في مجتمعنا الشرقي دائماً ما تتجه الأنظار للمرأة في حالة تأخر حدوث حمل بعد الزواج ولو لفترة بسيطة، وتكون غالباً هي المتهمة الأولى مع العلم بأن تأخر الحمل عامل مشترك بين الزوجين بنسبة 50% لكل منهما، ويسارع الزوجان بالذهاب للطبيب للكشف عن سبب تأخر حدوث الحمل. وقد أكدت دراسة طبية برازيلية على أن الرجال هم وراء 40 % من حالات العقم فليست المرأة وحدها هي السبب في العقم وعدم الإنجاب، كما أشارت الدراسة إلى أنه يمكن أن يصاب الرجال بالعقم لأسباب تتعلق بأسلوب الحياة ونمط المعيشة والعادات والأمراض الجنسية والوراثة وغيرها. وجاءت نتائج الدراسة لتؤكد على أن الزوجين يحاولان إخفاء حقائق العقم عن الآخرين إذا كان الرجل هو الطرف العقيم وذلك لا يحل المشكلة حيث إن أمر العقم يجب أن يعامل بصورة طبيعية إن كانت المرأة أو الرجل سبباً في ذلك، فإذا كان العقم مرتبطاً بالمرأة منذ القدم فإن النظرة قد تغيرت الآن، والرجل أصبح يقع عليه اللوم أيضاً وليس من المفيد إنكار هذه الحقيقة، لأنه ليس من العدل أن تتهم المرأة دائما بأنها هي السبب في عدم الحمل والإنجاب. كما أكدت دراسات أخرى عديدة على أن عدم اعتراف الرجل بعقمه يؤدي إلى نسبة طلاق تصل إلى 15% بين الأزواج حيث إنه بعد مرور عدد من السنوات على الزواج وعدم حمل المرأة يبدأ الرجل بممارسة ضغوط عليها متهماً إياها بأنها عقيمة دون أدنى إشارة إلى ذاته، فتبدأ الزوجة بالتردد على العيادات الطبية المختصة ويتبين بأنها سليمة ثم يأتي دور الرجل الذي من شدة غروره قد لا يعترف حتى بنتائج الفحوص الطبية التي أجرتها زوجته، ويصر على أنه لا يعاني من العقم، وفي أحيان أخرى تمتنع المرأة عن إبلاغ زوجها بأنها سليمة، وبأن العقم يكمن فيه لعدم جرح مشاعره الذكورية، ويؤدى ذلك إلى كبت اكتئاب بداخلها يمكن أن يؤدي بها إلى حالات نفسية متأخرة. وتفيد معظم الدراسات الطبية بأن عقم الرجل يكون لأسباب معروفة وشائعة ووقتها يكون من السهل العلاج والإنجاب فيما بعد، ولكن هناك الكثير من الجوانب أيضاً التي مازالت مجهولة على الطب، وتؤكد الدراسات على أن القلق ينتاب الزوجين بعد مرور عامين أو ثلاثة على الزواج، وتظهر التصرفات العصبية واليأس والشعور بالإخفاق. ولكن يؤكد العديد من الأخصائيين النفسيين على أن الرغبة في الحصول على الأطفال هي دافع قوي، ومحصن بالنسيج الاجتماعي والمعتقدات، فالرجل محصن اجتماعياً كونه يحق له أن يتزوج مرة أخرى، أما المرأة فتنظر إليها نظرة مختلفة، حيث تكال لها اتهامات كثيرة في حال طلبت الطلاق، غير أنه لابد من احترام رغبتها، كونها قد تتأثر نفسياً، وهذا يعتمد على مقدار رغبتها بالحصول على الأبناء. وينصح الطب النفسي الرجل العقيم بأنه إذا تبين له بأنه سبب عدم حمل وإنجاب زوجته للأولاد، فيعترف ويواجه نفسه بالحقيقة حتى لا يؤثر ذلك على حالته النفسية حيث إنه يجب عليه الإيمان بأنه طرف في المعادلة الزوجية، ويتوجب عليه تقبل حقيقة عقمه واللجوء للمعالجة. كما يجب أن يعترف الرجل ويكون على يقين بأننا أصبحنا في تقدم طبي هائل والعقم أصبح ليس من المحظورات في القرن الحادي والعشرين، وهو مرض ككل الأمراض يمكن علاجه، والأهم من كل ذلك أنه يجب أن يشعر الرجل بأنه ليس هناك ما ينتقص من قيمته كرجل عندما يعترف بأنه مصاب بالعقم، بل في هذا الاعتراف شجاعة كبيرة تقدرها النساء.