أشارت دراسة أمريكية إلى ارتفاع حرارة الغطاء الثلجي في منطقة القطب الجنوبي (أنتاركتيكا) الذي يتسبب ذوبانه في ارتفاع منسوب المحيطات بنسبة 10% بوتيرة أسرع بمرتين من المتوقع، ويشار إلى أن الغطاء الجليدي الذي تبلغ كثافته أربعة كيلومترات في بعض المناطق والذي يغطي الجزء القاري من أنتاركتيكا ويمتد إلى البحر، يتراجع في هذه المنطقة بشكل أسرع بكثير من المناطق الأخرى، حيث تعتبر هذه المنطقة من المناطق التي تسجل أسرع احترار على الأرض. وقد ارتفعت الحرارة فيها بما يعادل 2.4 درجة، منذ العام 1958، وفق حسابات العلماء الذين أعادوا النظر في درجات الحرارة المسجلة في هذه المنطقة خلال الفترة الممتدة بين العامين 1957 و2011، وهذا الارتفاع هو أشد بمرتين من التقديرات، وهو أكبر بثلاث مرات من معدل الارتفاع الذي سجل على سطح الأرض خلال الفترة عينها. وقد لاحظ القائمون على الدراسة أول علامة على تزايد ارتفاع حرارة تلك الرقعة خلال أشهر الصيف في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، وهو الأمر الذي يزيد قلقهم من تزايد معدلات ذوبان الجليد نتيجة للارتفاع في درجات الحرارة، الذي يمكن أن يساهم في ارتفاع منسوب مياه البحر. وقد عمل العلماء على جمع البيانات من محطة "بيرد" للأبحاث التي أنشأتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقرب من مركز الرقعة الجليدية بالقطب الجنوبي في منتصف خمسينيات القرن الماضي، ولكنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى أي نتائج من البيانات التي تجمعها المحطة، حيث كانت تلك السجلات غير مكتملة، وهو ما اضطرهم إلى اعتماد طريقة عمل جديدة تقوم على نموذج حاسوبي مناخي، وأسلوب جديد للتحليل الرقمي كانت مهمته استكمال ما ينقص من ملحوظات يجري التوصل إليها. وأظهرت النتائج التي تم التوصل إليها أنه بين عامي 1958 و2010، جرى رصد ارتفاع في درجات الحرارة يبلغ معدله السنوي 2.4 درجة مئوية، حيث أكد أحد العلماء المشاركين في هذه الدراسة أن ما يحدث الآن يعتبر أحد أقوى العلامات على الاحتباس الحراري للأرض، وأن هذه المرة هي المرة الأولى التي يتمكن فيها العلماء من الجزم بأن هناك ارتفاعًا يحدث في درجات الحرارة خلال فصل الصيف. وقد يكون من الطبيعي توقع أن تكون فصول الصيف القادمة أكثر دفئًا في القطب الجنوبي من بقية العام، إلا أن تلك المنطقة تتميز بالبرودة القارسة، ومن النادر جدًا أن ترتفع درجات الحرارة هناك لتبلغ معدلات أعلى عن درجة التجمد، بالإضافة إلى أن حقيقة ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، تعني أن ثمة احتمالاً لذوبان هذه الرقعة الجليدية، ليس فقط من الجزء السفلي منها كما هو معلوم الآن، بل قد يشمل ذلك المناطق العليا منها أيضا في المستقبل. وتشير دراسة نشرت في مجلة "نيتشر" إلى أن المحيط هو السبب وراء ارتفاع درجات حرارة الرقعة الجليدية من القطب الجنوبي، إلا أن هذه الدراسة الآن تظهر أن المناخ الجوي يلعب دورًا إضافيًّا في ذلك أيضًا، وأن هذا الارتفاع في درجات الحرارة حدث من جراء التغيرات التي تطرأ على الرياح والأنماط الجوية من قبل المحيط الهادئ. وقد لاحظ العلماء وجود تأثير ديناميكي متزايد ينتج عن التغير المناخي الذي يحدث في مكان ما من الكرة الأرضية، مما يزيد من سرعة انتقال الحرارة إلى الرقعة الجليدية من القطب الجنوبي، حيث تكمن مهمة الباحثين في دراسة إسهام التغيرات الطبيعية في حدوث هذا التغير، حيث يتميز هذا المكان بمناخ كثير التغيرات، يحدث بعضها بسبب الممارسات الإنسانية. وأيًا ما كان مصدر تلك التغيرات المناخية، فإن الباحثين يساورهم القلق من أن يؤدي ذلك الارتفاع في درجات الحرارة إلى حدوث مزيدٍ من الذوبان الجليدي الذي قد يحدِث تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على منسوب مياه البحار على مستوى الكرة الأرضية.