حذر صندوق النقد الدولي من أن الولاياتالمتحدة تتجه على ما يبدو نحو انكماش يمكن أن يعرض أكبر اقتصاد في العالم إلى ضغوط خلال معظم عام 2009. جاء هذا في الوقت الذي حذر فيه وزير الخزانة الأمريكي هنري بولسن من احتمال تعرض المزيد من المصارف الأمريكية لخطر الانهيار بالرغم من خطة إنقاذ القطاع المالي التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية قبل أيام. وقال صندوق النقد الدولي في تقريره الذي نشر أمس الأربعاء «نظرة على الاقتصاد العالمي»: إن «الولاياتالمتحدة كانت في مركز عاصفة مالية عالمية متفاقمة... وأخذ الاقتصاد الآن في التباطؤ بسرعة»، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية. وقال الصندوق: إن نمو إجمالي الناتج المحلي لعام 2008 لن يتعدى 1.6%، أما في عام 2009 فقد يحقق نموا لا يتعدى 0.1%. إلا أن هذه الأرقام تنطوي على احتمال حدوث انخفاضات كبيرة خلال العديد من الفصول المالية حسب الصندوق. طالع أيضا: لفهم الأزمة المالية .. اقرأ قصة « أبو الحزن « الأزمة الاقتصادية العالمية.. الطريق الأول هو الحل الربا مفتاح الهلاك.. د.علي القرة داغي (خطبة جمعة) ويتوقع الصندوق انكماش النشاط الاقتصادي الأمريكي خلال الربعين الثالث والرابع من عام 2008 والربع الأول من عام 2009 مع حدوث بعض الاستقرار في الربع الثاني وحدوث نشاط دون المستوى المطلوب في معظم عام 2009. وأضاف الصندوق أن «الاقتصاد لن يعود قادرا على تحقيق نمو إلا في عام 2010». وجاء في تقرير الصندوق أن النمو القوي الذي بلغ 2.8% في الربع الثاني من عام 2008 كان سببه تزايد الصادرات وصرف شيكات الخفض الضريبي التي عززت الاستهلاك. وأشار التقرير إلى أن «البيانات المتوفرة بالنسبة للربع الثالث تشير إلى تباطؤ أكبر والمؤشرات المستقبلية مثل ثقة المستهلكين وثقة قطاع الأعمال والأدلة المتجمعة بشان التأثير السلبي على الائتمان بسبب المشاكل التي شهدها مؤخرا السوق المالي... تشير إلى أنه من المرجح أن ينكمش الاقتصاد في الربع الحالي وفي مطلع عام 2009». وعن الأسباب الرئيسية للمشكلة أكد التقرير أنه انفجار فقاعة الإسكان في الولاياتالمتحدة عام 2006، وما صاحب ذلك من انخفاض في أسعار المنازل بنسبة تتراوح ما بين 5.17% خلال العام الماضي اعتمادا على عدة إجراءات وهو أمر «لم يسبق أن حدث منذ الركود الكبير». وأضاف أنه «نتيجة لذلك فإن أكثر من عشرة آلاف عائلة أمريكية تدين بقروض على منازلها تزيد قيمتها عن القيمة الحقيقية للمنازل، كما انخفض النشاط المرتبط بالإسكان، وانخفض عدد المنازل المملوكة حديثا بنسبة 60% مقارنة مع عددها في ذروة عمليات التملك». وتحدث التقرير عن «مؤشرات أولية على الاستقرار»، وأشار إلى أن «التوقعات الأساسية تشير إلى أن دورة الإسكان ستستقر في نهاية المطاف بعد أربع سنوات من التصحيح». وأكد الصندوق أن هذا سيحدث بعد أن تنخفض أسعار المنازل بنسبة 10% إضافية بنهاية العام الحالي. أما بالنسبة للتوقعات المستقبلية للولايات المتحدة فقال الصندوق: إن هناك «مخاوف بأن تفرض أزمة الائتمان قيودا أكبر على النشاط وأن تمتد عملية تصحيح أسعار المنازل إلى عام 2010 وأن تستمر الضغوط التضخمية مما يحد من قدرة الاحتياطي الفدرالي على المناورة». إفلاس مؤسسات أخرى وفي إطار متصل قال وزير الخزانة «بولسن» في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء إنه يجب الاعتراف بأمر واحد وهو أنه برغم الصلاحيات الجديدة التي منحت لوزارة الخزانة يتوقع أن تشهر بعض المؤسسات المالية إفلاسها نظرا لمرور النظام المالي الأمريكي بفترة «عصيبة» لإعادة الهيكلة، إلا أنه وعد باستخدام كل السلطات المتاحة أمامه لتخفيف حدة الانهيار الاقتصادي. وطالب بولسون الشعب بالتحلي ب»الصبر»، قائلا: إن الأمر سيستغرق «عدة أسابيع» قبل أن تبدأ الخزانة الأمريكية في شراء أرصدة الرهن العقاري المضطربة التي تعد أساس أزمة الائتمان. وكان الكونجرس الأمريكي مرر الأسبوع الماضي خطة تخول وزارة الخزانة شراء ما يعادل 700 مليار دولار من تأمينات دعم الرهن العقاري ودعم مواقف رؤوس الأموال بالمؤسسات المالية التي تعاني صعوبات وذلك في إطار جهود الإبقاء على تدفق الائتمان عبر الاقتصاد الأمريكي. واجتاحت الولاياتالمتحدة أزمة مالية الشهر الماضي، بعد انهيار عدد من كبريات المؤسسات المالية والشركات الأمريكية العملاقة ذات التأثير الكبير في بورصة «وول ستريت». ثم انتقلت الأزمة إلى مختلف قطاعات الاقتصاد الأمريكي؛ وتظهر إحصاءات وزارة العمل الأمريكية أن حوالي 159 ألف فرصة عمل فُقدت منذ أزمة «سبتمبر الأسود»؛ حيث أدى انهيار قطاع العقارات ذي الوزن النسبي الضخم في الاقتصاد الأمريكي وأزمة الائتمان التي صاحبته إلى ضرب شرائح عريضة من الصناعات الأمريكية.