رد الرئيس السوداني عمر البشير على مذكرة التوقيف التي اصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية بخطاب هاجم فيه "الاستعمار الجديد"، وبطرد منظمات دولية غير حكومية ناشطة في دارفور، غرب البلاد. وقال الرئيس السوداني امام اكثر من عشرة الاف متظاهر احتشدوا في وسط العاصمة السودانية ان "المجرمين الحقيقيين هم رؤساء الولاياتالمتحدة واوروبا". وردد المتظاهرون شعارات تدين الولاياتالمتحدة وبريطانيا واسرائيل والمدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو. واصدرت المحكمة الجنائية الدولية الاربعاء مذكرة توقيف دولية في حق عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم في حق الانسانية في منطقة دارفور غرب السودان التي تشهد نزاعا تسبب بمقتل 300 الف شخص بحسب الاممالمتحدة، فيما تؤكد الخرطوم ان عدد القتلى جراء المعارك لا يتعدى عشرة الاف. واضاف ان مواجهة قرار الجنائية الدولية يكمن في "الرفض لكل انواع الاستعمار، والرفض لكل انواع الاذلال، والرفض لكل انواع الهيمنة، وان نقوي جبهة الدول الحرة عشان نكسر الاستعمار الجديد". وهذه اول تصريحات علنية للبشير امام مؤيديه منذ صدور القرار عن المحكمة الجنائية التي ردد الرئيس السوداني مرارا في الاشهر الاخيرة انها نتيجة "مؤامرة صهيونية مئة بالمئة" تهدف الى زعزعة استقرار السودان. واكد الرئيس السوداني طرد عشر منظمات غير حكومية ناشطة في دارفور الذي تنفذ فيه اكبر عملية اغاثة انسانية في العالم كما يفيد مكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية. وقال البشير خلال اجتماع للحكومة صباحا "سنطرد عشر منظمات غير حكومية لانها خرقت قوانين البلاد ولم تحترم نطاق تفويضها"، دون مزيد من التوضيح. والغت السلطات تفويض منظمتي "سوليداريتيه" و"العمل ضد الجوع" الفرنسيتين، بالاضافة الى الفرع الفرنسي من "اطباء بلا حدود"، وجمعيتي "اوكسفام" و"سيف ذي تشيلدرن" البريطانيتين والمنظمات الاميركية "كير" و"مرسي كوربس" ولجنة الاغاثة الدولية (اي ار سي) ومؤسسة "سي اتش اف" التي تعنى بايواء اللاجئين، والمجلس النروجي لللاجئين (ان ار سي). وقال مسؤول في الاممالمتحدة لفرانس برس ان هذه المنظمات تتولى تنفيذ قرابة نصف برامج الاممالمتحدة في المنطقة. واضاف المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه، ان طرد هذه المنظمات "سيخلف اثرا مباشرا على ايصال المساعدات الانسانية" الى دارفور. وتقدم هيئات الاممالمتحدة ومنها برنامج الاغذية العالمي الغذاء والمساعدات لنحو اربعة ملايين و700 الف شخص في السودان، بينهم مليونان و700 الف في دارفور. وقال عضو في منظمة انسانية "طلبوا منا مغادرة البلد خلال 24 ساعة". ودخلت السلطات السودانية مساء الاربعاء الى مكاتب عدد من المنظمات غير الحكومية في الخرطوم، كما قال عاملون في هذه المنظمات. وقال رئيس منظمة "اي ار سي" الاميركية جورج راب "يؤلمنا كثيرا ان يتم وقف عملياتنا بهذه الطريقة القسرية". وقال مدير عمليات منظمة "اطباء بلا حدود" فرع هولندا، ارجان هينكامب "نحن منظمة مستقلة ومن غير المنطقي ان يتم الزج بنا في قضية سياسية وقضائية". واضاف "من غير المقبول على الاطلاق ان يحرم سكان دارفور من الرعاية الطبية الاساسية". وافادت معلومات جمعتها فرانس برس ان عمليات الطرد ستشمل اكثر من 200 من الموظفين الدوليين في عمليات الاغاثة. ويعمل 16500 موظف انساني في دارفور، 95% منهم سودانيون. وقال المسؤول في الاممالمتحدة ان "القرار ستكون له انعكاسات على الالاف من السودانيين العاملين مع منظمات غير حكومية سيفقدون وظائفهم". ومن المقرر ان يلتقي مسؤولون من الاممالمتحدة الخميس مع مسؤولين من المفوضية السودانية للعون الانساني املا في اقناعهم بالتراجع عن قرارات الطرد. ولكن حسبو محمد عبد الرحمن مفوض العون الانساني قال ان بلاده قد تطرد المزيد من المنظمات الحكومية. وقال عبد الرحمن "العملية مستمرة وهناك منظمات تحت النظر وهناك تحقيق يجري حول عدد من المنظمات واذا وجدنا ادلة ضدها سنطردها". وبالاضافة الى المنظمات الدولية، اغلقت السلطات مكاتب منظمتين محليتين في دارفور هما مركز الخرطوم لحقوق الانسان، وجمعية امل لحماية ضحايا التعذيب. وقال المسؤول السوداني انه تم طرد المنظمات غير الحكومية لانها كانت "تتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية من خلال ارسال تقارير ملفقة حول الابادة الجماعية وكانت لديهم اتفاقيات تعاون مع المحكمة، وسهلوا سفر بعض الشهود لخارج السودان". من جهة أخرى قال الاتحاد الافريقي أمس الخميس إنه سيرسل وفدا رفيعا إلى مجلس الأمن الدولي ليحثه على تأجيل تنفيذ أمر الاعتقال الصادر بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير لمدة عام. جاء القرار عقب اجتماع طاريء لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي والذي دعا مرارا لتأجيل توجيه اتهامات للبشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية لإتاحة الفرصة أمام عملية إحلال السلام في دارفور. وقال برونو نونجوما زيدويمبا مندوب بوركينا فاسو لدى الاتحاد الافريقي ورئيس مجلس السلم والأمن بالاتحاد "قرر المجلس أن يطلب من رئيس المفوضية إرسال وفد رفيع المستوى على نحو عاجل الى نيويورك للاجتماع مع مجلس الأمن وتجديد طلبنا بوقف هذه العملية." واضاف زيدويمبا "أثناء الاجتماع جددنا القول بأنه يتعين على افريقيا مواصلة طلبها في مواجهة مجلس الأمن من أجل وقف هذه العملية." وأمر الاعتقال الذي صدر امس الاربعاء بشأن الاعمال الوحشية المزعومة التي ارتكبت في اقليم دارفور بغرب السودان هو الاول الذي تصدره المحكمة الجنائية الدولية التي يقع مقرها في لاهاي بحق رئيس دولة اثناء توليه منصبه منذ انشائها في عام 2002 . وقد دعت الولاياتالمتحدة ودول اخرى السودان الى العودة عن قراره طرد حوالى عشر منظمات غير حكومية دولية تقدم المساعدة الانسانية في اقليم دارفور في غرب البلاد، كما اعلنت وزارة الخارجية الاميركية في بيان الخميس. وقال المتحدث باسم الخارجية غوردن دوغيد ان "عددا من الدول يحاول اقناع الحكومة السودانية بالعودة عن قرارها (...) والولاياتالمتحدة من بين هذه الدول". ورد الرئيس السوداني عمر البشير الخميس على مذكرة التوقيف الدولية التي اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حقه الاربعاء بطرد منظمات غير حكومية دولية تعمل في اقليم دارفور الذي يشهد حربا اهلية منذ 2003 اوقعت بحسب الاممالمتحدة 300 الف قتيل و2,7 مليون نازح يعتمدون بشدة على المساعدات الانسانية التي تقدمها هذه المنظمات. وقد أعربت الجزائر عن أسفها العميق تجاه قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار أمر توقيف في حق الرئيس السوداني عمر حسن البشير ورأت أنه يشكل سابقة خطيرة تحمل في طياتها تهديدا للسلم والأمن والاستقرار في السودان والمنطقة بأكملها معبرة عن تضامنها ودعمها الفعال للسودان. ودعت أعضاء مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسئوليتهم في حفظ السلم والأمن الدوليين وناشدتهم دعم الإنصاف عبر كافة أنحاء العالم بالاستجابة للطلب العربي والأفريقي المتعلق بوقف إجراء المحكمة الجنائية الدولية //. وأشارت وكالة الأنباء الجزائرية استنادا إلى جهة لم تحددها إلى أن الجزائر التي تعبر عن رفضها المطلق لممارسة الكيل بمكيالين وتسييس العدالة الدولية تجدد تمسكها بالطلب الذي تقدم به الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية من أجل وقف إجراء المحكمة الجنائية الدولية للتمكن من مواصلة الجهود الجارية والرامية إلى إيجاد حل عاجل ودائم للأزمة في دارفور ورأت أن القرار يهدد جهود السلام والمصالحة واستقرار وأمن المنطقة بأكملها. وانتهت إلى أن الجزائر لن تدخر جهدا في دعم المسعى الجماعي للاتحاد الأفريقي والجامعة العربية من أجل حل الأزمة في دارفور والحفاظ على سيادة السودان ووحدته وسلامته الترابية .. وعبرت عن بالغ انشغالها أمام ما يحدثه ذلك من عرقلة للجهود المبذولة من طرف المجموعة الدولية سيما الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وحركة عدم الانحياز من أجل حل الأزمة. كما أعربت دولة قطر عن اسفها لإصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر حسن البشير رئيس جمهورية السودان الأمر الذي يشكل سابقة في العلاقات الدولية . واكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية أن مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة لا تخدم الأمن والاستقرار في إقليم دارفور المضطرب ومن شأنها إعاقة الجهود التي قامت بها دولة قطر لإحلال السلام في دارفور بتكليف من الجامعة العربية وبمباركة من المجتمع الدولي والتي كللت في الفترة الماضية بتوقيع اتفاق حسن النوايا وبناء الثقة بين حكومة الوحدة الوطنية في السودان وحركة العدل والمساواة وناشد المصدر وفقا لوكالة الانباء القطرية مجلس الأمن الدولي في البناء على ما تحقق في الدوحة وطالبه باستخدام صلاحياته وفق المادة " 16" من نظام روما الأساسي في ارجاء النظر في الطلب لفترة عام لإفساح المجال لجهود الوساطة التي تقوم بها دولة قطر في دارفور للوصول إلى السلام المنشود. وأعربت وزارة الخارجية اللبنانية عن القلق العميق لإنعكاسات القرار الذي إتخذته الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية والقاضي بتوقيف الرئيس السوداني عمر حسن البشير مما ينعكس ذلك على الإستقرار في السودان ومصير العملية السياسية الجارية وإتفاقية السلام الشامل . ودعت وزارة الخارجية اللبنانية في بيان اصدرته امس مجلس الأمن والأطراف الدولية والإقليمية الى دعم مسار العملية السياسية الجارية في السودان بعيدا عن أي خطوات معيقة لهذه العملية ولمسار السلم الأهلي والإستقرار في السودان. واعرب البيان عن تضامن لبنان مع السودان ودعمه الثابت لسيادته ووحدته ولخيارات شعبه وإحترام رموزه وقياداته والتشديد على الإبتعاد عن المعايير المزدوجة في تطبيق مبادئ القانون الدولي الإنساني في ضوء جرائم الحرب والعدوان التي إرتكبتها إسرائيل ومسؤولوها لا سيما خلال العدوان على غزة مؤخرا وقبلها خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 م . وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي أن السبيل الوحيد المتاح لوقف الإجراءات الخاصة بمذكرة التوقيف التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير أمس هي تفعيل المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة لتأجيل الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة وهو ما طالبت به مصر منذ اللحظة الأولى لتوجيه الاتهام للرئيس البشير مشيرا إلى أن وفدا عربيا إفريقيا سيتوجه إلى نيويورك لهذا الغرض لعرض الأمر على مجلس الأمن الدولي. وقال المتحدث الرسمي المصري في تصريح له أمس أنه لا توجد ضمانات لنجاح مهمة الوفد العربي الإفريقي ولا توجد ضمانات لإقناع هذه الدول ولكن من الضروري سلك هذا الطريق والإصرار على هذا المطلب لأن تفعيل هذه المذكرة يهدد استقرار السودان وينذر بعواقب سلبية للغاية عليه. وأشار إلى أن الهدف من تفعيل المادة 16 المشار إليها هو إتاحة الفرصة لتحقيق الاستقرار في السودان وتحقيق صلح في دارفور وتحقيق شكل من أشكال الهدوء في الوضع مؤكدا أن هذا الوقت يحتاج إلى تلاحم السودانيين. وعما إذا كان الأمر يستدعي الدعوة لعقد قمة عربية طارئة باعتبار أن الأمر يمس رئيس دولة عربية مباشرة قال إن الموقف السوداني من الموضوع كان موقفا واضحا من البداية وهو أن السودان غير معني بهذا الإجراء وبالتالي إذا كان السودان غير معني فالجامعة العربية تتصرف أيضا على هذا الأساس بمعنى أنها لاتريد أن تضخم الموضوع وأن تعطيه أبعادا مبالغ فيها. وحول سبب اقتصار رغبة مصر على عقد مؤتمر دولي حول السودان على مجرد الدعوة قال /إن إتصالاتنا تشير إلى أن العديد من الأطراف التي لديها تأثير على الوضع السوداني غير مقتنعة بعد أو غير راغبة في الانخراط في هذا المؤتمر لأسباب تخصها وبالتالي المسألة تحتاج إلى مزيد من الجهد والمزيد من الإتصالات. يذكر أن المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي يمكن التعويل عليها في إرجاء قرار توقيف الرئيس السوداني تنص على أنه لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمن قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها. كما أكد مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة تضامنه مع السودان في مواجهة أي مخططات تستهدف النيل من سيادته ووحدته واستقراره وعلى أهلية القضاء السوداني واستقلاليته كونه صاحب الولاية الأصيلة في إحقاق العدالة ورفض أي محاولات لتسييس مبادئ العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها واستقرارها. وأعرب المجلس في بيان له أمس عن رفضه لقرار الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير مؤكدا أن هذا القرار سيزيد من أزمة السودان وتراجع استقرارها وتنميتها في وقت بدأت تخطو فيه خطوات كبيرة تجاه التنمية والاستقرار. ونبه المجلس إلى أن إصدار هذا القرار الاعتقال يتجاوز الجهود الأفريقية والعربية للإحاطة بهذه الأزمة وأنه لا يأخذ في الاعتبار متطلبات العدالة وتحقيق الاستقرار والسلام في السودان ومعالجة الوضع في دارفور وبصفة خاصة تنفيذ اتفاق السلام الخاص بجنوب السودان والإعداد للانتخابات العامة خلال النصف الثاني من هذا العام. وطالب مجلس الشباب العربي في بيانه الأمين العام للأمم المتحدة إلى سرعة التدخل السريع وتفعيل دور مجلس الأمن من استخدام المادة 16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لتأجيل الإجراءات المتخذة من قبل المحكمة.. مؤكدا أن مصداقية الأممالمتحدة تجاه دعوتها للتنمية والسلام من أجل استقرار الشعوب يكمن في وقوفها للحفاظ علي سيادة الدول ووحدتها واستقرارها. على صعيد آخر ندد حزب "الوحدة الشعبية" التونسي المعارض الخميس باصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير معتبرا ان قرار المحكمة يؤكد ازدواجية المعايير ويهدف الى "اذلال الامة العربية". وقال الحزب في بيان حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه "تلقى الحزب بامتعاض بالغ قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني" وهو يعبر عن "استنكاره لهذا القرار الذي يندرج في سياق اذلال الامة العربية". وجدد الحزب "رفضه التام لطريقة تطويع القانون الدولي واستخدامه بمعايير تعتمد اساسا على سياسية المكيالين وتستهدف تحديدا دولا وشعوبا دون اخرى". وراى الحزب ان القرار "لا يستند على حجج قانونية بقدر ما يعتمد مخططات سياسية تخدم مصالح اطراف لها مصلحة في ضرب وحدة السودان الترابية والنيل من سيادته وتقسيمه على اسس عرقية ودينية وطائفية".