زيادة على تغطيتها الإخبارية للتطورات الميدانية في غزة, حاولت صحف فرنسية رسم ملامح مرحلة ما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة وموقع حركة حماس في هذه المرحلة مع اقتراب موعد تسلم الرئيس المنتخب الأميركي باراك أوباما زمام الحكم في العشرين من الشهر الجاري. وحملت واحدة من هذه الصحف إيديولوجية المحافظين الأميركيين الجدد مسؤولية تأزم مناطق عدة بالعالم بما فيها غزة, وتحدثت أخرى عن تأثير الحرب الراهنة على يهود الولاياتالمتحدة. حماس متجذرة أسبوعية لكسبرس نشرت مقابلة مع روبرت مالي مستشار الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والمدير الحالي لقسم الشرق الأوسط بمجوعة الأزمات الدولية, قال فيها إن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما قد تتخذ موقفا أكثر ليونة في ما يخص التحاور مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس), وإنها ربما توكل المهمة إلى دول أخرى. ووفقا لمالي فإن هذا الموقف المنتظر من إدارة أوباما يقول "إننا لن نتحدث إلى حماس لكن إذا كانت دول أخرى تريد أن تتناقش معها فلن نعترض على ذلك". وأشار محرر الشؤون الدولية بالصحيفة إلى فرضية تلويح باراك أوباما بتقليص المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل أو على الأقل الإبقاء عليها في المستوى الحالي بهدف الضغط عليها لاحترام القرارات الدولية. لكنه تساءل مرة أخرى عما إذا كان أوباما قادرا على اتخاذ قرار من هذا القبيل. ومن المقرر أن ترتفع قيمة المساعدة العسكرية السنوية التي تقدمها الولاياتالمتحدة لإسرائيل إلى ثلاثة مليارات دولار في السنوات العشر المقبلة حسب الوعد الذي قطعته إدارة الرئيس الأميركي المنصرف جورج بوش. تململ يهودي أسبوعية فرنسية أخرى هي لوبوان نشرت تقريرا عن موقف يهود الولاياتالمتحدة الأميركية من الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة مشيرة إلى علامات انقسام في صفوف هذه الجالية على ضوء التقتيل الجماعي الذي يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة. الصحيفة نقلت عن أوري نير المتحدث باسم الفرع الأميركي لمنظمة السلام الآن الإسرائيلية قوله إن هناك بالفعل انقساما بشأن الهجوم على غزة. وأشار نير إلى أن غالبية اليهود الأميركيين يؤيدون الحرب الإسرائيلية على غزة ويعتبرونها شرعية, بيد أنه أوضح أنه لا يوجد إجماع على هذه الحرب حيث إن العديد من أفراد الجالية اليهودية يعترضون بقوة على الطريقة التي شنت بها, وعلى عدم استنفاد السبل الدبلوماسية لمنع حدوثها. السياسة لا الأيديولوجية من جهتها أرجعت "لوموند" الانفجار الحالي في غزة وتنامي التوترات في مناطق أخرى من العالم وخاصة أفغانستان وباكستان والهند والقرن الأفريقي، إلى إهمال الدبلوماسية الأميركية في عهد الرئيس المنصرف جورج بوش لنزاعات كان ينبغي معالجتها بدل التركيز المطلق على ما يسمى الحرب على الإرهاب. وأضافت أن إدارة بوش عززت قوة الحركات الإسلامية في العالم أجمع عبر السياسة التي انتهجتها والتي قامت على دعم خصوم تلك الحركات دون أن تقدم هذه الإدارة رؤية حقيقية لحل الصراعات التي تغذي ما تطلق عليه واشنطن الإرهاب وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي. لوموند ختمت افتتاحيتها بالقول إن القنابل لا تصنع اعتدالا, وشددت على أنه يجب الاحتكام إلى السياسة لا الأيديولوجية.