اختتمت أمس أعمال مؤتمر ( الإعلام المعاصر بين حرية التعبير والإساءة إلى الدين)، الذي عقدته رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الأوقاف والإرشاد في الجمهورية اليمنية بحضور معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ومعالي وزير الأوقاف والإرشاد اليمني القاضي حمود بن عبد الحميد الهتار . وعبر المشاركون في المؤتمر في بيانهم الختامي عن شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين ، على خدمتهم للإسلام ورعايتهم لشؤون المسلمين وعلى مساندة برامج رابطة العالم الإسلامي . وقد حرص المشاركون في المؤتمر على استكمال دور رابطة العالم الإسلامي في إطار مبادرة الحوار العالمي التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في كل من مكةالمكرمة ومدريد، والتعاون مع وزارة الأوقاف والإرشاد في جمهورية اليمن في مواجهة التحديات الماثلة فأوصى المشاركون بالتزام النهج الإسلامي الذي سنه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وتحديد مضامين الخطاب الإعلامي وأساليبه بما يتناسب مع احترام الشعوب وثقافتها وعقائدها ولغاتها . ودعا المشاركون رابطة العالم الإسلامي ووزارة الأوقاف والإرشاد في الجمهورية اليمنية إلى تكوين لجنة مشتركة ، تضم رجال الفقه والثقافة والإعلام لوضع برنامج عمل يعالج الإساءات إلى الإسلام وتبريراتها في إطار البحث العميق في الجذور والأسباب الحقيقية الكامنة وراء الحملة العدائية على الإسلام التي تخطت حدود المواثيق والأعراف الدولية . وحث المشاركون على التواصل والتعاون مع المؤسسات الإعلامية والثقافية التي تهتم بشكل موضوعي بالإسلام ، بدافع التعرف على حقيقته وحضارته، وتأثيره في ثقافة الشعوب المسلمة، ومدارسة النخب الفكرية والسياسية الغربية التي تدافع عن خيار التعامل مع العالم الإسلامي من منطلق الاعتراف بكونه رصيداً حضارياً أصيلاً لما يزخر به من إمكانات قادرة على الإسهام في حل المشكلات الإنسانية المعاصرة. كما حثوا على تنظيم المزيد من مؤتمرات الحوار ومنتدياته استجابة لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، مع توسيع مشاركة وسائل الإعلام الإسلامي في هذا المجال لتقوم بدورها الواعي في التعريف بالإسلام والرد على الإساءات وتصحيح الصور النمطية السلبية عن مبادئه وشريعته الغراء. وطالب البيان المنظمات والمؤسسات الإعلامية بتنسيق مواقفها والارتقاء بخطابها الإعلامي إلى مستوى المهمة المناطة بها وإعادة النظر في طريقة عملها تجنباً لنقاط الضعف والابتعاد عما يؤدي إلى التفرق والالتفاف حول منظومة الأفكار الإسلامية بدل مجموعة الأفراد المتحزبة كما طالب المؤتمر الإعلاميين المسلمين بتفويت الفرص على المسيئين للإسلام ، وعدم الانجرار إلى مزالق الإعلام المعادي للإسلام الساعي لإثارة الكراهية وأنواع الصراع الحضاري والثقافي والديني، وأن يحرصوا على إبراز المنهج الإسلامي في مجالات الحريات وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة، و التعريف بالجانب الاجتماعي في الإسلام ، وبيان محاسنه فيما يتعلق بشؤون المرأة والزواج والأمومة والطفولة ، وبيان عظمة شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان مواقفه التي تكشف المعاني الإنسانية والتربوية العظيمة. ودعا الإعلاميين المسلمين إلى توضيح موقف الإسلام والمسلمين من المتغيرات السياسية والاقتصادية والتعايش السلمي بين الأمم وإقامة دورات تأهيلية لإعلاميين متخصصين بمعالجة الإساءات الموجهة للإسلام والمسلمين ، بحيث يتحقق فيهم التمكن الجيد من العلم الشرعي وخاصة القرآن والسنة وما كان عليه سلف الأمة الصالح والمعرفة الجيدة بالواقع عموماً وواقع الثقافات والمجتمعات الغربية والمعرفة العامة بالشبهات المثارة ضد الإسلام بين الغربيين والردود التفصيلية عليها والمتابعة العامة لاتجاهات الرأي العام ووسائل الإعلام تجاه القضايا والموضوعات الإسلامية ، وتأصيل فكرة حرية التعبير لدى الأخرين وفق الضوابط الخلقية والقوانين الدولية التي تمنع الإساءة للأديان. وأوصى البيان بتنشيط الهيئة العالمية للإعلام الإسلامي لتنفذ ما وضعته من خطط في مجال توظيف وسائل الاتصال الحديثة في خدمة الأهداف الإسلامية والتنسيق بين وسائل الإعلام في العالم الإسلامي، والتوسع في الاستفادة من شبكة المعلومات العالمية ( الإنترنت ). كما دعا منظمة (اليونسكو) للتعاون مع رابطة العالم الإسلامي في مجال الحوار ومتابعة ما بدأته عام 2007 م من مناقشة حرية التعبير في إطار فهم مشترك لمضامين حقوق الإنسان والتعاون بين أتباع الحضارات. وطالب بتكوين لجنة إعلامية عليا يشارك فيها علماء وإعلاميون للنظر في السبل الثقافية والوسائل العملية التي تضمن تحقيق أهداف العمل المشترك بين مؤسسات الإعلام والمنظمات الإسلامية والعلماء والدعاة مع التوسع في الحوار بين الهيئات الإسلامية وعلماء الاجتماع والإعلامين المسلمين. وطرح المشاركون في المؤتمر فكرة إقامة منتدى فكري عالمي سنوي بإشراف رابطة العالم الإسلامي وتنظيمها يكون الهدف منه رصد كل ما يسئ إلى الإسلام في الإعلام المعادي وفتح قنوات الحوار مع العلماء والخبراء والأكاديميين غير المسلمين لتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام في المجتمعات المختلفة والعمل على إزالة كافة مظاهر سوء الفهم. ودعا البيان كليات الدعوة والإعلام في جامعات العالم الإسلامي إلى إدخال مقرر دراسي يختص بالخطاب الإعلامي شكلاً ومحتوى ، ومطالبتها بالاهتمام بالدراسات الجامعية في موضوعات الحملات الإعلامية على الإسلام والمسلمين ومعالجة مضامينها والرد عليها ، وتوجيه طلاب الدراسات العليا إلى العناية بهذا الموضوع في رسائلهم العلمية . وأوصى بإنشاء معهد عالمي للإعلام الإسلامي يتولى إلى جانب التدريب والتأهيل ، مهام النشر المتخصص في قضايا الاتصال الدولي الإسلامي ، ويدعو المؤتمر رابطة العالم الإسلامي إلى إعداد دراسة عن المعهد ومناقشته في المؤتمر الثاني للإعلام الإسلامي الذي ستعقده الرابطة قريباً إن شاء الله في اندونيسيا . وأيد البيان مطالبة مؤتمر مكةالمكرمة السابع بإنشاء هيئة استشارية من المتخصصين في القوانين والأنظمة العالمية ، تعمل في إطار رابطة العالم الإسلامي مهمتها المتابعة القانونية للإساءات ، والتعرف على الوسائل القانونية لمنعها، بما فيها رفع دعاوى قضائية على كل من يسيء إلى الدين الإسلامي ، وذلك أمام المحاكم المختصة في بلده ، وكذلك أمام المحاكم الدولية. ودعا رجال المال والأعمال والغرف التجارية والصناعية والمؤسسات الاقتصادية في العالم الإسلامي إلى الإسهام في دعم المؤسسات الإسلامية المتخصصة بالتعريف بالإسلام وبنبي الرحمة محمد صلوات الله وسلامه عليه ، تحقيقاً للأهداف المبتغاة في تبليغ دعوة الإسلام عبر مختلف الوسائل الإعلامية. وأكد أهمية تعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي بين المسلمين واستخدام إمكاناتهم السياسية والاقتصادية في مواجهة الإساءة إلى الإسلام والتواصل مع مؤسسات الإعلام العالمية من خلال ندوات خاصة مشتركة وشرح الصورة الصحيحة للإسلام للشخصيات الفاعلة فيها ، وبيان الردود الإسلامية على الحملات والاتهامات الباطلة ، وحثها على نقل الصورة الصحيحة عن الإسلام. ودعا البيان أتباع الرسالات الإلهية إلى الوقوف مع المسلمين في مواجهة ثقافة العداء للأديان ورفضها ، والتصدي لدعاة الإلحاد والتعاون في إبراز المشتركات التي جاءت بها رسالات الله. وناشد وزارات الإعلام والثقافة في البلدان الإسلامية إلى التنسيق في مجال التصدي للحملات الإعلامية التي تستهدف الإسلام والمسلمين ومطالبتها بالتنسيق والتعاون في هذا الشأن مع رابطة العالم الإسلامي والمنظمات الإسلامية الأخرى . و وجه المؤتمر الشكر لرابطة العالم الإسلامي على مثابرتها في الدفاع عن الإسلام وعن حامل رسالته عليه السلام، وعلى إنشائها المركز العالمي للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وأثنى على أعماله ومنجزاته، وطالب المنظمات الإسلامية ووسائل الإعلام الإسلامي بالتعاون مع المركز. كما وجه المشاركون فيه الشكر والتقدير لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح ، رئيس الجمهورية اليمنية على رعايته للمؤتمر ، وشكروا وزارة الأوقاف والإرشاد في اليمن ، وعلى رأسها وزير الأوقاف والإرشاد اليمني على الجهود المبذولة في خدمة الإسلام والدفاع عنه. وجهوا شكرهم وتقديرهم للرابطة ممثلة بمعالي أمينها العام ، الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، على تنفيذ البرامج الإسلامية والثقافية والإعلامية ، وعلى ما تقدمه من خدمة للإسلام والمسلمين ، ودعوا الله العلي القدير أن يبارك في هذه الجهود.