تعمل المملكة العربية السعودية على بناء مستقبل واعد من خلال تنويع مصادر الطاقة، واستخدام تقنيات متطورة للطاقة البديلة يمكنها في نهاية المطاف أن تحقق الاستدامة المطلوبة. وقد توجت مجهودات العام الماضي بحصول المملكة على المرتبة السابعة عالمياً في عام 2012 ضمن قائمة أفضل 10 أماكن للطاقة النظيفة حول العالم وفقاً للقائمة التي نشرتها صحيفة الجارديان البريطانية، بعد عزمها التزود بالطاقة المتجددة بشكل كامل خلال الأعوام المقبلة؛ حيث كشفت الجهات الحكومية عن خطط ومشروعات للتحول من استخدام الوقود العضوي إلى الطاقة المتجددة، مع اتجاه المملكة للاستفادة من الطاقة الموجودة لديها في الصناعات البتروكيماوية وصناعة البلاستيك. واستمراراً لتلك الجهود البناءة، بدأت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة بتنفيذ مشروعها الوطني لقياس مصادر الطاقة المتجددة على مستوى المملكة لتقييمها، وتشمل هذه المصادر الطاقة الشمسية، والرياح، وتدوير المخلفات وطاقة باطن الأرض، وجمع القراءات الأرضية على نحوٍ شمولي من مواقع مختلفة بالمملكة، لبناء قاعدة بيانات يستفاد منها في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه. ومن ثم تتمكن المملكة من الاستفادة من النتائج المستخلصة في مجالات بحثية لتطوير التقنيات والحلول المناسبة لأجوائها ومناخها المتنوع في مناطقها المختلفة، ومن المتوقع أن يتم إعداد أطلس وطني لمصادر الطاقة المتجددة في المملكة ليتم استخدامه من قبل المهتمين والمتخصصين في هذا الشأن مثل الجامعات ومراكز الأبحاث بالإضافة إلى مطوري المشاريع. ومن خلال هذا البرنامج الوطني، سيتم إنشاء عدد من محطات الرصد بما لا يقل عن 100 محطة موزعة بشكل دقيق ومدروس في كافة أنحاء المملكة خلال الفترة المقبلة، لرصد جميع المعلومات المناخية والجوية اللازمة لمسح وتحديد موارد الطاقة المتجددة في المملكة، وتوفير المعلومات المطلوب جمعها للباحثين والخبراء عبر موقع إلكتروني يتيح لهم الإطلاع على ما يحتاجون إليه من المعلومات الأساسية، ومن بينها الإشعاع والطيف الشمسي وسرعة الرياح على مستوى المملكة بطريقة سلسة وميسرة. ويعد قياس مصادر الطاقة المتجددة من الموضوعات الحيوية خاصةً عندما تستهدف المملكة العربية السعودية برنامجاً طويل المدى يترتب عليه بالضرورة تحديد الاحتياجات الأولية، ومن أهمها استيعاب وفهم طبيعة الموارد المتجددة التي تملكها، مثل معرفة مستوى جودة الإشعاع الشمسي في المملكة وتطويعها كمشاريع محطات شمسية كبيرة لإنتاج الكهرباء، ويحتاج الباحثون في مجال الطاقة الشمسية جميع المعلومات الممكنة لعمل الدراسات اللازمة حول طبيعة المواد التي من شأنها، رفع كفاءة الألواح الشمسية وتحديد المواد المناسبة لعزل الألواح وغيرها من الدراسات العلمية والهندسية. وتسعى المملكة من خلال مدينة الملك عبد الله العلمية إلى المساهمة في أعمال التنمية المستدامة التي تشهدها البلاد، وتعتزم مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في هذا الصدد، تلبية الطلب السعودي المتزايد على الطاقة الكهربائية والمائية من خلال مضاعفة هذه الطاقة ثلاث مرات تقريباً خلال عشرين سنة من الآن، وبالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة تستفيد المدينة في أعمالها من موارد المملكة الهائلة، مثل الطاقة الشمسية الكثيفة، والحد الأدنى من الغطاء الغيمي، بالإضافة إلى طاقة الرياح والطاقة الجوف أرضية، وبضم كل ذلك إلى الطاقة الذرية، ستتمكن المملكة من التحول والاعتماد على مزيج متوازن ومستدام من مصادر الطاقة. وكما أن سعي المملكة لتطوير مصادر بديلة للطاقة، يعزز قدراتها على تلبية الطلب العالمي المستقبلي على النفط، سيساعدها في الوقت ذاته، على بناء قطاع اقتصادي متنوع، يوفر المزيد من فرص الأعمال والوظائف، الأمر الذي سيرفع من مستوى حياة المواطنين وينقل المملكة لتصبح إحدى الدول الرائدة في هذا المجال على مستوى العالم.