إثراء جديد للساحة الثقافية حيث صدر الزميل الأديب والكاتب الصحافي المعروف الدكتور زهير محمد جميل كتبي مؤلفه الجديد (العريف) وفيه جمع معظم ما كتبه الزميل الكتبي عن الأستاذ الكبير والصحافي المعروف - عبدالله عريف، يضاف لذلك إعادة نشر كتاب العريف (رجل وعمل) الذي ألفه سالف الذكر عن معالي الشيخ محمد سرور الصبان. ويعد المؤلف الجديد أول كتاب يجمع معظم إنتاج كاتب صحافي شهير ممثل في عبدالله عريف والمعروفة (بهمسات العريف)، كما يمثل الكتاب أحد أهم المراجع المهمة عن الصحافة السعودية والمجتمع السعودي في الحقب الزمنية الماضية. الكتاب يأتي في 925 صفحة من القطع المتوسط وتحتوي صفحاته على ثلاثة كتب داخلية وهي العريف صحافياً ثم همسات العريف (الجزء الأول والثاني) والذي حوى كل ما كُتب عن الراحل عبدالله عريف ثم المقالات التي اختطها قلم العريف في الصحف المختلفة وخاصة الندوة والبلاد والتي بلغت في مجملها نحو أربعمائة همسة أو مقال والتي نشرت في صحيفة الندوة في حقب زمنية مختلفة. كتاب (العريف) للأستاذ والأديب زهير محمد جميل كتبي يمثل مرجعاً صحفياً هاماً ولفتة بارعة من الكتبي نحو توثيق أعمال القامات الإدارية والصحفية بالمملكة خاصة وأنه يتناول موضوع شخصية تركت بصماتها الصحفية والأسلوب الإداري المرموق في العاصمة المقدسة وأمانتها والذي يستحق أن تكون له صفحات تتناول هذه السيرة المرموقة. الوفاء لأهل الوفاء يقول المؤلف الأستاذ زهير محمد جميل كتبي في مستهل كتابه: فهذا كتاب جديد، هو عبارة عن دراسة علمية عن نهج الأستاذ عبدالله عريف، وضعته نفسي حباً للكبير الأستاذ العريف، وهو الذي لم يأخذ حقه من التعريف، فهو أديب يحمل بذور أعمال جديدة وإبداعية من أجل تقدير رجالات هذا الوطن، وارتفع هذا القلم الوطني المخلص بصوت يطلب فيه تخصيص مقاعد علمية بجامعاتنا لرجالات الأدب والثقافة والصحافة. ومن منا يستطيع إنكار جرأة عبدالله عريف وصراحته أمام الكبار، وارتفاع صوته عملاقاً بإنكار السلبيات، وبمناقشة آراء الكبار مع تقدير شخصياتهم ومكانتهم، ونقد الأوضاع الاجتماعية والإشكاليات بقدر ما كانت حاجة النقد لها. انطلق العريف بفكره الواقعي، ورفضه الميوعة الفكرية، فسما بالقيم الصحافية بهدف إيقاظ ونشر الوعي بين مختلف شرائح المجتمع، وقد أكبر الجميع في العريف هذا التحليق والتحليل الواقعي. لأنه رأى الأشياء كما يجب أن ترى، ثم ينطق بها. ولذلك استطاع تحريك جوامد الأفكار، ولم يجابه بالشدة أو العنف ولم يمل إلى التقريع أو التأنيب. هذا هو العريف الذي أدرك بوعي ناضج أن المجتمع لا يريد إلا (حلوى) ولكن ضميره أثر "الصراحة" في القول والفعل، لأنه رفض أن تكون مقالاته عجوز شمطاء في زي حسناء. ومشى العريف على بر الحقيقة.! وهذه الدراسة تجسد بوضوح كل هذه المعاني والأفكار، والتي أرجو أن يستفيد منها طلاب البحث العلمي في أقسام الإعلام والصحافة والأدب. فأرجو أن أكون قد وفقت في تقدير عبدالله عريف. بعض من (همسات) العريف الكتاب حوى المئات من همسات العريف أو بالمعنى الأصح (مقالاته) ا لتي تناولت كافة القضايا الساخنة التي كانت تدور خلال الحقب الزمنية 1370-1397ه حيث جسدت كافة مقالاته التجرد من الذات واهتمامه البالغ بكل ما يخدم وطنه وحبه الشديد لجانب النصح والبعد عن الضغينة وغيرها الكثير. حيث نفرد بعض من تلك (الهمسات) التي لامست الواقع الحالي حتى وإن كانت كتابتها قبل نحو ثلاثين عاماً مضت. همسة اليوم هذه الغيرة.. أو هذا التنافس غير الشريف أو نكاية الخصم أو الغريم، أو الكيد للناس.. حالات نصادفها في حياتنا الاجتماعية.. نشكو منها ومن آثارها وعواقبها.. إنها ظاهرة نفسية لمستها في بعض من جمعتني بهم ظروف الحياة والعمل.. والصداقة والزمالة.. فشغلت نفسي بتحليلها.. ذلك أن من يتعامل مع الناس تلزمه مفاهيم خاصة، وتصورات معينة في دراستهم وفهم ظواهر تصرفاتهم وتفسيرها.. وأراني إذا أردت أن التزم تعبير علم النفس لا بد أن أصف أمثال هؤلاء - الأشخاص - بأنهم يتميزون بالحساسية الزائدة في الذات.. وفي تقديرهم لأنفسهم.. ومعنى هذا أنهم قليلو الاطمئنان والثقة بأنفسهم.. وبمن حولهم.. فإذا ما أحس الواحد منهم أن شيئاً يعرض ذاته للهجوم.. أو الانكشاف أو النقد.. تأذى من ذلك غاية التأذي.. ولذلك فإنه يكون دائم السعي في ألا يبدو أدنى من غيره بأي حال من الأحوال.. وآيات ذلك كثيرة.. قد يبدو بعضها أدلة تافهة ولكنها معبرة عن مدى الرغبة في عدم الظهور بمظهر القصور أو النقص .. إنك ترى مثلاً موظفاً رغم خواء رأسه وسوء إدارته.. شديد العناية بمظهر حجرته، وبما تحوي من أثاث ورياش، وبما تضم إدارته من موظفين ومراسلين وفراشين.. وما تحمل منضدته من أجهزة للتفون وكتب ومجلات لا يقراها.. وهو في تعامله مع زملائه أو المراجعين له لا يخشى شيئاً أكثر من أن يردوا له كلمة وإن جاءت منه بغير حق.. وتلك دلالة جديدة على ضعف الذات التي تحاول أن تعوض عن هذا الضعف بالظهور على رأي المثل: (كبر الجرم ولا شماتة الأعداء). ولعل الشعور بعدم الطمأنينة في ظروف الحياة وفي العلاقة بالناس هما من بين العوامل التي تؤدي إلى نمو الحساسية وشدتها في الذات.. واتخاذها وسيلة من وسائل التكيف والدفاع عن الكيان وسط ظروف الحياة. وأكثر ما يظهر ذلك في العلاقة بين الإخوة أو الأنداد.. أو الزملاء.. والأقرب ثم الأقرب في المجتمعات - فهنا - يبدو دائماً مظهر الغيرة . والتنافس والرغبة في أن يظفر الواحد منهم على الآخر بصورة جلية.. بل يبدو أن المهم ليس الموضوع نفسه.. أو الحصول على أمر ما بقدر ما هو نكاية الخصم أو الغريم.. فالخصومة بينهم قد تبدأ موضوعية.. ولكنها تنقلب كيدية في معظم الأحيان.. ولعل الشاعر العربي كان يتمثل هذه الظاهرة النفسية حين قال: وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا وتبدو هذه الغيرة التي هي مظهر من مظاهر حساسية الذات والشعور بالنقص في تلك الحزازات والضغوط القائمة بين الناس.. كما ت بدو في مظاهر الاتفاق على الأفراح أو مناسبات الضيافة.. حتى لا يتعرض الإنسان للظهور بمظهر القاصر إزاء أقرانه.. ولذا لا بد أن يسرف حتى يبتزهم ويتفوق عليهم.. بيد أن موقف التنافس والغيرة والكيد بين الأنداد ينقلب إلى رغبة ملحة في الإرضاء وكسب العطف حين يجد مثل هذا الشخص نفسه في موقف يمثل المرؤوس برئيسه.. فإنه في مثل هذا الموقف ينحصر كل همه في أن يبدي من السلوك والاستجابات ما يهيئ له ضمان الرضاء والثناء من الجانب الآخر.. أردت بهذا الحديث أن أحلل ظاهرة نفسية خطيرة.. قد يقرأ تفسيرها من يقاسونها فتساعدهم على حل عقدتهم.. وتساعدهم على الشفاء. 24-5-1386ه. همسة اليوم عرفته . لا يعرف ما هو اليأس.. ولا ما هو المستحيل.. لم يكن له من سلاح في حياته سوى الإصرار. ع لى أن يعيش ويحيا.. والإصرار على أن يبدأ من جديد كلما صادفه الفشل.. ولا يكره شيئاً قدر ما يكره الاستسلام والإخلاد إلى الراحة.. كان يرى أن الفشل هو في الغالب أقوى بداية.. وأصدق انطلاقة في طرق النجاح. كان شخصاً عادياً في طريق حياتي.. ولكني أعترف أنني أتمثل بكثير من تصرفاته.. فقد تعلمت منه أن أسير دائماً في طريقي بثبات وعزم - بل ربما بعناد وإصرار - ولا أجشمم نفسي عناء خاصاً في سبيل تعجيل النجاح لأنه - أعني النجاح - يجئ دائماً مع العمل والإصرار ويذهب - لو جاء صدفة أو بسبب طارئ - مع الانحلال والارتجال وأمراض النفوس، والعقول من حسد.. أو كيد .. أو خبال.. وأثناء رحلتي في الحياة ألفت أن يربو عدد خصومي على عدد أصدقائي.. فقد اكتشفت - كما لا ينبغي أن أقول - أن الناس من حولي وفي طريقي.. خليط من الأمزجة والأهواء كما هو خليط من الألوان.. نفوس بشرية لا تطيق أن ترى غيرها ناجحاً أو موفقاً وتسعى جاهدة أن تعترض طريقه وتعوقه.. بل قد تقف منه موقف الخصم ولغير سبب موجب أو دافع - لهذا فقد عودت نفسي ألا يقلقها كثرة خصومي ذلك أنهم يشعرونني على الأقل.. بأنني أسير بخطى أوسع من خطاهم.. وبتوفيق أوفر مما أتاهم. وقادني هذا الأسلوب أن أكون واقعياً في ت صرفاتي وأفكاري.. لا أضيع وقتي في الشكوى من الناس أو النضال معه ولا أسمح لوقتي أن يضيع بدداً في وضع مخططات كيدية، أو لفكري أن أشغله بتدابير مضادة.. ولي من طبيعتي وسذاجتي - أحياناً كثيرة - ما يعينني على هذا الأسلوب .. وبذلك أريح أعصابي فلا أرهقها بالسخط عليهم.. مهما واجهني من سوء تصرفاتهم.. وأخطائهم معي.. وحسبي أن أشعر بالطمأنينة وأنا أعمل ما أراه حسناً وطيباً بإجماع أكثرهم.. وتبلور في مفهومي مبدأ هام أن غاية العقل أن نلتمس السعادة الخاصة في البناء والايجابية فيه.. والسعادة تفر من أيدينا إذا أمسكت بمعاول الهدم.. ومن نفوسنا إذا غشيها الإنكار والجحود والحسد.. (والله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون). 20- 5- 1386ه همسة اليوم الشباب السعودي وإدارة الأعمال لقد لفت نظري في كل من بغداد، وبيروت، ودمشق، أن جميع أعمالها من أصغر عمل فيها إلى أكبر عمل بها بيد أهلها: الفعلة، والعمال، والخدم، والموظفون، والبناؤون، والمهندسون، والحمالون وكل لون من ألوان النشاط يؤديه رجال من أهل البلد، وهو أمر نفتقده في بلادنا كل الافتقاد مع الأسف الشديد ولو اقتصر واقعنا هنا على أخواننا العرب والمسلمين لقلنا أن ذلك آتٍ من كسلنا وتواكلنا، وتطلعنا جميعاً لأن نكون رؤساء أو أثرياء يقوم على خدمتنا وتحقيق معايشنا غيرنا. لقد كنت في بغداد أبحث عن سائق أجنبي أو بائع أجنبي فلا تقع عيني إلا على العراقيين من مختلف الأجناس أكراد وعرب وتركمان وآشوريين.. ولكن الجميع ينطوي تحت الوطنية العراقية وهذا ملحوظ بشكل أقل في بيروت.. لأن فيها القليل جداً من غير اللبنانيين.. أما في دمشق فالأمر فيها كما هو في بغداد.. وبذلك ضمنوا لأنفسهم ولبلادهم اقتصار خيراتها عليهم وحدهم دون غيرهم من كل من هب أو دب من بلاد العالم ودون أن يقدم عليهم قادم من خارج بلادهم فيأكل خيراتهم بمعاونتهم ومساعدتهم ليصبح بعد قليل من السنين سيدهم، وصاحب الكلمة المسموعة فيهم وليته - بعد هذا - يعرف للبلد حقها، ويحفظ لأهلها جميل عونهم ومساعدتهم، أو أن يعطف على غفلتهم وبلادتهم.. ليته يفعل شيئاً للبلد المضياف، أو ليت بعضهم يكف عنها أذاه وشره، فلا يرمي البلد بشر يلتهم ويعمل جاهداً على محاربة أهل البلاد في أرزاقهم وسمعتهم.. ليت.. ولكن هل تنفع شيئاً ليت..!! إن الذي ينفعنا حقاً هو أن نعرف جميعاً قصورنا في هذا المجال.. قصورنا كمسؤولين عن ضرورة تشغيل المواطنين واحتمال كسلهم - على قدر المستطاع طبعاً - وإيكال أعمالنا إليهم فيما يجيدونه ويحسنونه فأنا لا أعرف سبباً لأن يكون سائق سيارة بعض الناس أجنبياً ! .. ولا أعرف سبباً لأن يكون "مراسل" أو "فراش" بعض الكاتب الأهلية والتجارية أجنبياً!. وهكذا نستطيع أن نتدرج في عدم معرفة الأسباب التي تجعل الموظفين الاجانب - فيما يقدر عليه السعودي محل رعاية وعناية وعناية ورعية .. انا لا اقول بصلاح السعودي لكل عمل حتى ولو كان عملاً يحتاج الى غيره وانتصاص لا ولكني اقول انه يجب ان يفضل السعودي على الاجنبي وبذلك وحده نساعد على تشغيل الايدي السعودية العاطلة والتي نتلقاها في مكاتبنا صباح مساء باحثة عن عنل من هذه الاعمال التي يؤديها الاجنبي ودون ميزة يمتاز بها عن السعودي لان هذا التعطيل للسعوديين من شأنه بلاشك التأثير على اقتصاديات البلاد وضعف القوى الشرائية وبذلك يتأثر الوضع التجاري وتختل الاعمال الاهلية بسبب اصحاب المكاتب التجارية والمؤسسات الاهلية وهم لا يعلمون أنهم يخرجون بيوتهم بأيديهم. بعض العطف على السعودي ان لم يكن بعض الواجب نحوه لنساعد انفسنا بمساعدتهم والا فسيأتي اليوم الذي يحل فيها الاجنبي محل المواطن السعودي في جميع اعماله وتجاراته ومؤسساته وقد بدا هذا فعلاً واحذروا من النتائج. عبدالله عريف كما عرفته في كلمات قليلة يجسد الأديب الاستاذ محمد جميل كتبي شخصية (العريف) في مقال اختطه يراعه حيث كتب: عبدالله عريف كما عرفته بقلم : محمد جميل ابراهيم كتبي بعد ان استقلت من ديوان المراقبة العامة وصفيت حقوقي وتمت احالتي الى التقاعد بناء على طلب من سمو الامير مساعد بن عبدالرحمن حيث كان رئيساً لديوان المراقبة العامة. التحقت بأمانة العاصمة على وظيفة ناسخ آلة واستمر عملي بالامانة وكان امينها - حينذاك - الاستاذ عبدالله عريف - رحمه الله ووكيله الاستاذ محمد اشقر - ووكيله الثاني عبدالله بن صديق - رحمه الله - وهم من خيرة الرجال الذين عرفتهم في حياتي خلقاً واخلاقاً. المهم تدرجت في عدة وظائف بأمانة العاصمة الى ان وصلت الى وظيفة مدير الادارة المالية ثم مدير عام الادارة العامة. وكنت بالاضافة الى هذا العمل عضواً بلجنة التقدير ومندوب الامانة بالمجلس البلدي لمناقشة الميزانية والمشاريع. وسافرت الى عدة دول لمناقشة ميزانية الامانة كمرافق لامين العاصمة حيث كنت ضابط اتصال بين الامانة ومنظمة الدول العربية والاسلامية وفي يوم من الايام اتصل بي هاتفياً سعادة الاستاذ عبدالله عريف - رحمه الله - وطلب ان احضر الى مكتبه وذهبت اليه وقال اريد اصدار قرار اًيتم فيه ترقيتكم الى وكيل امين للعاصمة للخدمات فقلت له شكراً على ثقتكم بي ولكن عمل هذه الوظيفة فيه مسؤولية كبيرة وان اكون المسؤول الاول عن البلد وعن نظافة البلد والاسواق لا تساعدني على ذلك الظروف ولكن ارشح الاخ عبداللطيف مراد لتولي هذه الوظيفة وحاول معي الاستاذ عبدالله عريف كثيراً ان اقبل الوظيفة فاعتذرت له واتصلت بالاستاذ عبداللطيف مراد واخبرته بذلك وشكرني على ذلك وكنت في تلك الفترة مدير مكتب الامين وسكرتيرا خاصا لاعماله بالاضافة في عملي مدير عام الادارة. وكان - رحمه الله - وكيلا لجلالة الملك فيصل - رحمه الله - هذا الملك الذي كان يحب مكةالمكرمة وكثيراً ما يأتي اليها دون علم احد وكان يقدم الى مكة من الرياض ليتجول بها لمعرفة امورها وكان يحب ان تكون مكة احسن واجمل مدن العالم. كانت الرواتب ضئيلة وحاجة الموظفين في بداية كل عام الى مبالغ لاستئجار سكن لهم النظام لا يجيز أعطاء سلف فكان رحمه الله يعمدني بإعطائي لهم السلفة التي يحتاجها الموظف على أساس ان يدفع المبلغ اقساطاً من رواتبه وكنت اصدر الشيكات لهم على ان تسدد السلفة اقساطاً على 12 شهر. وكنت اقوم بعمل الشيكات للموظفين واسلمها لهم وهذا العمل لم يعمل به اي مسؤول في اي ادارة من الادارات الاخرى او اي وزارة من الوزارات او اي امين عاصمة بعده وكان باب مكتبه مفتوحاً وكذلك داره كانت مفتوحة للجميع. كان يتجول كل صباح ومساء على بعض الحارات ومعه مسجل يسجل به كل ما يشاهده من مخالفات ويسلم الشريط للشؤون الادارية لتوجيه خطابات الى كل قسم يختص بهذه المشكلة، كان يتجول بعد المغرب ايضا واذا شاهد اضاءة في الشارع او احد المنازل معلق عليها مصابيح اضاءة والتي توضع هذه للانارة في الشارع او المنزل لتدل على وجود قراءة في عزاء احدهم فيطلب من السائق ايقاف السيارة لينزل ويحضر عزاء المتوفي رغبة منه في كسب الثواب والاجر وكان يطلب مني عدم قفل باب مكتبه وعدم منع دخول اي مواطن او موظف يرغب مقابلته وذات مرة واثناء جولاته شاهد في الحلقة التي بالغزة، وبجوار البريد الحالي ارض محاطة (ببتر) بيضاء فذهب الى مكتبه وطلب مراقب المنطقة وسأله عن (البتر) التي وضعت على أرض الحلقة فأخبره المراقب ان الذي وضع البتر (السنكي) وهذا تاجر سجاد ويقال انه وكيل الامير خالد بن عبدالعزيز - قبل ان يكون ملكاً - فطلب من المراقب ان يبلغه بالحضور الى مكتبه وعندما حضر اليه سأله لماذا وضع البتر على الأرض؟ المعروفة بحلقة الخضار وهي مساحة تطل عليها جميع البيوت في تلك المنطقة فأخبره (السنكي) ان هذه الارض ملك لسمو الامير خالد بن عبدالعزيز وانه كلفه بوضع (بتر) لتوضيح حدود الارض وعندما ذهب الاستاذ العريف - رحمه الله - الى جلالة الملك فيصل - رحمه الله - واخبره بذلك فقال له الملك فيصل قم بزيارة سمو الامير خالد بن عبدالعزيز واشرح له الوضع وبالفعل ذهب الى الامير خالد - رحمه الله - وروا له القصة وطلب من سمو الامير خالد الارض لتطبيقها فأخبره الامير خالد - رحمه الله - انه ليس لديه صك للارض وانه يملك الارض عندما دخل الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ربط الخيل في تلك الارض معنى هذا انه امتلك الارض بربط الخيل. وافهمه الاستاذ العريف ان هذا لا يجوز شرعا وان الارض ليست ملكاً بل هي ساحة لدكاكين وبيوت تلك النقطة التي تطل عليها فقال الامير خالد - رحمه الله - لا مانع من ازالة (البتر) وازيلت البتر وكان يراجعه بعض المواطنين لشكوى من مراقب البلدية حيث اوقفهم من استمرار العمل ويقول المواطن انا فقير لا استطيع دفع الرسوم فيطلب العريف المراقب المسؤول في المنطقة ويخبرة ان يقوم بإجراء معاملة تسديد الرسوم وهو بدفع المبلغ من حسابه الخاص اي من حساب عبدالله عريف ومثل هذه الحالات كثير حيث يقوم هو بمساعدتهم كان اذا دعاه أحد من الموظفين في الامانة لحضور زفاف ابنه او ابنته يطلب مني ان ابعث له رفداً لمساعدته في اقامة الحفل كان يتقدم اليه بعض الموظفين بطلب اعطائه منحة ارض لاقامة سكن عليها له ولأهله فيطلب مني اعداد خطاب للمقام السامي بمساعدته - كان - رحمه الله - ذا دار مفتوحة للكبير والصغير حتى عندما يسافر الى القاهرة تجد عنده بعضاً من الاخوة السعوديين والمقيمين. ان عبدالله عريف شخصية مميزة ونادرة الوجود في مجالات كثيرة فقد عاش ومات رمزاً كبيراً لذلك اعتقد انه علم لن ينساه التاريخ المكي. رحمه الله واسكنه فسيح جناته.