كرم نادي جازان الادبي ممثلا في رئيس النادي الاستاذ احمد الحربي الشاعر والناقد الكبير محمد عبدالله العلي في امسية شعرية نظمها النادي في الملتقى الشعري الثالث الذي اقيم بمنطقة جازان. وبالامس صدر الديوان الاول للشاعر الكبير في معرض الرياض الدولي للكتاب بعنوان "لا ماء في الماء" ويقع الديوان في 230 صفحة من الحجم المتوسط ويحوي مقدمة بقلم الدكتور محمد الشقاق ورسم الغلاف الفنان التشكيلي محمد يوسف السيهاتي. محمد العلي. شاعر الماء جدل محموم دار في خاطره وهو المرفود بالقرآن منذ نعومة اظفاره ثم دراسته في جامعة بغداد وكانت المرحلة عميقة جدا فمنها استطاع ان يواكب ويعيش ثورة التجديد الشعري التي تبناها العراق في الستينيات وبفضل كثافة فهمه لها وخلوصه منها بطائل معرفي كبير فقد توالدت الاساليب في تجربته الشعرية عكف بما يؤمله وما تحت جنحه من تجربة على محاولة كشف الازمة التي يرى انها تكونت لدى الأمة العربية منذ صدمة الحضارة قبل 250 عاماً. ان للرية ان تبادر فقد بلغ تمامه ذلك الذي كان يحرص محمد العلي على تفديته من ايات روحه المسافرة ابداً في المعنى ثم اثمر حقا هذا المارد بداخله فرأى ان الازمة في موت القديم وعدم القدرة على ولادة الجديد وقد ذهبت تلك الرؤية بعيدا لتتجاوز الشعر او تتجاوز به الاثر السطحي لدى الأمة إلى ما هو ا عمق واكثر نجاعة حيث استطاع العلي من خلالها الكشف عن الازمة من جانبها السيكولوجي في مادتها ومعناها ومضى بذلك يكرس لمفهوم الحداثة من منطلق الافكار والسلوك. هذا الشاعر الانفعالي كما يصف نفسه متحدثا عن طقس القصيدة لديه عندما قال "لا ماء في الماء" في اشهر قصائده اشرك الحياة كلها معه في تقديم نصه الحديث واستطاع أن يحدث فرقاً في مفهوم القصيدة الجديدة ويلوي اليها عنق الرفض في مرحلة زمنية كانت الأصعب والاخطر على رواد التجديد وبرغم كل ذلك فهو يكرر دائماً أن صراع الرأي في أي مجتمع هو صراع ولود وان الرسالة الحقيقية التي يجب أن يحملها ويتبناها المثقف هي زرع الوعي في المجتمع او كما يقول بمفهومه الحداثي انه يتمنى دائما ان يندفع الناس الى وعي جديد وتطور جديد. محمد العلي الانسان - الشاعر - المفكر - المغاير والمتجدد وصابح اللغة المكثفة وسبعة عقود ونيف من الشعر والفكر والمعارك الادبية والجدل المثمر.