شهدت الأيام الأخيرة من الحرب الإسرائيلية المعلنة ضد حركة حماس في قطاع غزة استخداما مكثفا لمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة، جوا وبرا وبحرا، الأمر الذي أسفر عن ذاك الحجم الضخم من الضحايا البشرية، واتساع رقعة الخسائر المادية، والدمار الذي لم يتوقف بعد حتى كتابة هذه السطور. سلاح الجو احتل الطيران الحربي مكانة متقدمة في حروب إسرائيل المعلنة والسرية ضد المقاومة، حيث يحصل سلاح الجو على ما يقارب 50% من الموازنة العسكرية، وتبذل الآن محاولات مستمرة لتطويره، وتعزيزه وزيادة فعالياته القتالية؛ لذا ينال الحظ الأوفر في حيازة العتاد والوسائط الجوية، لاسيما وأن الإسرائيليين يستخدمون تقنيات طائراته في عدة عمليات اغتيال لرموز المقاومة، من خلال عدة أنواع من الطائرات، لاسيما الطائرات الحربية المقاتلة ال"إف16"، وطائرات الهليوكبتر المروحية، فضلا عن الطائرات الاستطلاعية. وهناك الطائرة بدون طيار المعروفة بعدة أسماء، منها: الزنانة، وعيون القتلة، والجاسوس الطيار، من طراز سيرتشر، من أكفأ الطائرات ومن أكثرها تطورا، حتى أصبحت إسرائيل تنافس الولاياتالمتحدة في هذا المجال. وقد طورت الصناعات الجوية طائرة بطيار يستطيع فريق من الخبراء بداخلها من تسيير ثلاث طائرات بدون طيار وتوجيهها، بحيث تسير كل واحدة منها خلف الأخرى بشكل دائري، وهذا من شأنه إجراء مسح دقيق ومتابعة لعدة أهداف متحركة في آن واحد، وقد لجأ الاحتلال لاستخدام قنابل، خاصة خلال قصفه لمنازل المقاومين خلال الساعات والأيام القليلة الماضية، ومن بينها قنابل الإلكترون والثراميت والنابالم المحتوية على أجهزة مفجرة في تكوينها، مهمتها إشعال محتويات القنبلة التي تحوي بدورها على الفوسفور والماغنسيوم والزنك وبذرة الكتان، وينتج عنها أثناء الانفجار كرات نارية تشعل المنطقة بأسرها. وجاء تصميم غلاف هذه القنابل لكي تنتشر وتشعل النيران في المباني، وتكمن خطورتها في أنها تؤثر في إشعال الخزانات الخاصة بالوقود، والتصاقها بالجسم الذي تسقط عليه، حيث يهدف الاحتلال لإحداث تخريب واسع وشامل للمنشآت والبنايات العامة والخاصة. الوسائل التكنولوجية منذ اللحظة الأولى لقرار إسرائيل بالخروج لعملية عسكرية قاسية باتجاه حركة حماس في غزة، عملت قوات الاحتلال على حصار القطاع بواسطة تكنولوجيا عسكرية متطورة قادرة على رصد تحركات المقاومة، وضبطها في مهدها بحرا وبرا وجوا، على النحو التالي: 1- زوارق حربية بدون طاقم: حيث كشفت مصادر عسكرية النقاب عن أن قوات الاحتلال أدخلت إلى الخدمة العسكرية زوارق حربية بدون طاقم، ويستخدمها بشكل أساسي بالقرب من سواحل قطاع غزة، وقالت المصادر إن الجيش تمكن من تطوير زورق حربي سريع من دون طاقم يحمل اسم "بروتكتور" (الحامي)، بعدما أدخل لسلاحه الجوي والبري العديد من الطائرات المسيرة من دون طيار، والسيارات من دون سائق. ويبلغ طول الزورق الجديد المسير عن بعد، تسعة أمتار ويستطيع الإبحار بسرعة 70 كم في الساعة، مجهز برادار وكاميرا يمكنها البحث عن هدف معين وتحديده، ومزود برشاش خفيف، وسيجهز مستقبلا بصواريخ. 2- سيارات تجسس: حيث كشفت مصادر عسكرية النقاب عن أن قوات الاحتلال تستخدم في قطاع غزة سيارات تجسس ومراقبة بدون سائق، بزعم حراسة الحدود، وتمتلك السيارة الجديدة القدرة الإلكترونية على التصوير الأمني، والكشف والمراقبة، وإعطاء الإنذار المبكر، في حال الاشتباه بأي تحركات مريبة قرب حدود القطاع. كما تستطيع السير في الطرقات الوعرة والموحلة والرملية بشكل أوتوماتيكي؛ حيث تستنسخ طريقة عمل الطائرة من دون طيار، والمستخدمة لأغراض تجسسية وحربية، كما تعمل الصناعات العسكرية على تطوير هذه العربة؛ لتصبح "رجلا آليا"، يستطيع إطلاق النار على كل من يتسلل عبر الحدود. 3- مدفع الليزر: فقد نشرت قوات الاحتلال قرب قطاع غزة مدفعا يعمل بالليزر يستطيع اعتراض صواريخ القسام التي تنطلق من هذه المنطقة، بحيث يكون قادرًا على اعتراض كل خمس ثوان بالتزامن نحو 51 من هذه الصواريخ اليدوية الصنع، وحتى قذائف المدفعية التقليدية. تجهيزات الحملة البرية أبرزت الحملة العسكرية الجارية على قطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، حجم الانشغال الذي عاشته الأوساط العسكرية الإسرائيلية في تطوير وإنتاج آخر ما ابتكرته الآلة الصناعية الحربية والعسكرية، لمواجهة جهود قوى المقاومة التي دخلت في سباق محموم في إنتاج وتطوير أسلحة وقذائف متطورة. ولم يعد سرا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية شكلت المصدر الأول لمورد السلاح الرئيسي لإسرائيل، متزامنا مع زيادة القروض والمنح العسكرية التي تحولت فيما بعد إلى مجرد منح وهبات؛ ليصل مجموع المنح العسكرية ما يقارب 108 بلايين دولار سنويا لتمويل مشتريات السلاح وأنشطة البحث والتطوير لتمثل 35% من ميزانية وزارة الدفاع. وتدل التقارير الإستراتيجية أن الإنفاق العسكري الإسرائيلي يتصف بالتركيز على التكنولوجيا والمعدات الحديثة؛ حيث إن 50-60% من الميزانية مخصص لشراء الأسلحة المتطورة؛ مما يعكس طبيعة العقيدة العسكرية الإسرائيلية واعتمادها التفوق التكنولوجي "النوعي" وقوة النيران، وهذا يدل على أن شراء السلاح والاستزادة منه يعتبر عنصرا أساسيا في الإستراتيجية الإسرائيلية، وفي الإنفاق العسكري في دولة الاحتلال. ومن الأسلحة الحديثة التي قد يستخدمها جيش الاحتلال ضد رجال المقاومة في العملية البرية المرتقبة ضد حركة حماس في قطاع غزة: 1- نظام "303XM": ويعتمد على تصميم مضغوط الهواء لإطلاق قذائف عدة تزن 8 جم، فتحدث صدمة فيمن تصيبه، ويتم تركيبه على بندقية M16، ويمكن استخدام طلقات المطاط التكتيكية التي تسبب إصابات تشل القدرة ورضوضا خطيرة في جسد المصاب. 2- أسلحة الأشعة المركزة: ذخائر مؤثرة في الأعصاب وأسلحة إلكترونية، تولد صدمات كهربائية منخفضة تصعق الأفراد المستهدفين، تؤدي لفقدان قدرتهم على التحكم بعضلاتهم. 3- استخدام الرغوات اللزجة: لتفريق المجموعات المسلحة وخلق حواجز سريعة معهم، وهناك رغوات مائية مخلوطة برذاذ الفلفل يؤثر على حواس السمع والبصر والشم، وشل القدرة على الحركة. 4- المدفعية الصاروخية الموجهة: المضادة للدبابات والطائرات وأجهزة الرقابة المتطورة، وأهمها: الأسلحة الخفيفة والرشاشات، خاصة البندقية الآلية من طراز M16، ومدفعية الميدان العادية، والمدفعية الصاروخية، وهي تسع راجمات ترمي صواريخ غير موجهة ذات مدى بعيد مخصصة لتأمين الدعم المدفعي العام على مستوى الفرقة والفيلق، والصواريخ الموجهة المضادة للدروع من طرازي " تاو" و"دراغون"، والمدفعية المضادة للطائرات. 5- دبابات القتال والعربات المدرعة: تمتلك القوات الإسرائيلية زهاء 1525 دبابة قتال سريعة من صنع أمريكي، من أصل 4095 دبابة قتال رئيسية موجودة في القوات البرية، وقد استخدم العدو هذه الدبابات ضد الأفراد والمنشآت، التي تطلق قذائفها إلى ما بعد 5 كم، أما حاملات الجنود فهي مزودة برشاشات أمريكية الصنع مختلفة العيارات، بين ثقيلة ومتوسطة وخفيفة. 6- السلاح الحامي: سلاح جديد قادر على إطلاق النار من خلف الزوايا دون انكشاف مستخدمه وتعرضه للخطر، وتدرس أوساط في جهاز الأمن والجيش الإسرائيلي إمكانية إدراج هذا التطوير الجديد في الوحدات الخاصة في الأراضي الفلسطينية. أبرز التشكيلات الحربية والاستخبارية تشارك العديد من التشكيلات والوحدات العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية في الحرب المفتوحة على حركة حماس في قطاع غزة. وعلى رأس التشكيلات التي من المتوقع أن يكون لها دور كبير في المواجهة مع حركة حماس ألوية المشاة المختارة في الجيش الإسرائيلي، وهي ألوية: جولاني، وجفعاتي، وهناحل، والمظليين. ويضم كل لواء من هذه الألوية وحدة خاصة تتبعه، تتولى عادة القيام بالمهام الخاصة، كعمليات التسلل ونصب الكمائن والاختطاف، وتتركز هذه الألوية حالياً على طول الخط الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل. وإلى جانب هذه الألوية، فإن الجيش الإسرائيلي يستند إلى لوائين من المدرعات التي تتشكل بالأساس من دبابات من طراز ميركافا، وهي التي توصف بأنها الدبابة الأكثر قوة في العالم. 1 وحدة يهلوم أكدت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن الجيش سيعتمد في عملياته في غزة بشكل كبير على سلاح الهندسة الميدانية، وتحديدا على وحدته الخاصة المعروفة ب "يهلوم"، أي "الماسة". واضافت القناة أن عناصر وحدة يهلوم أجروا تدريبات كبيرة لمواجهة المئات من الأنفاق التي تفترض المخابرات الإسرائيلية أن المقاومين الفلسطينيين قاموا بحفرها كجزء من استعداداتهم لمواجهة غزو إسرائيلي شامل مرتقب للقطاع. وأضاف التلفزيون أن التدريبات التي قامت بها الوحدة استمرت لمدة 16 شهرا. وذكر أن الجيش الإسرائيلي يفترض أن هناك 600 نفقا، الكثير منها مفخخة قام المقاومون الفلسطينيون بحفرها داخل قطاع غزة بهدف المس بجنود الاحتلال عندما يقومون باقتحام القطاع، معتبرا أن حفر هذه الأنفاق يمثل أحد أهم استنتاجات المقاومة الفلسطينية من حرب لبنان الثانية. 2 وحدات النخبة العليا وحدة "سييرت متكال" أو "سرية الأركان": تعتبر هذه الوحدة أكثر وحدات الجيش الإسرائيلي نخبوية، ويكفي أن عددا من قادة إسرائيل خدموا فيها، مثل وزير الحرب الحالي إيهود باراك، وزعيم المعارضة بنيامين نتنياهو. وتساهم هذه الوحدة في تخليص الرهائن والقيام بعمليات عسكرية معقدة خلف صفوف "العدو"، وعمليات التصفية في الخارج. وهذه الوحدة هي المسئولة عن إطلاق سراح المختطفين الإسرائيلين في العاصمة الأوغندية "عنتيبي" في عام 1976/ ومسئولة عن تصفية أبو جهاد الرجل الثاني في حركة فتح في عام 1988، وقامت هذه الوحدة بالكثير من عمليات التصفية في انتفاضة الأقصى. ومع ذلك فقد سجلت هذه الوحدة عدة مرات فشلا في بعض العمليات، إذ أن هذه الوحدة فشلت مثلا في تحرير الجندي نحشون فاكسمان، الذي اختطفه عدد من عناصر "كتائب عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، في العام 1995، وقد قتل عناصر "الكتائب" بالإضافة إلى الجندي المختطف، قائد سرية في الوحدة الخاصة أثناء محاولة الوحدة تحرير الجندي المختطف. طلائع الاستخبارات العسكرية: حيث تعمل وحدات خاصة تابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية المعروف ب "أمان". وتتولى هذه الطلائع القيام بعمليات التصنت على الفصائل الفلسطينية، إلى جانب أن هذه الوحدات تدير أجهزة الرادار الموجه للمدن الفلسطينية وتقوم برصد كل حادث يتم في هذه المدن. وضمن هذه الطلائع، الوحدة 812، وهي وحدة تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، تم تأسيسها خصيصا من أجل أن تتولى جمع المعلومات الاستخبارية.