ارتبط اسم المنطقة الشرقية بالساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية المطل على الخليج العربي حيث اعتمد فيه أهالي المنطقة في حياتهم سابقاً على اقتصادات الزراعة، والصناعة اليدوية، والصيد والغوص، والتجارة، من أجل كسب لقمة العيش، لتكون لهم عبر الأزمنة ثقافة خاصة توارثها الأجيال جيل بعد جيل حتى زمننا المعاصر.هذا الإرث التاريخي أعادت إبرازه حاليًا الهيئة العامة للسياحة والآثار، بالتعاون مع لجنة التنمية السياحية، والأمانة، وإمارة المنطقة الشرقية، في كرنفال ربيعي بمنتزه الملك عبدالله البحري بالدمام، انطلقت فعالياته الخميس الماضي تحت مسمّى «مهرجان ساحل الشرقية البحري» بمشاركة العديد من الجهات الحكومية منها وكالة الأنباء السعودية «واس» ليبرز للزوار على مدى سبعة أيام تراث المنطقة الشرقية العريق. ويلفت سمع القادم إلى متنزه الملك عبدالله البحري «صوت النهام» الذي يقدم أهازيج وأصوات تغنى بها البحارة في الماضي، لتعبر عن همومهم أثناء رحلات الصيد والغوص التي امتهنوها وسط أمواج البحر عبر رحلة تمتد إلى عدة أسابيع وأشهر أحيانا لجمع حبات اللؤلؤ الثمينة التي عدت من أهم الموارد الاقتصادية لأهالي المنطقة الشرقية في ذلك الزمان. ويتقدم أرض المهرجان سوقاً شعبيا يحاكي ذلك التراث البحري، تجد في إحدى زواياه دكاناً يعرض اللؤلؤ وفي الزاوية الأخرى نجار ينحت بأدواته البسيطة لوحات فنية تصور التراث، وأخر هناك يصنع أقفاص صيد الأسماك « قراقير «. وتجد في الركن المقابل من السوق عدد من النساء يقدمن تراث الساحل الشرقي داخل بيوتهن المتمثل في تقديم نماذج من الطعام الخليجي بأصنافه المختلفة وأنواعه المميزة كالهريس والعصيد والقرصان والمكبوس « الكبسة «، كما تجد مجموعة من رواد المهرجان وهم يحتسون الشاي المطعم بحبات الهيل، ومجموعة أخرى تتناول القهوة العربية في «المقهى الشعبي». ويتوسط ساحة مهرجان الساحل الشرقي قارب كبير على متنه مجموعة من شباب الجيل الحالي يقدمون لوحة فنية تحاكي قصة البحارة في الماضي حينما يخرجون من بيوتهم متوجهين إلى أعماق الخليج العربي والمحيط الهندي بحثاً عن اللؤلؤ في مشهد يسمى « الدشة «. ويشهد المهرجان عرض لوحات درامية تصوّر حالة الحزن التي تحدث لبعض البحارة أثناء رحلة الغيص عندما يواجههم «سمك القرش « الذي يطلقون عليه البحارة اسم الجرجور، حيث يهجم على السفينة ويقطع حبال السيب التي يربطها البحار على جسده أثناء النزول في البحر، ليلتهم أحدهم، في حين يبرز مشهد أخر يتمثل في فرحة الأهالي بعودة السالمين من الرحلة وسط مشاعر تفيض بالفرح تسمى « القفال».