شكَّل التفاعل الابداعي بين التاريخ والسرد خيطا بارزاً في نسيج الرواية العربية منذ بداياتها الاولى وحتى اللحظة الراهنة في واقعنا الروائي والتاريخي المعاصر.وقد مر التفاعل بين السرد والتاريخ في الرواية العربية بثلاث مراحل متتابعة، هي : المرحلة الأولى: الهيمنة التاريخية فيها هيهن التاريخ بشخصياته ، وأحداثه ، وفضائه المكاني والزماني على السرد، واقتصر دور السرد بتقنياته التقليدية على تقديم الحقائق التاريخية دون تدخل كبير، أو اسقاط على قضايا الواقع المعاصر. المرحلة الثانية: التوازن السردي والتاريخي فيها تطورت آليات السرد الروائي، واسقط الخطاب الروائي قضايا الواقع على الاحداث والشخصيات التاريخية القديمة، وصار الفضاء المكاني والزماني التراثي صالحا للتعامل مع القضايا المعاصرة عن طريق الرمز والايحاء والاسقاط. المرحلة الثالثة: الهيمنة السردية فيها برز دور التقنيات السردية الجديدة، واحتلت واجهة المشهد الروائي، واقتصر دور التاريخ على تزويد السرد بالشخصيات والاحداث، ولكنها خرجت من اطارها التاريخي الحقيقي ، واصبحت حاضرة في الواقع لامعاصر ، وتتعامل بادواته وتقنياته العصرية الحديثة مع احتفاظها بظلالها التاريخية، وبخاصها في الجوانب الانهزامية والاستبدادية ، لإبراز التفاعل المستمر بين الماضي والحاضر. هذه المرحلة الثالثة تبرز بوضوح في الرواية اليمنية الجديدة، كرواية " قوارب جبلية" للروائي اليمني " وجدي الأهدل" ، ورواية "الأنس والوحشة" للروائية اليمنية هند هيثم. وهما مادة البحث الذي اشارك بها في ملتقى قراءة النص التاسع .. في هاتين الروايتين يتم استدعاء الحدث التاريخي "سيرة سيف بن ذي يزن" ، ويسرد في اطار غرائبي ساخر يعكس الواقع اليمني المعاصر. ويتم استدعاء الشخصيات التاريخية "أبرهة - سيف بن ذي يزن - زياد بن ابيه - الحجاج بن يوسف الثقفي - ابو مسلم الخراساني - سيف الدولة الحمداني - المتنبي - ابو فراس الحمداني - خولة بنت عبد الله الحمداني " لتعيش واقعنا العربي المعاصر بانكساراته وتناقضاته التاريخية المتجددة.. من أوراق ملتقى قراءة النص بأدبي جدة