أقر مؤخرا نظام حماية الطفل في المملكة العربية السعودية الذي يهدف إلى حماية الطفل من كل ما يتعرض له من إساءة أو إهمال في البيئة المحيطة به سواء كانت في المدرسة أو الأسرة أو الشارع والحد من انتشار هذه المظاهر وتوفير الرعاية الآزمة مع أهمية نشر الوعي بين أفراد المجتمع ومعرفة حقوق الطفل في الحياة. وقد عرف مشروع ونظام حماية الطفل بأنه كل من لم يتجاوز سن 18 وذلك من الناحية القانونية وسن 15 من الناحية الشرعية. ومن أبرز ملامح نظام الحماية تأسيسه لمنظمة متكاملة لكل شخص لم يتجاوز سن الثامنة عشرة من عمره والتأكيد على أهمية حقوق الطفل التي أقرتها الشريعة الإسلامية قبل كل شيء ثم الأنظمة والاتفاقيات الدولية التي تكون المملكة طرفا فيها. ونص النظام على اعتبار عدد من الأفعال بمثابة إيذاء أو إهمال بحق الطفولة ومن بينها إبقاؤه دون سند عائلي وعدم استخراج وثائقه الثبوتية أو حجبها عنه أو عدم المحافظة عليها عند استكمال تطعيماته الصحية والتسبب في انقطاع تعليمه وسوء معاملته والتحرش به أو تعريضه للاستغلال واستخدام الكلمات المسيئة في حقه والتي قد تحط من كرامته أو تؤدي إلى تحقيره والتمييز ضده لأي سبب عرقي أو اجتماعي أو اقتصادي السماح له بقيادة المركبة دون السن النظامية ويحظر النظام تشغيله قبل بلوغ سن الخامسة عشرة كما يحظر في الوقت نفسه إنتاج ونشر وعرض وتداول وحيازة أي مصنف موجه للطفل الذي يخاطب غريزته أو يثيرها بما يزين له سلوكا مخالفا للشريعة الاسلامية أو النظام أو الآداب العامة. وتشدد العقوبات بحق معنفي الأطفال وتطبيق اللائحة التنفيذية المعنية بنظام حماية الطفل باتا مطلبين ملحين لمختلف شرائح المجتمع الذي يصدم بين الحين والآخر بظهور حالات إيذاء وتعنيف لفظية وجسدية تكشف عنها أحيانا مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. ودوليا تعمل منظمة اليونيسف على حماية حقوق الأطفال لمساعدتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية وتوسيع الفرص المتاحة لهم لبلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم. وتسترشد "يونيسيف" بتنفيذها هذه المهمة بنصوص ومبادئ اتفاقية حقوق الطفل في حين تستند هذه الاتفاقية إلى أنظمة وتقاليد ثقافية متنوعة تشكل مجموعة من المعايير والالتزامات المتفق عليها عالميا وغير الخاضعة للتفاوض. توضح هذه المعايير التي يطلق عليها حقوق الإنسان الحد الأدنى من الاستحقاقات والحريات التي يجب على الحكومات احترامها وهي مبنية على احترام كرامة الفرد وذاته دون أي نوع من أنواع التمييز.. كالتمييز بسبب اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو القدرات لذلك تنطبق جميع هذه المعايير على البشر في كل مكان وزمان. تلزم هذه الحقوق الحكومات والأفراد على حد سواء بعدم انتهاك الحريات المماثلة للآخرين باعتبارها غير قابلة للتجزئة ويرتبط بعضها ببعض ارتباطا وثيقا بحيث يستحيل إعطاء الأولوية لأحد على حساب حقوق أخرى. لذلك تعتبر اتفاقية حقوق الطفل الصك القانوني الدولي الأول الذي يلزم الدول الأطراف من ناحية قانونية بدمج السلسلة الكاملة لحقوق الإنسان أي الحقوق المدينة والسياسية بالإضافة إلى الحقوق الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. ومحليا وجه وزير الشؤون الاجتماعية سليمان بن سعد الحميد بإنشاء أربعة فروع إيواءيه لحماية الأطفال الذي يتعرضون للإيذاء أو الإهمال وإعداد اللائحة التنفيذية لنظام حماية الطفل الذي أقره مجلس الوزراء مؤخرا. في مقالة للأستاذ عقل العقل جاء فيها: "لا يكفي أننا مجتمع إسلامي محافظ وأنه ليس لدينا من يعانون من الظلم الاجتماعي بأشكاله المتعددة إما بسبب الجنس أو اللون أو الفئة العمرية ولا يكفي أن نتفاعل مع بعض الحالات من العنف ضد الأطفال التي نشهدها في وسائل التواصل الاجتماعي لحالات من العنف الجسدي واللفظي تخرج إلينا من فترى وأخرى والتي يبتعها إجراءات عقابية لمن قام بها وبخاصة في بعض المدراس". يكمل العقل مقالته: "للأسف لدينا دراسات علمية تشخص حجم المشكلة في مجتمعنا وهناك دراسات أظهرت نتائجها التي أجراها مركز أبحاث مكافحة الجريمة بوزارة الداخلية تفشي ظاهرة الإيذاء ضد الطفل في المجتمع السعودي بشكل عام فقد اتضح أن 45 في المئة من الأطفال المشاركين في الدراسة يتعرضون لصورة من صور الإيذاء في حياتهم اليومية وقد وجد أن 21 في المئة من الأطفال السعوديين يتعرضون للإيذاء بشكل دائم في حين يتعرض 24 في المئة من الأطفال السعوديين للإيذاء أحيانا". ويختم العقل: "علينا الإقرار أن ظاهرة الإيذاء ضد الطفل هي ظاهرة عالمية وهي بازدياد وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط كما تشير بعض الدراسات الاجتماعية من هنا تأتي أهمية مثل هذا النظام وإقراره ولكن علينا ألا نركن إلى إقرار النظام فقط كما هي حالنا في أنظمة كثيرة إذ تتعثر أو لا تطبق لأسباب كثيرة أو بسبب عدم وضوح في الجهات الرسمية صاحبة الصلاحية في تطبيق تلك الأنظمة فنظامنا لحماية الطفل يبدو أن الجهة أو الجهات المعنية بتطبيقه في وزارتا الشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم وبعض المختصين يرى أن إسناد وظيفة تنفيذه إلى وزارة الشؤون الاجتماعية خاصة لا يبشر بالخير فأداء الوزارة في التعاطي مع أنظمة مماثلة كنظام الإيذاء الأسري لم يكن جيدا". ويأتي الأستاذ والكاتب عبدالله المطيري بسلسلة مقالات فلسفية ينسف فيها بعض الأقوال والأفعال التي تدخل في نظام الاهتمام والرعاية الأسرية للطفل. وفيما يلي نقاط مختارة من مقالاته التي جاءت تحت عنوان حقوق الطفل. "من ناحية تربوية فإن حقوق الأطفال تستوجب معاملة دقيقة تنطلق من الاكتفاء بالحدود الدنيا من السيطرة والتحكم وفتح المجال للقدرة التي تنمو يوما بعد يوم لتجعل الاستقلال ممكنا وواقعا". " الثقافة المحلية تؤكد باستمرار على حقوق الوالدين فيما يتم الاهتمام به في المدارس والمساجد ووسائل الإعلام يتوجه لحقوق الوالدين ولكننا لا نكاد نسمع ما يقارب ذلك من حقوق الأطفال". "في أحيان كثيرة تطغى نظرتنا المستقبلية لما يجب أن يكون عليه الأطفال وننسى ما هم عليه الآن فينتج عن هذا عسف عنيف وقاس لنمو الطفل الطبيعي الذي يتدرج حسب عمره الزمني وتراكم خبرته". "كثير من الرافضين لزواج الطفلات –وأنا منهم- يشعرون بعدم عدالة هذا الزواج بسبب استغلال الطفولة لأغراض مالية أو اجتماعية بمعنى أن هذا الزواج علامة على الظلم الاجتماعي والقمع والاستغلال". "إذا اتفقنا على صعوبة معاقبة أفراد أو مؤسسات معينة عن الظروف السلبية التي يعانيها الأطفال فإن هذا لا يعني صعوبة التفكير في إجراءات تعويضية تقلل من أثر تلك الظروف على مستقبل الأطفال". "حرمان الطفل من حقوقه لأنه ينتمي لعرق معين أو طبقة اجتماعية أو اقتصادية معينة يعد تجاوزا يعاقب عليه القانون هذا القانون سيوفر حماية للأطفال السعوديين وغيرهم من أعراق أخرى أو من أسر فقيرة أو مصنفة اجتماعيا أدنى من غيرها". "ما أتمناه ويتمناه كثيرون هو أن تتعامل الوزارات –خصوصا "الشؤن الاجتماعية" و"التربية"- مع نظام حماية الطفل على أنه فرصة قانونية لإحداث تغييرات جوهرية حيال الأطفال". "إذا كان اللعب حقا من حقوق الطفل فإن جميع التشريعات يجب أن تلتزم به أي مشروع قانون يتعارض مع حق اللعب يجب تعديله القوانين لتي تنظم التربية والتعليم يجب أن تراجع لتتوافق مع حق الطفل في اللعب". "إذا أقررنا أن الطفل يفهم فإن من أولى العبارات التي سينطلق بها هي: أنه يريد اللعب هنا الطفل يفهم أن هذا السلوك هو ما يجعل حياته أجمل هذا التعبير يفترض أن يتحول إلى أساس لاستحقاق الطفل للعب". "الأطفال مواطنون منذ ولادتهم ولكنهم مع الوقت يتحولون إلى مواطنين فاعلين أكثر. الفاعلية أو المواطنة الصالحة تعني توفر الطفل على مجموعة من القيم الأخلاقية والمهارات الذهنية والاجتماعية تمكنه من أن يكون ليس فقط منفذا بل صانعا وحاميا لمجموعة من النظم والقوانين الضرورية ليعيش الناس مع بعضهم بحرية وأمان". "الأسرة التي تفشل في تشريع سلوكها وتقدي تفسيرات للطفل تقدم نموذج السلطة غير المفهومة هذه السلطة لا يمكن أن تكون عادلة لأنها غير منتظمة ولا مستقرة وهذا ما يجعل تعاون الناس معها والدخول فيها متعذرين". وفي الشأن ذاته امتنع المجتمع والجهات من تداول لفظي "لقيط" أو "ابن غير شرعي" وتجريم هذين اللفظين وتعريفهم ب"مجهولين الأبوين" تفاديا لأحراجهم مع دراسة بدائل شرعية ونظامية لتسليم الطفل بعد سنتين بسبب تركيز الأسرة البديلة على جانب الرضاعة. وانتقدت الشروط الصعبة التي تفرض على طالبي الزواج من الفتيات مجهولات الأبوين من حيث الشكل والجمال والتدين وشدد على أهمية توقيع اتفاقيات مع المصانع والشركات لتوظيفهم وتدريبهم وتأهيلهم من خلال معاهد متخصصة وتقديم المنح بدعم من وزارة الشؤون الاجتماعية. كما اعتمد الحوار كأسلوب في تربية الأيتام مجهولي الأبوين والتحاور معهم وتدريب العاملين في التعامل معهم على اتباع الوسطية بلا افراط ولا تفريط. والتأكيد على أهمية دراسة الدور الذي تلعبه العمالة الأجنبية الوافدة في وجود فئة مجهولي الأبوين ومعرفة ظروفها الاقتصادية والاجتماعية للحد من انتشار هذه الظاهرة. إذن لدى وزارة الشؤون الاجتماعية هموم مجتمعية مركبة ومتشابكة كلها تصب في صالح حياة الإنسان ومعيشته. وعليها ترتيب أهدافها وأولوياتها وسياساتها. وتفعيل دورها في جوانب حساس في المجتمع كالطفولة والأيتام ورعاية المسنين والمعوقين والأحداث والضمان الاجتماعي والاختصاصيين الاجتماعيين وحماية الطفل من الإيذاء والعنف الأسري.