رحل الرجل الاستثنائيّ في الزمن الحرج. هذا الانسان الذي أفنى عمره لخدمة هذا الوطن الكبير في أهم مجال وهو القطاع الأمني. رحل أمير الأمن والأمان، رحل الرجل الذي لم تهدأ له سريرة حتى أتى على الارهاب بكافة أشكاله، مضحياً بوقته حتى ينام مواطنيه وقاصدي هذا البلد بالأمن والأمان. قضى عمره يعطي وينجز لخدمة شعب المملكة العربية السعودية والأمة العربية والإسلامية ونصرة قضاياها، مسهماً في تطوير علاقات المملكة مع مختلف الدول العربية والإسلامية، ومكرساً حياته في خدمة شعبه وأمته ودينه وخدمة الإنسانية. لقد أسس سمو الأمير نايف (رحمه الله) منظومة أمنية بأسس مستنبطة من الشريعة الإسلامية السمحة ومن أهم ركائزها الأساسية بالطبع العمل بحكمة الواثق المقتدر، والمخطط النابه والحريص على مصالح الآخرين، الساعي لإشراكهم حقًّا في برامج الحماية، ولهذا تحديدًا انطلقت برامج المناصحة متزامنة مع الخطة الميدانية الصارمة، فأثمرت تلك السياسة الناجحة عن نتائج أدارت إليها الأعناق، وأضحت محط إعجاب القاصي والداني، بل أصبحت أسلوبًا فريدًا للمنهج السعودي في التعامل مع الإرهاب بعد أن تعالت الأصوات في دول سبقت المملكة من حيث النشأة والخبرة، منادية باتّخاذ نفس النهج، والاستفادة الفعلية من آلية العمل السعودي في مجال مكافحة الإرهاب، وهو واحد من عشرات المجالات التي برع في إدارتها جاعلاً من المواطن السعودي في طليعة اهتماماته، وإن دلّ هذا إنما يدل على براعة واقتدار مَن كان يقف على رأس هرم المؤسسة الأمنية السعودية، ألا وهو نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله ، مهندس الأمن العربي الأول، انطلاقًا من قدرة كانت واضحة المعالم في سياسة المملكة الأمنية حتّى أضحت معظم الخطط الإستراتيجية السعودية منهاجاً لمدرسة متميّزة، وازنت وتوازن ببراعة بين الحزم واللين، بين المواجهة والمناصحة، بين المباغتة والتأنّي، بين الاحتواء والمعالجة، مرتكزة في برامجها على مصلحة الوطن والمواطن. ومهما يكن من أمر، فإن الوقائع على ضخامتها، والمنجزات التي تجلت على أرض الواقع أثبتت بشكل قاطع أن نايف مدرسة حقيقية بما يمتلك من قدرة هادئة ، وحكمة قيادية واعية، وبُعد نظر مختلف، أدّى إلى تمتع سكان وطن عريض بهذا المستوى الأمني الفريد، إذ ظل المواطن والمقيم والزائر والحاج والمعتمر محط اهتمام ورعاية جهاز أبدع في خلق أجواء من الأمن، مكّنت الجميع من التفرّغ التام للإنتاج في مختلف مناحي الحياة، ذلك أن الطمأنينة أساس الاستقرار النفسي والذهني والحركي، وهي تنعكس إيجابًا على المستوى الشخصي والاقتصادي والسياسي والعام. ولم تكن المؤسسة الأمنية السعودية التي أدارها بحكمة واقتدار (رحمه الله) جهازًا لوأد الحريات، كما أنها لم تركن قط الى التعامل بالرصاص، بل دائمًا ما تنظر إلى الحوار وإلى الفكر بوصفه قاربَ نجاة حقيقيًّا لأي مجتمع، ومن هنا جاء مشروع الحوارات مع عدد من الشباب المتشددين ممّن لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء للخروج بقناعة مشتركة مفادها أن العمل المسلّح الذي تبنته الفئة الضالة لم يكن سوى هباءً وعبثاً؛ لأنه لن يُجدي نفعًا، ولن يحقق أية نتيجة من تلك النتائج التي توهمها أصحاب الخيال المحدود، وضيقو الأفق من أهل التكفير والتفجير. رحمك الله يانايف الأمن والأمان والى جنة الخلد بإذن الله فقد أبكى رحيلك شعباً وأمة تظل تلهج ألسنتها بأن تنعم في جنانه إنه سميع مجيب.