسي عاطفي يستوجب العلاج أم هو إحساس عاطفي طبيعي ناشئ من عمق المحبة وإخلاص الشعور ...؟ ! ومع كونه طبيعياً رغم ما يسببه من ضغوطات ويجعل الطرف الآخر مقيداً في كل تصرف يقوم به ... إن كان كذلك ، كيف يتفهم الطرف الآخر بأن هذا الشعور طبيعي ...؟!! وإن كانت حالة مرضية فكيف يتم العلاج ...؟ أسئلة كثيرة ، كثيرة ومتعددة تدور حول هذه المشكلة وأسبابها إن صح أن نسميها مشكلة ( وأعتقد إنها مشكلة ) ... ولابد أن يكون لها حل . نعم كثيرات من بنات ونساء مجتمعنا تعانين من هذه المشكلة ، والتساؤل الذي يطرح نفسه هل الانفتاح التكنولوجي بالفضائيات والانترنت والمجلات الغربية وغيرها من أسباب تغلغل هذه المشكلة ؟؟ نأمل أن يكون هنالك حل جذري ويكون هنالك توازن فيما بين العاطفة والعقل ، وما أحلى الغيرة لو كانت مزيجاً منهما ... وما أحلى منها إطلاقاً لو كانت مستمدة من كلاهما ومن القيم الدينية السمحة والمعتدلة ، نعم ما أحلاها بذلك ... المصدر : كتاب همسات من خاطري لحسن علي البطران صدر عن دار كيوان للطباعة والنشر والتوزيع سوريا / دمشق 2007م [email protected]