رغم أن العالم لم يشهد إلى الآن كوارث كبيرة لناقلات نفط إلا أن بحر البلطيق شهد أكبر مناورة من نوعها شارك فيها أكثر من خمسين سفينة وخمسمائة خبير تحت شعار "التأهب للكوارث أفضل من انتظارها"، حيث تمت محاكاة كارثة تسرب بقعة نفطية في المياه. وربما يتغير احتمال حدوث كوارث نفطية في تلك المنطقة خاصة مع الزيادة الملحوظة في حركة مرور ناقلات النفط فيه، حيث زادت حركة ناقلات النفط في بحر البلطيق بشكل كبير، إذ يقوم خفر السواحل السويدي برصد حركة حوالي عشرين ألف ناقلة نفط سنويا. ونظرا لأن حركة السفن في بحر البلطيق كانت تقتصر غالبا على السفن الصغيرة، علاوة على وجود بعض الممرات الضيقة فيه، فإن كل هذا يزيد من مخاطر إمكانية حدوث كارثة تلوث نفطي في البلطيق إذا تعرضت إحدى ناقلات النفط التي تمر فيه لحادث. وكانت هذه الكارثة المحتملة هي موضوع المناورة الكبيرة التي تمت في بحر البلطيق بمشاركة العديد من الخبراء، وتركزت المناورة على محاكاة كارثة نفطية كبيرة، واستعاض الخبراء عن النفط الحقيقي بمادة الخُث، وهي مادة عضوية إسفنجية لونها بني متفحم ويدخل الكربون في تركيبها. ويتلقى فريق الإنقاذ دعما في تطوير برنامج يمكنه توقّع حركة البقعة النفطية وطريقة توزيعها في المياه خلال الساعات والأيام المقبلة، حيث تساعد تنبؤات الأرصاد الجوية في توقع اتجاه حركة بقعة النفط، ويضع البرنامج في الاعتبار المناطق الساحلية التي تعيش فيها حيوانات مهددة بالانقراض، وعند رصد وجود بعض هذه الحيوانات في أحد الأماكن، يتم إبلاغ فرق الإنقاذ لمحاصرة هذه المنطقة. وجاءت المناورة في شكل حاملة نفط تصطدم بسفينة أخرى في مكان ما بين هلسنكي وتالين، مما أدى إلى تسرب 15 ألف طن من النفط ووصولها إلى السواحل الفنلندية، وكانت المهمة هي سيطرة خمسين سفينة على هذه البقعة النفطية بعرض كيلو متر واحد وبطول سبعة كيلو مترات. وكانت من بين السفن المشاركة في المناورة سفينة ألمانية مصنعة بشكل يمكن معه تركيب ذراعين معدنيين عند أطرافها. يحتوي هذان الذراعان المعدنيان على فرشات قادرة على امتصاص النفط من سطح الماء ومن ثم ضخه في خزان ضخم على متن السفينة، ليتم بعد ذلك التخلص منه بعد وصول السفينة إلى البر. وتولت بعض السفن الأخرى مهمة محاصرة بقعة النفط الافتراضية ومنع وصولها إلى السواحل الفنلندية. وفي مثل تلك المهمة تكون الحاجة أكبر إلى سفن كبيرة من أجل محاصرة بقعة النفط والتحرك في المواقع السليمة مع ضرورة تحريك هذه الحواجز باستمرار عندما تتغير حركة الرياح وتأخذ البقعة النفطية اتجاها جديدا. وقد تم تشكيل مركز عمليات على متن إحدى السفن بهدف تسهيل عملية التنسيق. وبشكل عام، تمت العملية كما كان مخططا لها، خاصة وأن البحر كان هادئا والرؤية واضحة خلال المناورة وهي ظروف مثالية لا يمكن ضمانها دائما. إلا أن التحدي الأكبر في هذه المناورة كان عملية التنسيق بين عدد كبير من السفن المتخصصة المشاركة في العملية؛ فقد مرت التجربة بكافة المراحل بداية من الإنذار بوجود كارثة وحتى التخلص من النفط.