لله ماأعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بمقدار. تلقت الأوساط العلمية والأدبية في المملكة بحزن عميق وأسف شديد خبر وفاة الصديق الزميل الأستاذ الدكتور زكريا لال الأستاذ بجامعة أم القرى الذي لقي وجه ربه أثناء رحلته الاستشفائية إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. والأستاذ الفقيد أستاذ جامعي بارز وكاتب مرموق عرف بشغفه العلمي وحبه للمعرفة منذ نعومة أظافره ،كرس حياته الحافلة بالجد والعطاء لخدمة العلم وطلابه، كان مثالاً على الصبر والمثابرة في طلب العلم والإخلاص له فتقدم على مجاليه في البحث والتأليف ؛ وسبق أقرانه في الترقي في الدرجات العلمية. لقد غادر الفقيد الكبير حياتنا الفانية تاركاً للأجيال تراثاً علمياً وفكرياً سدّ به فراغاً في المكتبة العربية في مجال تخصصه ،وهو إرث من العمل الصالح، وعلم ينتفع به ، نفعه الله به بعد مماته. ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ) لقد أصبحت مؤلفات الدكتور زكريا مرجعاً لطلاب الجامعات والباحثين في مجال تخصصه ؛ التخصص الذي تفانى مخلصاً في البحث المتعمق فيه حتى عُد مرجعاً من مراجعه وعالماً من علمائه الذين أسهموا في تطوير نظرياته وطرائقه وأساليبه؛ وتوظيف الأنظمة الرقمية وثورة الاتصالات الحديثة لخدمته وخدمة التربية وطرائقها بصورة أعم. لقد كون الفقيد العزيز مع زوجته العالمة المعروفة علياء الجندي زميلته في التخصص والجامعة ذاتها فريق عمل بحثي علمي متجانس متفرد ؛ غير مسبوق - شكلاً ومضموناً- في حياتنا العلمية الجامعية ؛ فقدما معاً خلال مسيرتهما العلمية النموذجية أعمالاً ودراسات بحثية مشتركة جادةً تلقتها المراكز البحثية والمكتبات الجامعية والتجارية التي تعنى بدراسات المناهج وتكنولوجيا التعليم بكل حفاوة واهتمام؛ وأصبحت مؤلفاتهما من أهم المراجع التي لايستغني عنها طلاب الدراسات العليا في إعداد رسائل الماجستير والدكتوراه فكانا بحق الفريق المثال ؛ والنموذج العلمي الذي يصعب تكراره. والمناسبة تستدعي ذكر طرفاً من جهدهما العملي المشكور حملته مؤلفاتهما المشتركة إلى المكتبة العربية مثل : - قاموس تكنولوجيا التعليم - الوسائل وتكنولوجيا التعليم - مقدمة في الاتصال - الاتصال الإلكتروني وتكنولوجيا التعليم - تكنولوجيا التعليم بين النظرية والتطبيق - تكنولوجيا التعليم وذوي الاحتياجات الخاصة والفقيد متعدد النشاطات والمواهب والمشاركات في المؤتمرات العالمية وكان حتى آخر أيامه عضواً عاملاً أو منتسباً في أكثر من 25 جمعية علمية محلية وعربية وعالمية ؛ونشر نيفاً وخمسين بحثاً علمياً محكمًا باللغتين العربية والانجليزية وأشرف على الكثير من رسائل الماجستير والدكتوراه ؛ وقد كرمته جامعته ،جامعة أم القرى، مؤخراً بجائزة التميز العلمي. والمتتبع لمسيرة الفقيد منذ أن كان صحفياً ناشئاً في أكثر من صحيفة حتى لقي وجه ربه وهو عالم ملء السمع والبصر لايغيب عنه أنه قد وظف وقته وعلمه وخبرته لخدمة وطنه وأخلص في ذلك أيما إخلاص ؛وهو يعد اليوم من الباحثين الذين يرجع لما كتبوا في مجال التقانة في خدمة التربية. إن الفقيد مستحق من جامعة أم القرى وهي الجامعة المعروفة بوفائها لأبنائها أن تتابع نشر إنتاجه خدمة للعلم ؛وأن تطلق اسمه على واحد من مراكزها البحثية التي شهدت إبداع البروفيسور زكريا لال. العزاء الخالص لرفيقة دربه الأستاذة الدكتورة علياء الجندي ولأبنائه ولطلابه ولأسرة كلية التربية التي برها بغزير إنتاجه. أسأل الله أن ينزل على الراحل الفقيد شآبيب الرحمات،وأن يعوضنا فيه خير العوض . "إنا لله وإنا إليه راجعون". ( نيودلهي/ الهند)