المدينة المنورة - البلاد ألقى الدكتور خالد حافظ كلمة عن الشاعر والمفكر المعروف محمد كامل الخجا في الحفل التكريمي الذي أقامه نادي المدينةالمنورة له والذي تضمن أمسية شعرية أحياها الخجا: و"البلاد" الثقافية تنشر نص الكلمة: الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: الشاعر محد كامل خجا، شاعر موهوب، ناضج الفكر، يقظ القلب، حي الضمير، متدفق الشاعرية، رومانسي النزعة والأسلوب، ألفاظه مأنوسة، وتراكيبها بسيطة يكسوها النغم هالة من الجمال وارقة، من نظر إليه لأول وهلة، أدرك ما تخبئه هذه الطلعة البهية من روح شاعرية مبدعة رومانسية، ولا أخفي الحاضرين سراً فمنذ أن رأيت فارس حلبتنا من نحو ما يزيد عن ربع قرن من الزمان ولم أكن اعرف وقتها من الذي وقعت عليه ناظراي، صدقوني جال في خاطري ولأول وهلة أن لهذا الرجل شأن، ولحسن عنايته بهندامه ومهابته شؤون، وفعلاً تحقق ما قد خمنت وتخرصت، ومما زادني بمعرفته أن شاءت ارادة المولى سبحانه أن درسَّت أحد أبنائه والمسمى جهاد في العقد الأول من هذا القرن في ثانوية الملك فهد رحمه الله ، فأفادني الإبن بشيء من حياة والده وإسهاماته، ولا غرو، فقد تضافرت عوامل شتى في إذكاء ملكة الشعر لدى شاعرنا، فمع ما يتمتع به من نضج فكري، وحضور بديهية وحكمة ثاقبة أذكت عوامل وراثية فيه هذه الملكة فجد والده شاعر مشهور توفي عام 1845م ، ومن أسرته لأم ابيه الشاعر السوري أنور العطار رحمه الله ومن أسرة أمه أخواله الأجلاء من آل إلياس خطباء وأئمة الحرم النبوي الشريف ومنهم الإمام العلامة السيد جلال الدين إلياس رحمهم الله جميعاً، هذه الدماء العريقة التي تجري في عروقه أنطقته بالشعر وهو لا يزال في التاسعة من عمره، إضافة إلى جرأته في الحق وقوة حجة مقنعة وتعبيراته المفوهة رافق ذلك نشأته في البيئة الحجازية وما تمور فيه من علم وثقافة ساعدت على تنمية مواهبه ( شعراء من المملكة العربية السعودية لمحمد محمد حسن شراب "بتصرف")، ومعينه الدفاق .. مع رجوع نسبة كما تأكد لي مؤخراً إلى الأشراف الشويكيين من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومما يُسطر لشاعرنا في ميدان الحث على الفضيلة ونبذ الرذيلة حملته الشعواء على حب الخطيئة الذي يرفضه أصلاً ونوعاً، وقلباً وقالباً، تمثل ذلك في قصيدته المسماه (بالحب المثالي) إذ يقول: كان جهلاً طلبي الماء من النار والطهر من المتبذله إنما أعداؤنا أنفسنا ولآتينا بماضينا صله وفي رثاء الملك فيصل رحمه الله وقد رثاه في أكثر من قصيدة يقول في إحداها بعنوان (فيصل العبور) ويقصد عبور قناة السويس حيث يقول: إيه يا فيصل العبور ويا من صغت للنصر أروع الملحمات إنه القدس كما بكاك بدمع كغزير السحائب الممطرات كان يرنو إلى صلاتك فيه ضارعاً للإله بالدعوات وهدير الأذان بالنصر يسري وعلى الكون ناضر البسمات إيه يا فيصل التضامن يا من قد جمعت الإسلام بعد شتات جُزت كل البلاد تدعو إلى الله وتعلي الإسلام في الكائنات أنت حي في كل قلب ونفس طبت حياً وطبت بعد الممات يا شهيد التحرير رمز انتصار إهنا اليوم في ذرى الجنات وعوداً على بدء، فإن الصفاء والوصال شيء صعب المنال في الحب، ولنستمع إلى شاعرنا يحدثنا عن الإعراض والصدود والألم الذي ينتاب العاشقين حينما يداهمهم إعراض الحبيب وهجره، وذلك في قصيدته "الأمل الغارب"، فماذا قال شاعرنا؟ أعرضت عنه التي جارت ولم ترث للصبّ ولم تعطف عليه فكأن الحُسن لا يرعى الذمم وضحاياه مسرات لديه ويقول في وصف محبوبته: خطرت ورود الروض بين يديها فكأنها خطفته من خديها وتحدثت فإذا القلوب خوافق من منطق يحلو على شفتيها فسألت من تلك المليحة يا تُرى أمن الملائك أم نسبن إليها؟ قالوا رعاك الله فاتنة الورى فارحم فؤادك من هوى عينيها واحفظ هُداك فكم حديد بارد يُورى اللظى إن يتصل بيديها ويقول: غابت وذكراها تجول بخاطري أترى هواي يرن في أذنيها؟ أم أنها من كثرة العشاق ما عُزَّت كرامات الرجال لديها؟ هذا بعض مما قاله في ماضيه أما اليوم فقد سمعنا منه ما هو أبدع وأروع أيها السادة الحضور.. وأخيراً أسأل الله ألا أكون قد تجاوزت حدّ الإحقاف إلى زلة الاحقاف أو ضدها من التملاق، لأنه والله يعلم بأنه ليس لي في هذا مأرب عند أحد سوى ما أردته من إثراء هذه الليلة والشد على يد فارسها الملهم محيياً مكبراً ومقدراً والشد على يد مقدمها الأستاذ/ ناجي الأنصاري وهذا النادي المبارك، الفائض بعطاءاته الفكرية الثقافية المتجددة وفقه الله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والحمدلله رب العالمين.