"تبسم.. الأستاذ" وهو يمسك بيديه المجموعة الكاملة لانتاج حياته.. والاستاذ هو الرائد الكبير العلم عبدالله عبدالجبار والمناسبة كانت عقب مغرب يوم السابع من الحجة الجاري في داره بمشروع الامير فواز في جدة لاطلاعه على المجموعة الكاملة والتي اعدها للنشر الاساتذة المستشار الاعلامي محمد سعيد طيب الاعلامي والناشط ورئيس تهامة السابق والشريف عبدالله فراج التربوي والكاتب المعروف والباحث والتي قام بنشرها معالي الشيخ أحمد زكي يماني رئيس مؤسسة الفرقان والذي قدم النسخة الأولى من الاعمال الكاملة التي تولت مؤسسة الفرقان طباعتها ونشرها.. بحضور عدد من الاعلاميين والمهتمين وأ.د. عباس طاشكندي رئيس موسوعة مكةالمكرمة والمدينة المنورة. الاستاذ كان الاستاذ عبدالله في أوج فرحه وسروره وسعادته وهو يتسلم انتاجه من الكتب في 7 مجلدات مصنفة وكعادته وبتواضعه المعروف قال الاستاذ: "انا لم اقدم شيئا.. هذا العمل عملكم.. مخاطبا الشيخ زكي وطيب والشريف. حديث يماني وبدوره قال الشيخ أحمد زكي يماني إن ما قام به جزء من القيمة الادبية للرائد عبدالجبار وهو يستحق اكثر من ذلك بل ان من الواجب حفظ هذا الحق واعلانه وتعريف العالم به لانه نتاج جهد وعمل استمر سنوات وعقود وما تبع ذلك من بحث واعداد وتسجيل واشار يماني الى استاذية الرائد عبدالجبار له في مراحل دراسية مختلفة وعندما كان يدرس الحقوق في جامعة القاهرة. طه حسين وبنت الشاطئ وذكر الشيخ يماني قصة مضى نحو ستة عقود عليها بعد ان كلفه الاستاذ عبدالجبار عندما كان طالبا بالجامعة وكان الاستاذ رئيسا للبعثة السعودية في القاهرة وكلفه زكي يماني بحضور مناقشة الدكتوراه للدكتورة بنت الشاطئ وكان رئيس اللجنة للمناقشة د. طه حسين وقد سجل زكي يماني ما رآه اثناء المناقشة وهو ما نشر في الجزء (السادس) من اعمال الاستاذ بخط زكي يماني .. ويضيف الشيخ يماني ان مؤسسة الفرقان تعد مجموعة الاستاذ احد الاعمال الهامة التي تشرفت بنشرها. محمد سعيد طيب بتصور خاص استطيع ان اقول ان اكثر تلاميذ واصدقاء الاستاذ سعادة بخروج مجموعة الاستاذ الكاملة هو الاعلامي محمد سعيد طيب اذ كان يتحدث منذ فترة عن مفاجأة العام لكل من يزوره او يلتقي به حتى انه وصف لقاءهم بالاستاذ عندما رافق معالي الشيخ احمد زكي الى داره "لقاء العمر" بالنسبة له ويعود ذلك الى متابعة جادة من قبل الاستاذ طيب منذ ان كان في تهامة وقبلها بسنوات طويلة لكل ما يسجله الاستاذ عبدالجبار،ويقول لقد مُنحت لي فرصة العمر أن اشارك في اعداد هذه الأعمال "الذهبية" وهذا الكنز الثمين للأستاذ عبدالجبار وتقديمه للمثقفين وطلبة العلم وقد شاركه في هذه المشاعر الشريف عبدالله فراج الذي بذل جهوداً مقدرة لتقديم هذه المجموعة ومتابعة دقيقة ويختم طيب كما قال في المجلد السابع وهو يسجل عن الأستاذ "هل نستحقه؟". المجموعة المجموعة جاءت في 7 مجلدات - وكان المجلد الأول بعنوان "التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية" - قسم الشعر والثاني التيارات في ما يتعلق بالنثر وفن المقالة والثالث وجاء في أكثر من 700 صفحة -" قصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي" والرابع "بحوث وإبداع" والخامس المقدمات والسادس المقالات والسابع "مما كتب عنه". سيرة الرائد والرائد المفكر الأديب والتربوي عبدالله أحمد عبدالجبار وهو ناقد ايضاً من مواليد مكةالمكرمة في 1338ه - 1919م تلقى تعليمه فيها والتحق بكلية دار العلوم بمصر وتخرج في عام 1359ه- 1940م - عمل معلماً في تحضير البعثات والمعهد العلمي السعودي ثم مراقباً عاماً للبعثات بمصر في 1369ه - 1949م وعمل بتدريس اللغة العربية في لندن ويعد مؤسس اول مدرسة سعودية خارج الوطن في "لندن" عاد للمملكة مستشاراً لجامعة الملك عبدالعزيز بجدة فمستشاراً لشركة تهامة وعمل نائباً لرئيس رابطة الأدب الحديث بالقاهرة التي كرمته - حضر مؤتمر الأدباء العرب في بغداد في 1385ه - 1965م كرمته المملكة في مهرجان الجنادرية 21- بوسام من الدرجة الاولى 1427ه. آراء عن الرمز اخترنا للقارئ العزيز بعض الأقوال التي سجلت بأقلام اصحابها ضمن المجموعة لأدباء ومسؤولين كبار ورجال علم وأدب واعلاميين "نعتذر للبقية". د.عبدالوهاب أبو سليمان هو من البقية الباقية من جيل عملاق مهد الطريق وذلل السبل لأجيال قادمة لا نقدرهم حق قدرهم ولكن التاريخ سوف يتحدث عنهم وعن مآثرهم ولهم من الله اعظم الجزاء ومن تلاميذهم حق الوفاء. د. عبدالعزيز الخويطر عبدالله عبدالجبار عملاق في حسن الخلق، حدب على المحتاج إلى العطف والمواساة عالم محقق مستبصر مدقق لم يسمع منه احد في احد الا كلمة خير.. أبي لا يساوم على الخلق الكريم والعادات الاصيلة له كرامة يحميها من أن تخدش ذو أنفة تمسك بها فجاءه منها التقدير. حمد الجاسر ذو مواهب متعددة فهو يعد من رواد كتابة القصة في بلادنا ينحو معالجة اصلاح القضايا الاجتماعية ولعله اول من طرق الجانب الادبي للكتابة المسرحية إن لم يكن أولهم ويعد على رأس النقاد بين ادباء البلاد الذين لا تعوزهم النزاهة والجرأة والصراحة. محمد عبده يماني هذا الانسان له حس وطني كبير ويقظة ذهنية وضمير حي كان هو المحرك في كل ما يكتب ويتأمل وله جرأته ولغته الراقية وقد اثبت وجوده وكسب احترام ابناء الوطن من المربين والمثقفين كمربٍ ومصلح ووطني وعربي مسلم غيور. عبدالفتاح أبو مدين رجل موقف في آرائه الادبية وخاصة النقدية وهو رجل جاد وحازم في دراسته وتناوله لا يعرف المداجاة ولا الزيف لأنه لا يدلس ولا يداجي والذي يقرأ اشعاره يدرك هذه الصفة الحيادية وهي وليدة شجاعة للآن مرجعيتها موقف لا يهن ولا يتراجع والرجولة موقف كما انها خلق. د.ابراهيم العواجي قال عن الرائد عبدالجبار: اذهلتني مسرحية الشياطين الخرس وغرست في اعماقي مليون سؤال ظلت تلاحقني حتى الآن فذهبت ابحث عن هذا العملاق الحاضر الغائب واتساءل لماذا توقف هذا القلم المبدع الشجاع في زمن يحتاج كثيرا وكثيرا الى امثاله. د. عباس صالح طاشكندي وجدت ان التيارات الادبية بمثابة قاسم استشهادي مشترك في جميع الأعمال التي تناولت بالبحث والدراسة تطور الحياة الفكرية والثقافية في المملكة وقد وجدت ان الاستشهاد به يأتي في الغالب من زاويتين فاما ان تكون تلك الاعمال امتداداً للمشاعل والدروب التي اوقد الاستاذ جذوتها بصدور كتابه حتى عمت مشاعل التنوير الثقافي الفكري ارجاء الجزيرة العربية في حاضرها المشرق او استندت على الخلفيات الثقافية التي جاءت في القسم الاول من التيارات الادبية. أحلام مستغانمي نحب عبدالله عبدالجبار لان كل شعوب العالم في كل الازمنة تحتاج الى قدوة ولاننا أحوج خلق الله اليوم الى معلم يقتدى به.. رجل يثبت لنا دون كثير من الكلام ان هذه الامة على عقر دورتها الزمنية مازالت تنجب امثاله وان هذا العالم على قذارته وانانيته ونفاقه مازالت فيه مساحة للنزاهة للتضحية ولنكران الذات. نحبه لاننا في حاجة لان نحب احداً من دون مقابل.. ان نكرمه دون ان ننتظر منه شيئاً.. ان نقبل يده امام الملأ.. دون ان نشعر بالحياء.. انتصار العقيل هذه هي الكتابة بضمير التي يحترق الكاتب فيها من اجل رفعة وطنه وامته وليس العكس، يحترق الوطن والامة من اجل رفعة الكاتب وحصوله على شهرة زائفة عند الغرب والاجانب ،هذا هو نموذج استاذنا عبدالله عبدالجبار - اطال الله في عمره - فكر واضح سلس قوي ، إنه مثل حيّ رائع لفكر ومبادئ روادنا الكبار. د. عبدالله مناع لقد سار عبدالجبار على طريق الرواد الأوائل من امثال الصبان والآشي والعرب والعامودي ممن كانوا يتهافتون ويتناوبون على قراءة كتب ومجلات مصر والمهجر لتقوده تلك القراءات الى جانب دراسته المعهدية الى ينابيع الفكر والثقافة والادب الى مناجم الماس ومغارات اللؤلؤ والذهب والسعير وشبه المناع عبدالجبار بالكاتب الفرنسي الرائع فيكتور هيجو صاحب "البؤساء" و"احدب نوتردام". د. محمد عبدالمنعم خفاجي وشعراً قال فيه د. محمد عبدالمنعم خفاجي: يا أخي عبدالله حييت فكراً أنت بالمجد في المواطن أحرى قد عشقت الحياة كداً و جهداً وعشقنا الأحلام فكراً و سفراً ما رأيناك قد سعيت لجاه من تراه شاك جاهاً وقدراً وآخرون وكتبت عنه ريمة الخميس وعابد خزندار وعبدالله الجفري رحمه الله واميرة كشغري ود. عبدالعزيز السبيل وابراهيم التركي وعبدالله ابو السمح وعبدالرزاق حمزة ومحمد القشمعي ومحمد عمر العامودي وعبدالله الغذامي وصالح جمال بدوي ومحمد صالح باخطمة ومحمد الدبيشي وفائز أبا وعبد الله بن خميس وفهد العريفي وغيرهم. ولي معه موقف أما أنا فأعتبر من سوء حظي أنني لم أعرف "الأستاذ" إلا قبل حوالى أربع سنوات عندما دعاني لمجلسه د. أحمد عبدالجبار وذهبت برفقة عدد من الاصدقاء الى داره في جدة وتكررت زيارتي الى ما قبل عامين ثم عندما جاء للاقامة في مكةالمكرمة أعترف بتقصيري في عدم زيارته رغم قرب داره من داري.. لكنني توقفت امام خُلق الاستاذ وهو يحتفي بضيوفه رغم فارق العمر والفكر والقيمة الثقافية ثم هو الحريص على الخروج معهم الى الباب الخارجي مع اصراره على ذلك وتبسمه الدائم واحتفائه طوال فترة زيارتهم وتقديم الطعام بيده.. خرجت بتجربة ثرية وتربوية ودروس من الرائد عبدالله عبدالجبار.. كما ان ظروف موسم الحج حرمتني من ان احضر استلامه لمجموعته رغم دعوتي ضمن من حضروا.. اسأل الله للاستاذ الكبير الصحة والعافية وطول العمر ولعلي من اكثر من فرحوا وهم يرون الاستاذ يستلم مجموعته الكاملة في حياته وبيديه وجزا الله مؤسسة الفرقان وصاحبها خير الجزاء وكل من كان وراء هذا العمل الكبير جداً..