يتعرض الأطفال في مراحل نموهم المختلفة لبعض الاضطرابات النفسية التي تؤثر على حياتهم وعلى حياة الأسرة بأكملها؛ فعدم الاهتمام أو العنف من الوالدين يؤدي إلى الشعور بالعديد من الاضطرابات ومن ثم عدم المبالاة بمشاعر الآخرين. كما أن الجفاء والغلظة والعقاب الغير مبرر يؤثر على الصغار تأثيرا بالغا؛ فيعرض الطفل لأحد الأمراض النفسية أولها اضطراب السلوك كعمل تصرفات غير لائقة، مثل انتهاك حقوق الآخرين والتخريب وإشعال الحرائق والسرقة والهروب من المدرسة أو الإصابة بالهيستريا والشعور بالقلق، والخجل، والميل إلى البكاء والحزن، كذلك مرض الاكتئاب النفسي، وقد يظهر باضطراب في السلوك، بالإضافة إلى الخوف المرضى والوسواس القهري والأمراض الشخصية، كالشخصية التجنبية والشخصية المعارضة، التي تتسم بالعصيان والتمرد والعناد وإثارة الآخرين، وقد ينتج عن هذه الاضطرابات مشاكل النوم بأنواعها والتبول الليلي وفرط الحركة وتشتت الانتباه. وكشفت دراسة قام بها باحثون من جامعة ويسكنسن ماديسون أن التوتر يؤثر على نمو أدمغة الأطفال، الأمر الذي قد يؤثر على أدائهم لبعض نشاطاتهم، وخلصت الدراسة إلى أنّ الأطفال الذين عانوا لفترة طويلة خلال طفولتهم من ضغوطات مجهدة حصلوا على درجات أقل في اختبارات الذاكرة الفراغية، التي أجريت لهم، حيث واجهوا صعوبةً بالغة في اجتيازها. وأجريت العديد من الأبحاث على الحيوانات لربط الإجهاد الحاد والمزمن على حد سواء بالتغيرات الحاصلة في الفص ما قبل الجبهي في قشرة الدماغ، حيث يعدّ هذا الفصّ مسئولاً عن التحكم بالقدرات الإدراكية المعقدة، كالاحتفاظ بمعلومات هامة والقدرة على سرعة تذكرها والاستفادة منها، فكانت النتائج مشابهة لما حدث في التجارب على البشر، حيث إنّ كثرة الضغط والتوتر يتسببان بالكثير من المشاكل التي تؤثر على أنواع معينة من العمليات المعرفية. ويأتي العنف تجاه الأطفال من أحد الوالدين كواحدٍ من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى إصابات الرأس والمخ والتخلف العقلي واضطرابات السلوك، خاصة إذا كان موجها من الأم، بالإضافة إلى مشكلات الطلاق بين الوالدين، حيث وجد أن نسبة 60% من المطلقين في الولاياتالمتحدة لديهم أطفال تحت سن 5 سنوات يعانون من الاضطرابات النفسية . لذلك يجب على الوالدين إزالة جميع الأسباب المحيطة بالطفل، والتي تسبب له الإزعاج، ومنها عدم تعرض الطفل للأوامر الكثيرة، وعدم تكليفه بأعمال تفوق طاقته، وتخصيص وقت كافٍ للعب مع الطفل وعدم إخضاعه لجدول غير مرن من حيث المواعيد الدقيقة في الواجبات والنوم والدراسة، كذلك تجنب التناقض في الأوامر بين الوالدين في تربية الطفل، وإعطاء فرصة له لممارسة هوايات متعددة فالمساواة بين الأخوة، وحسن المعاملة، وعدم التدليل الزائد، وهدوء الأجواء الأسرية والبُعد عن المشاكل والخلافات. كما أن مراعاة مبدأ الفروق بين الأطفال وتقدير كل طفل على حدة، وعدم المقارنة أو المفاضلة بين أخ وآخر، من شأنه التقليل من تعرض الأطفال للأمراض النفسية. ومن الضروري مراعاة استشارة الطبيب المتخصص وعدم الخجل من كشف ما يعاني منه الطفل، حتى لا تتفاقم الأعراض البسيطة، وتصبح مرضا يؤثر على حياة الأسرة بأكملها.