استقال قائد الجيش ووزير الدفاع المصري المشير عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء تمهيدا لترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة في غضون أشهر والتي يتوقع أن يفوز بها بسهولة. وتعين على السيسي الاستقالة من الحكومة والتخلي عن صفته العسكرية كي يدرج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين وهو شرط لازم للترشح. ولا يسمح للعسكريين بالانتخاب أو الترشح أثناء خدمتهم في الجيش وكذلك رجال الشرطة. ونال عبد الفتاح سعيد السيسي (59 عاما) شعبية واسعة بعد اعلانه في يوليو تموز 2013 عزل مرسي بعد احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه. وتنعكس هذه الشعبية في حوارات المصريين على المقاهي وفي المواصلات العامة. ويعرض باعة جائلون ومحال تجارية صورا للسيسي وملابس وحلي ونقودا مقلدة عليها صوره ونماذج لبطاقات شخصية له وحتى شوكولاته تحمل اسمه. والسيسي عسكري محترف صعد إلى قيادة الجيش بعد أن لعب أدوارا قيادية من بينها قيادة المخابرات الحربية والعمل ملحقا عسكريا في السعودية. صعود نجمه: وخلف السيسي المشير حسين طنطاوي الذي شغل منصب وزير الدفاع لعشرين عاما في عهد الرئيس الاسبق حسني مبارك رغم أنه كان أصغر اعضاء المجلس العسكري. وترأس طنطاوي المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار مصر لمدة 16 شهرا اتسمت بالاضطراب الشديدة والفوضى المدفوعة من جماعات وتيارات سعت للحكم في اعقاب الاطاحة بالرئيس مبارك في انتفاضة عام 2011 التي ادت الى وصول جماعة الاخوان "الارهابية " للحكم . وعندما وقعت اشتباكات بين أنصار الرئيس المعزول مرسي ومعارضيه في الشوارع في نوفمبر تشرين الثاني 2012 بسبب إصداره إعلانا دستوريا يحصن قراراته قال السيسي إن "ولاء القوات المسلحة للشعب والدولة." وربما يكون أحد أسباب شعبية السيسي انه من ابناء المؤسسسة العسكرية التي تحظى بتقدير واسع لدى غالبية المصريين. كما ينظر كثيرون له على أنه القائد البطل والمنقذ الذي خلصهم من نظام حكم نعته معارضوه بأنه "نظام فاشي " وعلى أنه شخص حاسم قادر على انهاء الازمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تشهدها مصر منذ الاطاحة بمبارك. تعهد بدولة ديمقراطية: وبخلاف السيسي لم يعلن أحد من الشخصيات السياسية البارزة في البلاد عزمه الترشح للرئاسة حتى الآن سوى حمدين صباحي الذي حل ثالثا في انتخابات الرئاسة السابقة عام 2012 في ظروف استقطاب حاد لم تعكس التوجهات الحقيقية للناخب المصري بسبب الفوضى المتعمدة في تلك الفترة من الجماعات والشخصيات الساعية للسلطة وتقسيمها. وعزا صباحي في مقابلة مع رويترز هذا الشهر شعبية السيسي إلى "الشعور الجمعي بالخوف على قضية الأمن" وهو ما يدفع الناس إلى اللجوء "إلى قوة قادرة على أن تقهر أو تفل الحديد بالحديد". وبعد عزل مرسي المتهم بجرائم تخابر مع جهات أجنبية وقتل متظاهرين ، اندلع عنف سياسي من الجماعة المحظورة قتل فيه المئات بينهم من قوات الأمن الذين قتلوا في تفجيرات وهجمات ارهابية مسلحة نفذها متشددون في شبه جزيرة سيناء وامتد نطاقها للقاهرة ومدن أخرى. وشنت قوات الأمن بمساندة الجيش وتأييد الشعب ، حملة صارمة على جماعة الاخوان المحظورة وأعلنتها الحكومة المصرية جماعة ارهابية واعتقلت الكثير من أعضائها المتهمين بجرائم ارهابية وقدمتهم للمحاكمة بمن في ذلك مرسي.وشملت الاعتقالات نشطاء اثاروا الفوضى ويتهمهم الشعب بمحاولة تقويض الدولة والتآمر مع جهات أجنبية لهدم الدولة وتقويض الأمن باسم الحرية. وقال المشير السيسي بحسب بيان للمتحدث العسكري "إن مصر ماضية بكل قوة فى بناء دولة ديمقراطية حديثة ترضي جميع المصريين وتلبي مطالبهم وتطلعاتهم نحو المستقبل". وقال عسكريون أمريكيون عرفوا السيسي خلال وجوده في الولاياتالمتحدة للحصول على زمالة كلية الحرب العليا عام 2006 إنه رجل متدين ومواظب على الصلاة وإن كتاباته كانت تعكس وعيه بأن تحقيق الديمقراطية في الشرق الأوسط ربما يكون مليئا بالصعوبات. تحديات أمنية واقتصادية: ويتوقع محللون أن تتزايد هجمات الارهابيين لكن السيد السيسي يدرك هذه التحديات الصعبة لانقاذ مصر من الارهاب. وبحسب بيان المتحدث العسكري تفقد السيسي يوم الثلاثاء تشكيلا عسكريا جديدا بالجيش وأوصى بضرورة "دراسة كافة المخاطر والتهديدات الإرهابية المحتملة ضد الأهداف والمنشأت الحيوية وكيفية التصدى لها بالأسلوب الأمثل والتدريب الجاد على هذه النوعية الخاصة من المهام." ونشأ السيسي في حي الجمالية بالقاهرة وهو حي شعبي من احياء العاصمة المصرية ، وتخرج من الكلية الحربية عام 1977 والتحق بسلاح المشاة. ونال العديد من الدرجات العلمية العسكرية أبرزها حصوله على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992 وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2006. والسيسي متزوج ولديه أربعة ابناء بينهم ثلاثة ذكور وبنت واحدة وزوجته محجبة. وفي المرات القليلة التي تحدث فيها السيسي عن الشأن العام بعيدا عن مجال اختصاصه كشف عن ملامح رؤيته الاقتصادية وأقر بصعوبة الوضع الاقتصادي لبلاده مما يتطلب الجهد والصبر من الجميع لعبور البلاد الى بر الأمان ، وتبدي الغالبية العظمى من المصريين تفهما لذلك واصرارا على طلب المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا لمصر.