الغش هو مرض تربوي يجب مقاومته واستئصال شأفته بالقوانين المنظمة، فضلاً عن السعي الجاد لتعديل المنظومة التربوية، ذلك أن الهم الأكبر للطلاب يتمثل في محاولة الغش والحصول على أعلى الدرجات بأي طريقة كانت. وقد ضبط مؤخراً عضوان من أعضاء هيئة التدريس في جامعة "الطائف" - فرع "الخرمة" - طالبين حضرا بدلاً عن قريبيهما لتأدية الاختبارات، حيث اشتبه فيهما مراقب اللجنة، وبالاستقصاء اتضحت الحقيقة. في سياق متصل، قام أحد الطلاب الذين يدرسون في فرع الجامعة بتأدية الاختبار عن قريبه، وكان تحركه المستمر سبباً في ارتياب المراقب في أمره، فطالبه ببطاقته الجامعية أو أي إثبات يدل على أنه الطالب المنتمي لفرع الجامعة، فلم يجد أمامه سوى الاعتراف بأنه يؤدي الاختبار بدلاً عن صديقه. وقد تم إعداد محضر بالحالتين وحرمان الطالبين المتغيبين من أداء امتحانات المادة نتيجة ما بدر منهما. وأهاب المصدر المطلع بجميع الطلاب التقيد بالإجراءات المطبقة في الاختبارات، من حيث وجود البطاقات الجامعية، والالتزام بالأنظمة واللوائح المتبعة في هذا الصدد. من ناحية أخرى، يلجأ الكثير من الطلاب أيضاً إلى استخدام أساليب أخرى للغش، حيث يتجهون إلى قضاء الأسبوع الأخير قبل بداية الامتحان في الاستعداد لإعداد أدوات الغش الذي أصبح شبه روتين سنوي، ومنها كتابة المنهج في أوراق وتصغيرها بواسطة آلات التصوير لتأخذ مساحة أقل وإخفاءها في أكمام القمصان أو بين طيات أوراق الإجابة. وهناك أيضًا حالات أخرى للغش تنطوي على الكتابة على الأوراق الهندسية كالمساطر والمثلثات البلاستيكية الشفافة، التي لا تظهر الكتابة عليها إلا إذا وضعت على الورق الأبيض بطريقة تشبه الحبر السري، وإذا لم توضع على الورق تبدو شفافة، ولا يظهر عليها أي شيء غريب، وقد يستخدم الهاتف الجوال كذلك بأكثر من طريقة عن طريق إخفائه في الملابس وتوصيله بسماعة بلوتوث وتحويل رنينه إلى طريقة الاهتزاز حتى لا يسمع الرنين أحد. وفي هذا الإطار يوضح العديد من الخبراء أن حوالي 90% من التلاميذ والمعلمين أكدوا على انتشار ظاهرة الغش في مدارسهم، وأن الأسباب تعود لانخفاض مستوى التحصيل الدراسي للتلميذ، والرغبة في النجاح بأية وسيلة، وعدم التركيز أثناء الشرح والاتِّكاليَّة والتكاسل وتقليد الزملاء، وعدم الاستعداد الجيد للامتحان، والتهاون في تطبيق عقوبة الغش، وتقارب المقاعد في لجان الامتحان. علاوة على ما سبق، أشار الخبراء إلى أن الامتحانات أحياناً ما يكون لها انعكاسات سلبية على العملية التعليمية بأكملها؛ لأنها تُشَجِّع الطلاب على الغش بدلاً من غرس روح البحث العلمي وحب الابتكار نظرًا لاعتمادها على الكتاب المقرر فقط ومبدأ الحفظ والتلقين، كما تؤثر سلبًا على المعلم أيضًا؛ لأنه يهمل قياس المهارات الأخرى للطالب وتنميتها... مثل: الملاحظة وسرعة البديهة وغيرها.