أكد محللون أوروبيون فشل الوساطات التي تقوم بها بعض الأطراف الأوروبية حاليا لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، في ظل ما وصفوه ب"التضارب" و"الفوضى" بين هذه الوساطات، مع ابتعاد الولاياتالمتحدة مؤقتا عن "بازار" الوساطة، انتظارا لتولي الرئيس المنتخب باراك أوباما السلطة في العشرين من يناير الحالي. في المقابل رأى دبلوماسيون عرب أن هذا "التضارب" وهذه "الفوضى" في الوساطات الأوروبية، والتي تزامنت مع ابتعاد أمريكي عن الصورة، أمر "مقصود"؛ لإعطاء إسرائيل الفرصة لفرض الأمر الواقع على الأرض في غزة، قبل طرح أي مبادرة لوقف إطلاق النار، سواء على طرفي الأزمة، أو في مجلس الأمن الدولي. وفي تقرير لمجلة "دير شبيجل" الألمانية، جمعت فيه آراء لمحللين بالصحف الألمانية المختلفة، أكدت المجلة فشل المبادرات الأوروبية للوساطة بين حماس وإسرائيل، وأرجعت ذلك إلى أن المبعوثين المختلفين، وفيهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، "يقف كل منهم عائقا أمام الآخر" (إشارة للتعارض بين المبعوثين). أما صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية فقالت إن إطلاق ماكينة الوسطاء الأوروبيين لم يأت بنتائج سوى "المزيد من الإحباطات"، خاصة بعدما أعلن وزير الخارجية التشيكي كارل شوارزينبرج، الذي ترأس بلاده الدورة الجديدة للاتحاد الأوروبي، إستراتيجيته التي وصفتها الجريدة ب"المنحازة إلى إسرائيل بصورة واضحة للغاية".وكان شوارزينبرج أصدر بيانا في اليوم التالي لتولي بلاده رئاسة الاتحاد وصف فيه الحرب الإسرائيلية على غزة ب"الدفاعية". وقالت الصحيفة في إطار تحليلها لآراء محللين ألمان: إن زيارة وفد الترويكا الأوروبي (السويد والتشيك وفرنسا) إلى المنطقة حاليا تأت عقب مشاعر الإحباط التي سادت بعد عجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ قرار في شأن الوضع في غزة، ورفضه الموافقة على مشروع القرار العربي الذي يلزم إسرائيل بوقف إطلاق النار.واعتبرت الصحيفة أن ذلك أدى إلى عرقلة الزيارة التي يقوم بها حاليا الوفد الأوروبي في الشرق الأوسط، "والتي لم تأت بأية نتائج". وكررت الصحيفة ما ذكرته "دير شبيجل" من أن هناك حالة من التعارض والفوضى في مسارات الوساطات الأوروبية، التي "لم تسعها سوى سلة القمامة". رغبة فرنسا في الزعامة وزادت ال"تسايتونج" عن "دير شبيجل" القول: إن أحد عوامل فشل "بازار" الوساطة الأوروبي يعود إلى رغبة فرنسا في الاستمرار في لعب ذات الأدوار الذي كانت تلعبه إبان رئاستها لدورة الاتحاد الأوروبي الماضية، وقيام الإليزيه حاليا ب"مزاحمة" الرئاسة التشيكية للاتحاد، في أدوارها الدبلوماسية "الأمر الذي يضعفهم (الأوروبيين)، ويجعلهم مفاوضين غير مؤثرين أو جذابين".