هناك عدد غير قليل من الناس يرهفون الحسّ عند سماع نشرات الأحوال الجويّة , لأنهم يرون بأنها تحمل معلومات مهمة ومفيدة ترتبط بشؤون الحياة اليوميّة , فالتنبؤات بحالة الطّقس تشكّل جانبا مهمّا للأفراد والجهات الرّسمية وغير الرّسمية .. تتعلّق بتنفيذ بعض البرامج والأعمال أو تأجيلها وأخذ جوانب الحيطة والحذر في أوقات محدّدة أو اتّجاهات معيّنة . وذلك أمر مقبول بل مطلوب في بعض الحالات . وقد يورد أحدهم حديث المصطفى عليه السّلام القائل ( كذب المنجمون ولو صدقوا ) ويعتبر ذلك ضربا من التّنجيم الذي لا ينبغي التّصديق به , دون أن يعلم بأن ذلك لا يدخل في إطار التّنجيم إطلاقا والتّنبؤ بحالة الجوّ في الغالب تعتمد على قراءات يقوم بها المختصّون في هذا المجال بناء على مؤشّرات تظهر أمامهم مثل سرعة الرّياح واتّجاهها والضّغط الجويّ وتشكّل السّحب ودرجات الحرارة ونسبة الرّطوبة وسطوع الشّمس ... ونحوها . فالتّنبؤات بالأحوال الجوّية ترتبط بتلك المؤشّرات , وقد تتحقّق فعلياً وقد لا تتحقّق بتغيّر وتحرّك بعض مؤشّراتها , لأن العلم عند الله . لكنها تصدق في أكثر الأحيان . ولعل التّنبيهات والتّحذيرات التي تطلقها مراكز الأرصاد سواء في الداخل أو الخارج خير دليل على سلامة القراءة وانطباقها على الواقع. لكن ما يثير الدّهشة أن قراءة درجات الحرارة المعتادة لمدن المملكة , والتي تقدّم ضمن نشرات الأحوال الجوّية من خلال الإذاعة والتّلفزيون لا تكون مطابقة للواقع أحياناً ! حيث أبدى بعض المتابعين استغرابا من قراءة درجات الحرارة بخلاف الحقيقة ! مما يلغي الهدف من إذاعتها ويسبّب إرباكاً لمستمعيها في برامجهم القادمة .وحول هذا الموضوع حدّثني الأستاذ محمد علي عقيل مدير محطّة الأرصاد وحماية البيئة بمنطقة الباحة بأن ذلك يتكرّر بالفعل مستغرباً أيضا ذلك التّباين بين ما يبثّ عبر القنوات الرّسمية المسموعة والمرئيّة وبين ما ترصده أجهزتهم ! ويقول في معرض حديثه بأنه سبق وأن قرئت الدّرجة الصّغرى للحرارة في الباحة لأحد الأيام على أنها 28 درجة مئوية بينما لم تزد عن 17 درجة في ذلك اليوم كما أن الدّرجة الكبرى كانت تقلّ عن الدّرجة المقروءة كثيراً ! متسائلاً عن مصادر هيئة الإذاعة والتلفزيون ولماذا لا تعتمد على المعلومات الدقيقة التي ترصدها المحطات التي أقيمت لهذا الغرض وهي متاحة أمامهم. ولأن من جملة أهداف النّشرة الجويّة التّعريف بالمناطق المناسبة للاصطياف , فإن القراءة غير الدّقيقة تعدّ أمراً مؤسفاً إذ تغيّر وجهات المواطنين وغير المواطنين إلى أماكن أخرى بفعل الدّعاية السّلبية ضد المناطق الاصطيافية ومنها منطقة الباحة ذات الأجواء الرّائعة والطّبيعة البديعة . الأمر الذي قد يؤثّر على المجتمع وعلى الاقتصاد الوطني عموماً عندما تتحوّل وجهة السائح السعودي إلى بلدان أخرى تستفيد من الضخّ المالي الذي يُستنزف من أبناء المملكة , في وقت تسعى فيه الدّولة لتشجيع السّياحة الدّاخلية. الأمر يحتاج إلى شيء من التّنسيق بين هيئة الإذاعة والتّلفزيون والرّئاسة العامّة للأرصاد وحماية البيئة , فالأرقام المعلنة ليس الهدف منها القراءة فقط كما يتصوّر بعض معدّي تلك النّشرات , بل تعني أشياء كثيرة ومهمة للدّولة . فإن سكتت الرئاسة على أمر كهذا يحدث فلن تقبل إمارة المنطقة أن يتكرّر مثل ذلك في قادم الأيام , لأن غياب الدّقة تعريض بالمصلحة العامّة التي تتطلب الاهتمام وتستلزم التّصحيح,,,.