أيا رجلاً.. لا يشبه في ملامحه رجال القبيلة.. ويرفض بكل إباء أحكام شيوخها.. ولا يعترف بسلطانها.. ولا يعتنق أفكارها.. ولا يحني هامته أمام أبي جهل كغيره من ذكورها.. أيا رجلاً.. نفض عن رئتيه غبار القبيلة.. وخلع عنه بداوتها.. وأعلن براءته من كل جاهليتها.. واقتلع من أعماقه جذور التصحر الضاربة في ضميرها.. أيا رجلاً.. أشهر حرفه سيفاً في وجه طواغيتها.. وزلزل بكلماته عروش أصنامها.. وأسس حضارة الضمير والإنسان خارج حدودها.. أيا رجلاً.. خرج بكل شموخٍ على قوانين القمع والقهر التي تعج بها دساتير القبيلة ولم يخش السجن أو السجان.. أيا رجلاً.. أطلق سراح الخوف من قلب الحرف رغماً عن كل حراسها ولم يعبأ بأشباحهم التي تصادر الأوراق وتعتقل الكلمة التي تعلن عليهم العصيان.. أيا رجلاً.. مزق هوية مدن القصدير التي يعتقلون فيها صوت العصافير.. ويغتالون فيها عطر الوردة.. ويزعمون ببلاهة أنهم يملكون مفاتيح السماء.. أيا رجلاً.. مستقيلاً من مدينة الحجر التي يعطلون فيها عقولهم عن التفكير ويخشون فيها أن يخوضوا تجربة تعاطي الضمير.. أيا رجلاً.. خرج كالمارد من قمقم مدينة النفاق التي أقزامها يتنصلون فيها من (تاء التأنيث) على الملأ ليشتهوا عطرها المحرم في الخفاء.. ثم يدّعون كذباً أنهم أتقياء.. أنقياء.. أيا رجلاً.. لا زال يؤمن بأن الحلم في زمن القهر غير محال.. ما كان شيئاً في هذي المدينة يستدعي اهتمامي وما كان شيئاً يسترعي انتباهي حتى التقيتك على غير توقع كدفء الشمس.. كلون الورد.. كابتسامة القمر.. حين تطل علينا بلا استئذان.. أيا رجلاً.. يزرعني ياسمينة في قلب الحلم رغم أنف جميع أفراد القبيلة.. يرسمني عصفوراً صغيراً فوق شروخ جدرانها.. يغنيني لحناً كلاسيكياً فيحيلني إلى نجمة ساطعة في السماء.. أيا رجلاً.. يدرك حقيقة أني أمرأة لا تنتمي إلى نساء هذي القبيلة.. وترفض نرجسية ذكور القبيلة .. وتبحث مثله بين الحروف عن تاريخ مدون بعطر الورد منذ فجر الزمان كي تستعيد الشمس ألوان عافيتها وكي تسترد العصافير قدرتها على الغناء.. [email protected]