تشكّل زيادة وزن المرأة أثناء الحمل خطراً كبيراً ليس عليها فقط، وإنما أيضاً على صحة طفلها، حيث أثبتت بحوث أُجريت في اسكتلندا أن حياة الطفل تعتمد إلى حد كبير على وزن الأم، والذي من شأنه أن يؤدي إلى وفاته المبكرة، وقد توصل العلماء إلى هذه النتيجة بناءً على دراسة سجلات تضم حالات الولادة والوفاة ابتداءً من عام 1950، أي منذ أكثر من ستة عقود. وأوضحت هذه الدراسة أن الأطفال الذين ولدوا لأمهات يعانين من الوزن الزائد أصيبوا بأمراض القلب أكثر من غيرهم بنسبة تبلغ 35%، وقد فارق ما يقرب من ثلاثمائة شخص ممن خضعوا للدراسة الحياة، وكانوا قد ولدوا لنساء عانين من السمنة. ويرجع العلم أثر وزن السيدة الحامل الزائد على الجنين إلى تفاوت الشهية في فترة الحمل، مما يؤدي إلى تغير في عملية الاستقلاب لدى الجنين نفسه، الأمر الذي يسفر عن إصابته لاحقاً بأمراض القلب، حيث توصلت دراسة حديثة إلى أن مواليد الأمهات البدينات قد يعانون من سماكة في أحد شرايين القلب الرئيس. ووجد باحثون بجامعة سيدني أن جدران الشريان الأبهر تكون أسمك عند مواليد الأمهات البدينات مقارنة بمواليد ذوات الوزن الطبيعي، وتعتبر سماكة هذا الشريان عامل خطر للإصابة بأمراض القلب والشرايين، وبالتالي فقد افترض العلماء أن سمنة الحوامل قد تؤثّر على خطر إصابة مواليدهن بأمراض القلب والسكتات الدماغية لاحقا في حياتهم. وشملت الدراسة 23 امرأة معدل أعمارهن 35 عاماً، وهن بالأسبوع ال16 من الحمل، وأنجبت عشر منهن ذكوراً، وتراوح وزن المواليد بين 1.8 و4.3 كيلوغرامات، وكشفت الدراسة أن سماكة جدران الشريان الأبهر البطني لدى مواليد الأمهات البدينات تزيد بمقدار 0.06 ملليمتر عن مواليد ذوات الوزن الطبيعي، وتتوافق هذه النتائج مع دراسات سابقة أكدت علاقة صحة المولود بالوضع الصحي للحامل. جدير بالذكر أن إحدى الدراسات الحديثة أيضاً أثبتت أن النساء الحوامل اللواتي يفرطن في تناول الطعام يتعرضن لخطر تراجع مستوى ذكاء الجنين، كما أن إفراط الحامل في تناول الطعام يعرض الجنين إلى خطر مواجهة مشاكل سلوكية في المستقبل، بالإضافة إلى اضطرابات غذائية واضطرابات بالصحة العقلية مثل الانفصام بالشخصية. وحذر العلماء النساء من كسب الكثير من الوزن خلال الحمل بعد متابعة اختبارات الذكاء التي خضع لها أطفال نساء بدينات كانت أقل بخمس نقاط من تلك التي سجلها أطفال الأمهات ذات الوزن الطبيعي. ويجب على الأم الحذر من تناول الوجبات السريعة خلال الحمل؛ لأنها تؤدي لإصابة الطفل بالسمنة، حيث أشار علماء أستراليون إلى أن تناول الوجبات السريعة خلال فترة الحمل يزيد من احتمالات ولادة أطفال مدمنين لهذه الوجبات، وبالتالي ترتفع احتمالات إصابة هؤلاء الأطفال بالسمنة مع التقدم في العمر. ووجدت الدراسة التي أجراها علماء بجامعة "ادليد" الأسترالية أن الأطفال المولودين لنساء تعودن على تناول الوجبات السريعة أثناء فترة الحمل أصبحوا أكثر حساسية تجاه ما يعرف بالافيونيات، وتزيد احتمالات تناولهم للوجبات السريعة بشراهة حتى في مرحلة ما بعد البلوغ، وتعد هذه المرة الأولى التى يثبت فيها العلماء التأثير طويل الأمد لاستهلاك الوجبات السريعة خلال الحمل والرضاعة. وهذا يعني أن التزام الحامل بالإرشادات الطبية واتباعها لنظام حياة صحي لن ينعكس فقط على نوعية حياتها بل سيمتد لصحة وحياة أبنائها، وينصح الأطباء السيدات القادرات على الإنجاب بالاهتمام بأوزانهن والحفاظ على وزن معتدل، كوقاية لأطفالهن في المستقبل من الإصابة بأمراض القلب، فيما يتوجه هؤلاء بالنصيحة لمن وُلدوا لسيدات تمتعن بأوزان زائدة بمراجعة الأطباء باستمرار، للحيلولة دون الإصابة بهذه الأمراض، أو لاكتشافها في مراحل مبكرة، مما يسهل عملية العلاج.